اتهمت منظمة العفو الدولية (أمنستي) التحالف الدولي بارتكاب «انتهاك صارخ للقانون الدولي» في مدينة الموصل العراقية لعدم اتخاذه الاحتياطات الكافية لحماية المدنيين، مشيرة إلى مقتل مئات المدنيين في الموصل، بعدما أمرتهم السلطات العراقية بالتزام منازلهم رغم الغارات الجوية للتحالف.
من جانبه قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إن ما وصفها بادعاءات استهداف المدنيين هدفها إنقاذ تنظيم الدولة «في اللحظات الأخيرة».
وأوضحت دوناتيلا روفيرا كبيرة مستشاري الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية، اليوم الثلاثاء، أن «عدد القتلى المدنيين الكبير يشير إلى أن قوات التحالف التي تقود الهجوم في الموصل فشلت في اتخاذ الاحتياطات الكافية لمنع وفيات المدنيين، في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي».
ولفتت روفيرا إلى أن الأدلة الملموسة التي جمعت في شرق الموصل، تشير إلى نمط مزعج من غارات التحالف الدولي، التي دمرت منازل وبداخلها عائلات بأكملها.
وذكرت العفو الدولية أن مئات من المدنيين العراقيين قتلوا في الموصل خلال الأشهر الأخيرة بعدما طلبت منهم السلطات العراقية البقاء في منازلهم رغم الغارات الجوية التي شنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مواقع تنظيم داعش.
وأضافت أن التعليمات الصادرة عن السلطات العراقية، تعني أنه كان على قوات التحالف أن تعلم أن عددا كبيرا من الضحايا المدنيين قد يسقط جراء أي ضربات جوية.
وضربت منظمة العفو مثالا عن العدد الكبير من الضحايا المدنيين في غارة حدثت يوم 17 مارس (آذار) آذار الجاري، وأودت بحياة ما لا يقل عن 150 مدنيا في حي الجديدة بالموصل.
اعتراف التحالف
في اعتراف صريح، قال التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، إنه فتح تحقيقا في مقتل عشرات المدنيين غرب الموصل نتيجة غارة جوية نُفذت بناء على طلب الجيش العراقي، بينما أكد الجيش الأميركي السبت أن طائرات حربية تابعة له نفذت هذه الغارة.
ونفى متحدث باسم الجيش الأميركي، أمس، أن يكون التحالف قد خفف من قواعد الاشتباك فيما يتعلق بالضربات التي استهدفت تنظيم الدولة في العراق وسوريا، بعد غارات أوقعت قتلى مدنيين.
وفي هذا السياق قالت وزارة الدفاع الأميركية أمس، إنها تراجع أكثر من 700 فيديو لغارات شنتها طائرات التحالف على غرب الموصل في العراق، بعد ورود تقارير عن تسبب القصف الجوي في مقتل عدد كبير من المدنيين.
ولم ينف المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية جي تي توماس إلقاء قنابل بشكل مباشر على المنطقة التي قتل بها مدنيون، لكنه أوضح أن القنابل المستخدمة «دقيقة إلى حد بعيد».
مراعاة اللاجئين
من جانبه طالب رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري القوات التي تقاتل في معركة الموصل بمراعاة أوضاع المدينة المكتظة بالسكان، لضمان عدم تكرار أخطاء العمليات العسكرية مرة أخرى.
ودعا الجبوري في بيان عقب لقائه ممثل الأمين العام الأممي في العراق يان كوبيتش، الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، إلى بذل أقصى الجهود لإغاثة النازحين وتقديم العون والمساندة الغذائية والصحية لهم.
في المقابل قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن ما وصفه بتعالي الصيحات والادعاءات باستهداف المدنيين، هدفه إنقاذ تنظيم الدولة «في اللحظات الأخيرة» ووقف الدعم الدولي للعراق في حربه ضد «الإرهاب».
وأضاف العبادي خلال لقائه عددا من الإعلاميين والمحللين السياسيين: «لا أحد يزايد علينا في حماية المدنيين، ومنذ انطلاق العمليات العسكرية أكدنا على تحرير الإنسان قبل الأرض».
وأضاف أنه فتح تحقيقا «مبكرا» وأرسل لجنتين للتحقيق في ملابسات ما سماه التفجير في الموصل الذي أودى بحياة عدد من المواطنين، مؤكدا أن هناك نتائج أولية تشير إلى «خلاف ما أشيع»، محذرا من محاولات «التفريط في التضحيات»، ونافيا الأنباء التي أفادت بوجود مطالب لحل ميليشيات الحشد الشعبي.
وكان العبادي قد انتقد السبت في كلمة أثناء لقائه قادة الحشد الشعبي، ما وصفه بالإعلام المغرض، وقال: «كلما نحقق انتصارات تثار حفيظته ويبدأ بتلفيق الأكاذيب، وإن من حرض على دخول عصابات داعش الإرهابية لن نسمح له بتصدر المشهد مجددا».
تأتي هذه التطورات بينما نقلت وكالة الأناضول عن ضابط عراقي كبير سقوط مزيد من الضحايا المدنيين في غارات للتحالف غربي الموصل أمس الاثنين، وقال إن 43 مدنيا قتلوا في القصف الأخير، بينهم نساء وأطفال.
من جانبها أكدت رئيسة مجلس قضاء الموصل بسمة بسيم، أن «أكثر من 500 مدني أعزل قُتلوا في غارات للتحالف الدولي على حي الموصل الجديدة، أثناء التمهيد لدخول القوات العراقية إليه قبل نحو أسبوع، وأن ما حصل يكاد يكون مقصودا؛ لأنه لم يستهدف مقاتلي تنظيم الدولة الذين لم يتجاوز عددهم 6 أشخاص قبل خروجهم من الحي».
المصدر|بوابة الخليج العربي