الأحد, 01 يونيو 2025
اخر تحديث للموقع : منذ يوم
المشرف العام
شريف عبد الحميد

أسئلة الساعة

الكُتُب - سحر عزوز | Tue, May 20, 2025 3:51 PM
الزيارات: 455
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

هذا الكتاب، هو محصلة نقاشات وحوارات ضافية حول حاضر ومستقبل الشرق الأوسط، مع مجموعة من صفوة المثقفين والمفكرين والساسة وخبراء القانون الدولي، العرب والكرد والأرمن، أجريتها خلال الأعوام الماضية.

وكان الهاجس الأساسي لهذه النقاشات، هو طرح "أسئلة الساعة" العربية على هذه الصفوة الثقافية، بحثًا عن إجابات شافية عليها، خصوصًا أن هذه الأسئلة لا تُهم الرأي العام العربي فحسب، بل تمس كذلك مستقبل شعوب مضطهدة أخرى في المنطقة، من بينها الشعب الكردي، ناهيك عن أقليات دينية وعرقية مثل الإيزيديين والأرمن وغيرهم.

ولا جدال أن العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على قطاع غزة، هو الأشد دموية، ضمن الجولات الثماني السابقة من الصراع منذ عام 2007 حتى الآن، فقد أدى هذا العدوان الهمجي الذي أعقب عملية "طوفان الأقصى"، إلى حصيلة دامية، باستشهاد أكثر من 45 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وارتفاع عدد الجرحى إلى 108 آلاف، حتى كتابة هذه السطور. ومازال العدوان مستمرًا.

ولابد لنا، إزاء هذا الحال المأساوي الذي يُدمي قلب كل عربي، أن نضع أمام المحللين السياسيين وخبراء القانون الدولي تساؤلات حول إمكانية خضوع بنيامين نتنياهو وعصابته اليمينية المتطرفة من أعضاء حكومة الاحتلال أخيرًا لسطوة العدالة الدولية، خصوصًا بعد صدور أمر اعتقاله ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت من "المحكمة الجنائية الدولية" في هولندا، فضلًا عن الدعوى القضائية التي أقامتها دولة جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، فهل يأتي يوم نرى فيه نتنياهو معتقلًا يواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة ولبنان؟

وإذا لم يحدث ذلك، فكيف تمارس "محكمة العدل الدولية" عملها وتُصدر مذكرات اعتقال لا تُنفذ ضد مرتكبي جرائم الإبادة في عالم تحكمه توازنات تؤدي لسيادة مبدأ "الإفلات من العقاب؟. وإزاء ما يحدث تحت سمع وبصر العالم أجمع: هل تضرّر مفهوم "العدالة الدولية" الذي حاولت الأمم المتحدة تكريسه في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية جرّاء ما يحدث من جرائم إبادة في غزة؟

في هذا السياق، علينا أيضًا البحث عن إجابة شافية لسؤال مصيري آخر، بشأن القضية الفلسطينية، قضية العرب الأولى، وهو: هل جاءت الدعوات إلى "ضم" الضفة الغربية للكيان الإسرائيلي، وتحقيق حلم ما يُسمى في الأدبيات الصهيونية "إسرائيل الكبرى"، كنتيجة لحرب غزة الحالية، أم أنه مخطط قديم؟ لماذا ظهر مخطط ضم الضفة الغربية في هذا التوقيت بالذات؟ وهل يستغل اليمين المتطرف رد الفعل الدولي الباهت تجاه العدوان على غزة، وينجح في تنفيذ أطماعه التوسعية؟

من جهة ثانية، من حقنا أن نتساءل، كيف تسنى لإيران الحصول على هذه المكانة الخطيرة في الشرق الأوسط، وما هي أبرز محددات سلوكها الإقليمي المهدِّد لاستقرار الإقليم، وكيف يمكن مواجهة هذا السلوك العدواني المستمر؟

ويقول المفكر العراقي الكبير د. عبد الحسين شعبان، ضمن إحدى نقاشات الكتاب، إن "أمراء الطوائف" يتحكّمون في القرار السياسي العراقي، ويسيطرون على مُقدرات الدولة. وذلك بسبب "الطائفية السياسية" التي كرسها الاحتلال الأمريكي للبلاد منذ عام 2003، مؤكدًا أن انهيار مؤسسات الدولة العراقية على أيدي المحتل الأمريكي كان يتوافق مع الرغبة الإيرانية والتركية.

واليوم، بعد 21 عامًا من الغزو الأمريكي، الذي تسبب في تدهور الدولة العراقية، وظهور "تنظيم داعش" الإرهابي، نتساءل: ما هو مستقبل النفوذ الإيراني في العراق، خصوصًا بعد انهيار "حزب الله" في لبنان، وهل يمكن أن تتخلى طهران عن هذا النفوذ يومًا ما؟

وقد تفرض التطورات السياسية الأخيرة على مستوى الإقليم، أن نطرح أسئلة مصيرية أخرى، من قبيل: ما هو مستقبل العلاقات العربية- الإيرانية في ظل التقارب الحالي بين السعودية وإيران واحتمالات التقارب مع مصر أيضًا؟، هل يمكن أن يتخلى النظام الإيراني عن بعض أهدافه التوسعية في المنطقة مقابل التصالح مع جيرانه العرب؟

وإذا حدث ذلك، هل نستطيع حقًا "التعايش" مع المشروع الإيراني في المنطقة. وهو مشروع مستمر، ولن ينتهي بطبيعة الحال لمجرد أن طهران أقامت علاقات سوية مع جيرانها، أم أننا نتوقع أن يتخلى الملالي عن مبدأ أساسي من المبادئ التي وضعها موسوي الخميني منذ استيلائه على عرش إيران، وتبعه في تنفيذها نظام "آيات الله"، وحلفائهم في الشرق الأوسط؟

ولقد اندلعت عدة ثورات شعبية في إقليم الأحواز العربي ضد الاحتلال الإيراني، لكنها فشلت في إسقاط حكم الملالي للإقليم العربي السليب منذ عام 1925، لذلك كان لابد أن يتطرق النقاش في هذا الكتاب، إلى كفاح الشعب العربي الأحوازي منذ عقود طويلة، لإنهاء الاحتلال الإيراني لبلاده وإعلان دولة الأحواز العربية المستقلة، فما هي إمكانات تحقيق هذا الحلم الكبير؟ هل بات الحديث عن استقلال الإقليم أو حتى تمتعه بالحكم الذاتي ممكنًا؟

وفي هذا الصدد، هل يمكن للدول العربية المجاورة لإيران، والمُكتوية بنار نظام الملالي منذ عام 1979، اعتبار قضية الأحواز "خط دفاع" أول أمام الأطماع الإيرانية في المنطقة؟ ليس من قبيل "الاستخدام السياسي" كما يفعل الملالي، بل باعتبار هذه القضية جزءًا لا يتجزأ من القضايا العربية المصيرية، مثلها مثل قضية فلسطين؟

وعلى مستوى الداخل الإيراني، تُطرح تساؤلات كبرى عن مستقبل نظام الملالي، خاصة في ظل تدهور صحة المرشد علي خامنئي، ومصرع الرئيس السابق إبراهيم رئيسي في حادث طائرة تحوطه الشبهات، فضلًا عن الأوضاع السياسية والاقتصادية الداخلية في إيران بعد 45 عامًا من حكم "الولي الفقيه"، وهل سيستمر هذا النظام في الحكم أم أنه سيسقط عاجلًا أو آجلًا؟

إن هذه التساؤلات لا تخص الشعوب الإيرانية المضطهدة وحدها، بل إن الإجابة عليها هي جزء من البحث في مستقبل الشرق الأوسط برمته، فمن المعلوم أن إيران هي أكبر دولة مزعزعة للاستقرار في المنطقة، وهي بالنسبة للملالي "سياسة دولة"، وليست مجرد توجه للمتشددين أو "المحافظين" دون غيرهم من الإصلاحيين.

من جهة أخرى، نفذت تركيا منذ تدخلها العسكري في الصراع السوري عام 2018 عمليات تغيير ديموغرافي و"تتريك" واسعة النطاق شمال سوريا، وثمة تساؤلات تطرح نفسها، في هذا الكتاب، حول مستقبل "الاحتلال التركي" لأجزاء من التراب العربي السوري، وما هو الخيط الرابط بين سياسية أنقرة التوسعية، وبين سياسة "العثمانية الجديدة" التي نفذها الرئيس التركي رجب أردوغان.

ولا شك أن سياسات "التغيير الديموغرافي" التي تنتهجها تركيا في شمال سوريا، لا تساهم في حل الأزمة السورية مطلقًا، وإنما هي تعقد المسائل أكثر. وهذه الممارسات التركية هي أكبر خطر على مستقبل سوريا.

فهل سيتمكن ضحايا التغيير الديموغرافي في سوريا، خصوصًا السكان الكرد، من استرداد أراضيهم وبيوتهم يومًا ما، أم أنهم صاروا "مجرد أرقام" ضمن ضحايا الكارثة السورية؟

كما ينفذ الجيش التركي عمليات إبادة جماعية ومذابح دموية ضد الشعب الكردي في سوريا، عبر القصف اليومي للمناطق والقرى الكردية، لإحداث تغيير ديموغرافي واسع النطاق والقضاء على المشروع الديمقراطي الذي تقوده "الإدارة الذاتية" في المنطقة. وتلك هي القضية الأكثر خطورة وإلحاحًا على الضمير الإنساني، وعلى مؤسسات العدالة الدولية، فهل يمكن محاسبة أردوغان ونظامه يومًا ما على جرائمهم في حق الكرد؟

كل هذه التساؤلات المصيرية، المشروعة، التي يمكن اعتبارها أسئلة الساعة العربية حقًا، بل أسئلة شعوب الشرق الأوسط كافة، يطرحها هذا الكتاب على عدد من كبار المثقفين والساسة والباحثين وخبراء القانون الدولي. وذلك، في محاولة جادة للإجابة عليها، أو على بعضها على الأقل، حتى نستطيع استقراء مستقبل المنطقة، بحثًا عن مستقبل أفضل لكل شعوبها، من دون العدوانية الإسرائيلية، والإيرانية والتركية، حتى نصنع مستقبلنا بأنفسنا.

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت