الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

الصراع العلني بين روحاني وخامنئي

ملفات شائكة - | Fri, Mar 24, 2017 4:48 PM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

تضمنت خطابات القيادات الإيرانية بمناسبة العام الفارسي الجديد “نوروز” تناقضا واضحا يكشف عمق استياء الأطراف المتصارعة من بعضها البعض ويزيح الستار عن وجود خوف ينتاب المرشد الذي يمثل أعلى سلطة في البلاد، ويشير إلى تصاعد الخلافات وتبادل الاتهامات ودخول البلاد في مأزق الأزمات المستعصية التي لم يعد للحكومة والنظام القدرة على الحد منها ما ينذر بقرب اندلاع احتجاجات شعبية جراء تفاقم المشكلات المعيشية وسير البلاد إلى المجهول.

ففي الرسالة التي وجهها المرشد خامنئي للشعب الإيراني بمناسبة عيد النوروز، انتقد فيها بشدة الأوضاع الراهنة في إيران معلقا فشل البلاد وتفريخ الأزمات على عاتق إدارة حكومة روحاني، حيث اغتنم خامنئي هذه المناسبة التي جاءت قبيل الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في مايو المقبل، لتشويه صورة الرئيس روحاني وتوجيه رسالة للشعب الإيراني بالابتعاد عن التصويت للمرشحين الإصلاحيين والمعتدلين لعدم كفاءتهم وفشلهم في إدارة البلاد، وهي أيضا رسالة تتضمن قرارات ضمنية في توجيه الأجهزة العسكرية والأمنية لتكثيف جهودهم لكبح جماح ما تبقى من الرموز الإصلاحية والمعتدلة رغم تقديمهم الولاءات الكاملة للمرشد، إلا أنهم يعملون لتقليص صلاحية المرشد والحد من نفوذ الحرس الثوري، ما يستوجب إزاحتهم بالكامل وخاصة بعد الخلاص من كبيرهم رفسنجاني.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه المرشد الإيراني على فشل حكومة روحاني في إدارة البلاد، تخرج رسالة متناقضة من الأخير ليؤكد فيها أن حكومته سجلت إنجازات اقتصادية كبيرة خلال فترة الحكم، منها خفض نسبة التضخم وخلق فرص العمل، وتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 8%، مشددا على أن العام الجديد سيشهد المزيد من الرخاء الاقتصادي وأن الحكومة ستعمل على تقديم المزيد من الخدمات للشعب الإيراني في شتى المجالات.

وفي قراءة لآخر خطابات رموز التيار المتشدد وعلى رأسهم خامنئي، وما استوجبت من ردود أفعال من قبل الإصلاحيين والناشطين، يتضح أن النظام الإيراني يشعر بالقلق والخوف من حدوث احتجاجات في هذا العام وخاصة فترة عقد الانتخابات، فمن المؤكد أن الانتخابات ستتم حسب ما يريد الحرس الثوري، ولن تكون نزيهة أو حرة، وهذا ما سترفضه الشعوب الإيرانية كما حدث عام 2009 عندما اندلعت الحركة الخضراء وكادت أن تسقط النظام لولا قوة بطش الحرس الثوري والأجهزة الأمنية وقمعهم لمئات الآلاف الذين خرجوا محتجين على تزوير الانتخابات.

ومن الإجراءات الاستباقية التي بدأت استخبارات الحرس الثوري تكثفها في الفترة الأخيرة استعدادا للسيطرة التامة على مجريات الانتخابات نستطيع أن نستشف بما لا مجال للشك فيه أن أجهزة النظام تخشى من حدث قوي لا تستطيع السيطرة عليه، كثورة عارمة أو حراك مسلح أو تدخل عسكري، ما جعلها تكثف من عمليات اعتقال الصحفيين والناشطين السياسيين الذين يعبرون عن عدم رضاهم بنظام ولاية الفقيه، وتلفيق التهم برموز إصلاحية أمثال فائزة رفسنجاني التي حكم عليها بالسجن 6 أشهر لمجرد أنها تحدثت عن أرصدة وحسابات بنكية تعود للمتشدد رئيس السلطة القضائية صادق آملي لاريجاني وعن قضايا فساد أخرى تتعلق برموز النظام والحرس الثوري، واقتحام 12 منزلا واعتقال أكثر من 12 شخصا ونقلهم إلى جهات غير معلومة، وحسب التقارير فإن هناك هجمات مسعورة وأعمال قمع تمارس من قبل مؤسستين أمنيتين معروفتين بشدة قمعهما، وهما وزارة الاستخبارات الإيرانية والمعروفة بـ “وزارة اطلاعات” والأخرى استخبارات الحرس الثوري، حيث بدأت هاتان الجهتان بعمليات اقتحام لمنازل المواطنين والقيام بالاعتقالات العشوائية.

ووفقا لما يجري في الداخل الإيراني، فإن ما يقلق النظام حاليا هي عدة عوامل برزت مؤخرا بشكل ديناميكي لم تكن مدروسة في أذهان صانعي القرار الإيراني، كوصول ترامب للرئاسة وإصراره على عزل إيران وربما تغيير النظام الذي أصبح غير قابل للإصلاح، ووجود إجماع شبه دولي على اعتبار النظام الإيراني أكبر داعم للإرهاب ومزعزع لأمن واستقرار المنطقة والعالم، ما يستوجب وضع استراتيجية دولية وإقليمية لتحجيم الدور الإيراني ومنع التدخلات السافرة في دول المنطقة حتى لو اقتضت الضرورة استخدام القوة العسكرية.

الأمر الآخر هو اتساع الفجوة بين مركز السيطرة الكاملة على البلاد وهو المرشد من جهة والتيارات الإصلاحية والمعتدلة والشعوب الإيرانية وخاصة غير الفارسية من جهة أخرى، وظهور بوادر رفض لنظام ولاية الفقيه بطريقة خامنئي قادها قبل رحيله هاشمي رفسنجاني وهناك الآن بعض الشخصيات والرموز المدعومة شعبيا تعمل على حمل الراية واستكمال المهمة، وخلال الأشهر الماضية، شهدت الكثير من المناطق في إيران حشودا وتجمعات أعربت عن غضبها على هذا النظام.

والأكثر قلقا للنظام الإيراني هو تدهور الاقتصاد لدرجة تنذر بسقوطه، وهو ما أكده صندوق النقد الدولي في تقرير له عن أن التضخم في الاقتصاد الإيراني سيصل إلى 12%، ومن الطبيعي مع الركود الفعلي في الاقتصاد الإيراني أن تكون هذه النسبة في معدل التضخم قاتلة ومميتة للغاية، والتقارير التي تتحدث عن ارتفاع كبير لمعدلات الفقر والبطالة وتفشي الفساد تتضمن تحذيرا خطيرا يصل إلى حد سقوط النظام كما صرح به أحد رموز التيار المتشدد والحرس الثوري محسن رضائي وأيضا النائب والسياسي أحمد توكلي.

لذا فإن أحد أهم حدثين تنتظرهما إيران وهما الانتخابات القادمة وتعيين بديل عن خامنئي، سيكون له دواع وانعكاسات كبيرة على الساحة الإيرانية الداخلية يخشى النظام والحرس الثوري أن تصل إلى درجة الثورة التي ستنهي حكم ولاية الفقيه.

المصدر| مركز المزماة للدراسات والبحوث

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت