السبت, 06 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

الملف|خفايا التحالف «الإيراني- الأمريكي» في العراق (3)

المجلة - | Wed, Nov 7, 2018 3:34 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

<< التنسيق المشترك بين واشنطن وطهران ضد صدام حسين بدأ بعد حرب «تحرير الكويت» عام 1991

<< السفير الأمريكي الأسبق في بغداد: إدارة «بوش» تعاونت مع قاسم سليماني حول الوضع السياسي في العراق

<< «أبطحي» نائب الرئيس الإيراني السابق: لولا تعاون إيران مع أمريكا لما سقطت بغداد بهذه السهولة!

 

 

لم يمنع «العداء المعلن عنه» بين إيران والولايات المتحدة، طهران من التواطؤ ضد الأمة العربية بأكملها في ملف غزو واحتلال العراق عام 2003، وهو الغزو الذي أدى إلى ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي فيما بعد، ذلك التنظيم الذي لعب دورا أساسيا في تخريب كل من العراق وسوريا، لمصلحة أعداء الأمة العربية.

وعلى الرغم من الحملات الكلامية المتبادلة بين النظام الإيراني والولايات المتحدة، واستعمال الملالي في خطبهم السياسية عبارات نارية مثل «الشيطان الأكبر» وغيرها من الشعارات الفارغة للاستهلاك الإعلامي، فقد تواطأت إيران مع أمريكا لغزو واحتلال العراق عام 2003، لأسباب عديدة على رأسها إسقاط الرئيس الراحل صدام حسين، عدوهما المشترك.

بدأ التنسيق «الإيراني- الأمريكي» المشترك ضد العراق بعد حرب تحرير الكويت عام 1991، حيث عُقدت عدة لقاءات تنسيقية عديدة بين الطرفين في عدة دول منها سويسرا بعد أحداث 11 سبتمبر «أيلول» مباشرة.

وحين تأكدت إيران أن الولايات المتحدة عازمة على غزو العراق واحتلاله، بدأت تتناغم مع واشنطن مرة بشكل علني ومرات عديدة بشكل سري، وحيثما أرادت واشنطن المساعدة من طهران، أبدى الإيرانيون سعادتهم بتقديمها، لأن طهران كانت تعلم جيداً أن إسقاط نظام «صدام» في العراق لا يمكن أن يتم إلا عن طريق الولايات المتحدة، بل الحقيقة أن الإيرانيين كانوا متلهفين لمساعدة الأمريكان في احتلال العراق واستمرار احتلاله بكل الوسائل المتاحة لهم على الأرض العراقية.

الاتفاق السري

تكشفت أسرار هذا التواطؤ الإيراني لاحتلال العراق على مدار الأعوام الماضية، حيث كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في عام 2016، النقاب عن اتفاق سري بين واشنطن وطهران سبق الغزو الأمريكي للعراق.

وذكرت الصحيفة أن اجتماعات سرية عقدت في «جنيف» بين محمد جواد ظريف، السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة آنذاك، ومسؤولين أمريكيين كبار طلبوا من طهران الالتزام بعدم إطلاق الصواريخ والمضادات الأرضية على أي طائرة أمريكية تحلق «دون قصد» فوق الأراضي الإيرانية، وأن تسهم إيران بعد ذلك في تشجيع الشيعة العراقيين على المشاركة البناءة في الحكم.

وأكدت الصحيفة أنه بعد تعيين زلماي خليل زادة سفيراً لأمريكا في العراق عام 2005، واصل السفير دوره في فتح قنوات اتصال مع إيران، حيث أبلغ مسؤولين عراقيين إيران بأن واشنطن على استعداد للدخول في حوار مع طهران.

وقال «زادة» في كتاب له صدر أواخر عام 2016، تحت عنوان «المبعوث": «كنا نريد التزاما من إيران بأنها لن تطلق نيران مدافعها صوب الطائرات الأميركية التي تحلق من غير قصد فوق الأراضي الإيرانية، وهو ما حدث بالفعل».

وفى 2006 كانت هناك فرصة للحوار بين البلدين حيث وافق علي خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني، على طلب تقدم به عبد العزيز الحكيم، السياسي الشيعي العراقي المحسوب على إيران، بتكثيف المساعي والمحادثات مع واشنطن في الملف العراقي.

وأبلغ «زادة» المسؤولين الإيرانيين بأن إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش «الابن» تريد تأسيس «حكومة ديمقراطية» في بغداد تكون في سلام مع جيرانها.

وأضاف «زادة» في كتابه أن التحرك الإيراني تجاه الغزو الأمريكي كان يتراوح بين الحماس الشديد لإسقاط «صدام» من سدة الحكم، وبين الخوف والريبة من تمكن الأمريكيين من زمام الأمور في العراق. ومن هذه المفهوم انطلقت الاستراتيجية الإيرانية في مواجهة التحدي القادم من الحدود الغربية.

وأكد السفير أن إدارة «بوش» تعاونت ونسقت مع الجنرال الدموي قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني عام 2006 حول الوضع السياسي في العراق، وأن «سليماني»، التقى براين كروكر، السفير الأميركي الأسبق في كل من لبنان وأفغانستان والعراق والكويت؛ للتنسيق والتشاور حول احتلال العراق وأفغانستان.

من جانبها، قالت الصحفية الأمريكية هيلين كوبر أن الطائرات الأمريكية كانت تقصف العراق من الجو، وقاسم سليماني يقود القوات على الأرض، في تعاون عسكري كامل بين الولايات المتحدة وإيران، ولكن لا أحد منهما أراد أن يعلن ذلك صراحة على الملأ!

وقائع الخيانة المعلنة

بعد الغزو، تعامل الأمريكان مع الأذرع الإيرانية في العراق المحتل، حيث لا يخفى أن جل الأحزاب والمنظمات والمليشيات التي خانت وطنها وتعاونت مع الاحتلال كانت مؤسسة ومدربة في إيران، مثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وجناحه المسلح «فيلق بدر» وحزب الدعوة، وكان هؤلاء هم عصب النظام العراقي الجديد بعد الاحتلال.

وكان من المفترض أن تستثمر طهران المقاومة العراقية الباسلة للاحتلال الأمريكي لصالحها في صراعها «المعلن» مع الولايات المتحدة، إلا أن الذي جرى على الأرض كان بخلاف ذلك، حيث قامت أذرع الإيرانية الشيعية التي أمسكت بزمام السلطة باعتقال أفراد المقاومة أو حتى المشتبه بعلاقتهم مع المقاومة، وحتى خطباء المساجد الذي يحثون الناس على الصمود كان يتم اعتقالهم وقتلهم بطريقة بشعة. وبعض الذين أفرج عنهم صرحوا أن بعض ضباط التحقيق كانوا يتكلمون الفارسية!

وأدى الاحتلال الأمريكي للعراق إلى حدوث تداعيات كبيرة على النظام الإقليمي العربي بأكمله، بل وعلى منطقة الشرق الأوسط برمتها، فقد خرجت إيران والولايات المتحدة الأمريكية من الغزو باعتبارهما «القوى الأساسية» في المنطقة، خاصة أن الاحتلال الأمريكي للعراق تجاوز مرحلة «إسقاط نظام عربي» إلى مرحلة تدمير مقومات الدولة العراقية، حيث قامت الولايات المتحدة بفرض عملية سياسية على أسس طائفية، بحيث ينقسم العراق إلى طوائف من سنة وشيعة وعرب وأكراد كل منهم يبحث عن دور في العملية السياسية.

وهذا هو بالضبط ما أرادته كل من الولايات المتحدة وإيران، حيث خرج العراق من ميزان القوى العرب ومن المعادلة الاستراتيجية خارج منطقة الخليج، وانشغل تماما بمشكلاته الداخلية، بعد أن كان من أهم الفواعل العربية في منطقة الشرق الأوسط.

وأضر الدور الإيراني بالعراق والعراقيين أكثر مما حقق لهم من مصالح، فقد كان سببا في عزل العراق عن حاضنته العربية الأم، فقد استطاعت إيران أن تسيطر على العراق من خلال إيصال مؤيديها من ساسة العراق إلى السلطة، ودعمهم للبقاء طويلا في سدة الحكم.

واعترف محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية سابقا، في ختام أعمال مؤتمر «الخليج وتحديات المستقبل» الذي عقد في الإمارات في يناير 2004، بأن «بلاده قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربهم ضد أفغانستان والعراق، لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة»!

ويرصد المفكر الشيعي محمد حسين فضل الله «مبررات» العلاقة الخفية بين إيران وأمريكا، رغم العداء المعلن عنه بين الجانبين، قائلا: "أتصور أن السياسة الواقعية التي انتهجتها إيران في تطوير الأيديولوجيا على أساس الموازين الشرعية، لمصلحة الواقع السياسي والاقتصادي والأمني، يمكن أن تفسح المجال لتطوير العلاقات الإيرانية مع الواقع الدولي حتى مع أمريكا. وفي الواقع فإن الخطوط السياسية في إيران لا تمنع من علاقات مع أمريكا، ولكن مسألة التجاذب والجدية بين واشنطن وطهران هي مجرد مسألة شروط فقط، تخضع لمصلحة الطرفين معا، دون أي حساسيات سياسية أخرى».

كلمات مفتاحية:

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت