الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

هل تتحرك منظمات حقوق الإنسان الدولية؟

مطرقة الإعدام الإيرانية تستمر في حصد الأرواح

بدون رقابة - | Wed, Mar 22, 2017 3:16 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

اعتاد النظام الإيراني منذ وصوله للسلطة، على استخدام الإعدام كأداة لردع من تسول له نفسه المخالفة حتى أصبحت مكوًنا أساسًيا من مكونات الدولة فضلا عن استخدام هذا الإسلوب بشراهة لتحقيق أهدافها في منطقة الشرق الأوسط.

ويعاقب القانون الإيراني القائم بالعقوبات المتشددة والكبرى (الإعدام) على ارتكاب عدد من الجرائم هي ثمان أساسية من بينها الخيانة العظمى والتعاون مع العدو! وتحت هذا النص الواسع (الخيانة العظمى) تم تصفية آلاف من المعارضين الإيرانيين.

وتقول منظمة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة أن إيران على “رأس القائمة العالمية القاتمة لإعدامات القاصرين”، حيث تم تسجيل 73 عملية إعدام بين 2005 و2015، بينها 4 على الأقل العام أخر عام.

وتشير الاحصاءات إلى أن النظام الإيراني قام منذ وصوله للسلطة، خاصة في فترة الحرب العراقية -الإيرانية بإعدام 120 ألف معارض ينتمون للأحزاب والتنظيمات السياسية على رأسهم منظمة مجاهدي خلق.

إعدام 30 ألف سجين

أعدام النظام الإيراني 30 ألف سجين سياسي في صيف عام 1988، وكان أغلب السجناء من مؤيدي وأنصار حركة مجاهدي خلق والتي كانت مصنفة ضمن المنظمات الإرهابية، على الرغم من أن أعدم أنصار الفصائل اليسارية الأخرى، بما في ذلك فدائيون وحزب توده الإيراني. أدت هذه الإعدامات إلى اندلاع أعمال عنف سجلها التاريخ الإيراني.

إن العدد الدقيق للسجناء المحكومين عليهم بالإعدام لا تزال نقطة خلاف. سجلت منظمة العفو الدولية أسماء أكثر من 4482 سجين اختفوا خلال ذلك الوقت، لكن جماعات المعارضة الإيرانية تشير إلى أن عدد السجناء الذين أعدموا كان أعلى من ذلك بكثير، وربما يكون قد أعدم ما بين 8.000، إلى 30.000 سجين سياسي.

وحرصت السلطات الإيرانية على أن تتم عمليات الإعدام بتكتم وسرية تامة، وأن تنكر ذلك الحدث، ولكن لوسع نطاق العملية وبشاعتها تمكن الناجين ممن بقوا على قيد الحياة أن يدلوا بكلمتهم حول هذه الواقعة.

أدلة تورط النظام الإيراني

وكان الموقع الرسمي للمرجع الإيراني الراحل آية الله منتظري، قد نشر وثيقة صوتية منذ صيف 1988 أبدى فيها احتجاجه على الإعدامات التي طالت الآلاف من سجناء المعارضة خلال شهر ين، صادف بهما شهر رمضان.

ذكرت وسائل إعلام ناطقة بالفارسية نقلًا عن أحمد منتظري نجل المرجع الراحل آية الله منتظري أن وزارة الأمن والاستخبارات طلبت من الموقع الرسمي لهذا المرجع الشيعي المعارض حذف الملف الصوتي الذي يدين مسؤولين في النظام الإيراني لتنفيذ إعدامات جماعية بحق الآلاف من المعارضين خلال شهرين من الزمن في عام 1988.

ويصف منتظري، الذي كان حينها يشغل منصب نائب “الولي الفقيه”، الإعدامات بـ”أبشع جريمة ترتكبها الجمهورية الإسلامية الإيرانية” منذ تأسيسها في عام 1979.

ولا تزال المئات من عائلات الذين أعدموا خلال تلك الحقبة، يستجدون الحكومة لتحديد أماكن دفن ذويهم على أقل تقدير، دون أي تجاوب يذكر من قبل السلطات الإيرانية.

يذكر أن أحكام الإعدام الجماعية تلك، أصدرها رأس الهرم في النظام الإيراني في تلك الفترة الخميني الذي أصدر سرا فتوى لإضفاء غطاء شرعي على عمليات الإعدام، وذلك في رسالة جاء فيها “إن أعضاء مجاهدي خلق يحاربون الله، واليساريون مرتدون عن الإسلام”.

مذكرات خلخالي

ويوثق محمد صادق صادقي كيوي، المعروف باسم آية الله الحاج صادق خلخالي، في مذكراته أول حكم صدر من قبل المحاكم الثورية، فيقول إن أول أحكام الإعدام التي أصدرتها الجمهورية الإسلامية في إيران، كانت بعد يومين فقط من انتصار الثورة في فبراير 1979.

وسجلت تحت عنوان الإعدامات الثورية “بعد أن تلقيت الأمر (الأمر صادر تحت توقيع أية الله الخميني)، بدأت بمحاكمة المجرمين من “الدرجة الأولى”.

إن أول الأشخاص الذين تمت محاكمتهم وتم تنفيذ حكم الإعدام في حقهم، كانوا كلا من: رئيس جهاز السافاك نعمة الله ناصري، قائد القوات الجوية منوتشهر خسروداد، الحاكم العسكري في أصفهان رضا ناجي، الحاكم العسكري في طهران والقائد العام للشرطة في البلاد مهدي رحيمي.

وتم تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق هؤلاء الأربعة في مساء 16 فبراير، في مدرسة “الرفاه”، وقد أصدرت شخصيا حكم الإعدام بحقهم، حيث تم إعدامهم على سقف مدرسة الرفاه وهذه كانت أول حالات الإعدام (في النظام الجديد)”.

وبأمر مباشر من الخميني، أصدر صادق خلخالي حكم الإعدام بحق العديد من الأشخاص الذين حكم عليهم بالإعدام من قبل محكمة الثورة، تحت تهم “الإفساد في الأرض” ويعني ذلك بطبيعة الحال المعارضة السياسية.

وبعد الثورة، أصدر خلخالي عددا من أحكام الإعدام الغيابية بحق الكثير من مسؤولي النظام السابق وأقارب رموز الحكومة البهلوية تحت مسمى “الإفساد في الأرض”، كما سعى، وفقا لبعض التقارير، إلى اغتيال بعضهم في الخارج.

وفي شهر مارس 1980، تم اغتيال شهريار شفيق، نجل أشرف بهلوي (شقيقة محمد رضا شاه) في باريس، والأمر ذاته كان مصير اللواء غلام على أويسي، في فبراير 1984 تقريبا، في باريس أيضا.

في السنوات الأخيرة من عمره، أجرت بعض وسائل الإعلام المحلية والأجنبية مقابلة مع خلخالي تحدث فيها عن “إعدام ما يربو على 500 من القتلة واتباع نظام الشاه”، وأضاف أنه لا يشعر بأسف على ذلك، وتمنى أيضا أنه لو أعدم المزيد.

إعدام القاصرات

ولم يكتفي النظام الإيراني بذلك بل اتجه لإعدام قاصرات دون أدنى شفقة، رغم أن المعاهدات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، يحظروا تنفيذ أحكام الإعدام بحق الأطفال، سواء كانوا من الذكور أو الإناث.

وكشفت كشفت صحيفة جارديان البريطانية في يناير 2016 لأول مرة عن هوية عدد من قاصرات يقبعن في سجون إيران انتظارًا لتنفيذ عقوبة الإعدام على جرائم لا تستحق مثل هذه العقوبة.

وأوردت الصحيفة مجموعة من القصص المأساوية لفتيات قاصرات ينتظرن حكم الإعدام في إيران، منهن فتاة تُدعى ماسة، وتبلغ من العمر 17 عامًا، وهي بانتظار إعدامها شنقًا. أما سبب الحكم الصادر بحقها فهو إدانتها بالهروب مع شاب كانت ترتبط معه بعلاقة حب، واضطرارها إلى الهروب معه بسبب رفض والدها تزويجها له، لينتهي بها الأمر إلى حبل المشنقة.

أما الحالة الثانية التي أوردتها “جارديان” فهي لفتاة إيرانية تُدعى شقائق تبلغ من العمر 15 عامًا فقط. وترقد الفتاة في السجن منذ نحو عام بسبب إدانتها بالسطو المسلح على متجر في العاصمة طهران؛ حيث دخلت هي وصديقها المتجر بقصد السرقة، إلا أن صديقها لاذ بالفرار فور وصول الشرطة التي تمكنت من اعتقالها وحدها.

أما الحالة الثالثة التي ذكرتها الصحيفة، فهي لفتاة تُدعى سوجاند، تبلغ من العمر 16 عامًا فقط، وهي الحالة التي تبدو الأكثر مأساويةً من بين من ينتظرن الإعدام في إيران؛ إذ تصادف وجود الفتاة وحيدة في منزلها عندما اقتحمت قوات من الشرطة الإيرانية المنزل فوجدت في المنزل 250 كيلوجرامًا من المخدرات، منها 30 جرامًا من الكوكايين، و20 جرامًا من الهيروين، وهي كمية من المخدرات لا علاقة للفتاة القاصر بها؛ إذ أنها تعود إلى والدها، لكن الشرطة اعتقلت الفتاة وانتهى بها الأمر إلى الإعدام؛ بسبب كونها كانت وحدها في المنزل؛ وذلك على الرغم من وجود احتمال بأن الفتاة لا تعلم أصلًا بأن والدها يتاجر بالمخدرات.

وأشارت الصحيفة إلى أن من المعتقلات فتاة تدعى زهراء، تزوجت وهي في سن الــ14، ولديها طفلان ربتهما وهي في السجن، ولا تزال في السجن حتى الآن، وتبلغ من العمر 17 عامًا. أما تهمتها التي أدت بها إلى هذه السنوات في السجن فهي سرقة هاتف نقال.

ومن المعتقلات القاصرات في سجون إيران حالة مأساوية مرعبة لفتاة تدعى خاطرة، تبلغ من العمر 13 عامًا فقط؛ إذ هربت خاطرة من منزلها بعد أن تعرضت للاغتصاب من قبل عمها، وبعد أسبوع على هروبها تعرضت لجريمة اغتصاب أكثر ترويعًا؛ إذ تناوب اغتصابها مجموعة من الشباب المراهقين في إحدى حدائق طهران، وبعد أن انهارت خاطرة تمامًا آذت نفسها بسكين؛ حيث ألقت الشرطة القبض عليها وقدمت لها العلاج ثم أرسلت بها إلى السجن.

ومن جانبها دعت دعت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة إيران لإصلاح قوانينها التي تجيز إعدام فتيات بعمر التاسعة عقابا على جرائم اقترفنها، أو التي تجبرهن على الزواج من رجال يكبرونهن في السن.

وقالت العضو في اللجنة هند أيوبي الإدريسي “إن سن تحمل المسؤولية الجنائية في إيران ينطوي على تمييز. وهو بالنسبة للفتيات أقل وأقل إذ يبلغ 9 سنوات، في حين أنه 15 عاما للذكور. وفي سن التاسعة يمكن للفتاة أن تتزوج حتى وإن كان القانون يحدد سن الزواج بأنه 13 عاما”.

وذكرت اللجنة، بعد أن قيم 18 خبيرا مستقلا فيها الوضع في إيران و13 دولة أخرى، أن طهران ما زالت تعدم أطفالا وشبابا ارتكبوا جرائم حين كانوا تحت سن 18 عاما، وهذا ما يمثل انتهاكا للمعايير الدولية.

أسئلة الإعدام

ويقول الباحث في الشؤون الإيرانية البروفيسور المعروف يرواند إبراهامیان في كتابه الشهير “إيران بين ثورتين”: إن النظام الإيراني كان يطرح بعض الأسئلة على السجناء قبل محاكمتهم من بينها: هل أنت على استعداد لوضع حبل المشنقة حول رقبة أحد المنافقين؟ هل أنت مستعد لأن تقوم بتطهير الحقول الملغمة من الألغام ليتقدم جيش الإسلام؟ إن أي إجابة سلبية واحدة على أي من هذه الأسئلة تعني الحكم بإعدام ذلك الشخص، وبالتالي أخفق الآلاف من هؤلاء في تجاوز هذا الاختبار العصيب، وكانت الخطوة التالية نقلهم إلى غرف أخرى ليقوموا بكتابة وصاياهم وكلماتهم الأخيرة قبل تنفيذ أحكام الإعدام فيهم.

ويبقى السؤال لماذا أمام كل تلك الحقائق٬ يقف الإعلام العالمي متردًدا أمام عنف الدولة الإيرانية في الوقت الذي يضج بالصراخ محًقا على أحداث إرهاب شخصية؟!

التقرير

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت