في اعترافات واضحة وصريحة أدلى بها أحد أكبر المسؤوليين الإيرانيين، الخميس الماضي، فإن إيران "تقاتل" في عدة دول بالمنطقة، سواء بمقاتليها الإيرانيين أو أنصارها من مواطني تلك البلدان ومن بينها مملكة البحرين.
ولم يخفِ نائب القائد العام لقوات حرس الثورة الخمينية، العميد حسين سلامي، تدخل إيران في الشأن الداخلي لبلدان عربية، مؤكداً أن ذلك التدخل حقق تقدماً.
جاء ذلك في كلمة ألقاها بملتقى "الصحوة الإسلامية في فكر الإمام الخميني"، الخميس، قال فيها: إن "الجمهورية الإسلامية حققت التقدم، رغم أنها كانت تقاتل في ظل الحصار والحظر في عدة جبهات من النواحي السياسية والاستخبارية والحرب النفسية والثقافية والإعلامية"، بحسب وكالة أنباء "فارس".
وأكد سلامي قائلاً: "لقد دعمنا الشعب اليمني المظلوم، ومطالب شعب البحرين المشروعة، ونسعى لإحياء الحركة الفلسطينية، وسعينا لإنقاذ الشعب العراقي المسلم من الحرب الأهلية، كما بذلنا وما زلنا لمواجهة أعمال التكفيريين الإجرامية الفظيعة والشريرة والرامية إلى إثارة التفرقة في العراق وسوريا".
وأضاف: "سنواصل الكفاح ضد عالم الاستكبار حتى وصول الشعوب المسلمة إلى حقوقها المشروعة، ونحن عاقدون العزم ولن نتخلى أبداً عن هذا الجهاد الكبير".
تصريحات المسؤول الإيراني الكبير لم يمض عليها من الوقت أكثر من يوم واحد حتى شهدت البحرين حادثة أمنية خطيرة، تمثلت بهروب سجناء وسرقة أسلحة وبدلات عسكرية.
والبحرين إحدى الدول التي ذكرها العميد سلامي في خطابه، والتي وصف شعبها بـ"المظلوم" وأكد أن إيران تدعم "مطالب شعبها المشروعة"، في إشارة إلى أعمال عنف وخروج على القانون واعتداءات استهدفت المؤسسات الحكومية والخدمية في البحرين عام 2011.
وأعلنت وزارة الداخلية البحرينية، السبت، هروب عدد من الموقوفين بمركز الحبس الاحتياطي بمنطقة الحوض الجاف شمال شرقي البلاد، في حين عادت وأعلنت في وقت لاحق القبض على عدد منهم. وقالت في وقت متأخر من مساء الجمعة، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني: إنه "تم اتخاذ الإجراءات الأمنية والقانونية اللازمة حيال واقعة هروب عدد من الموقوفين بمركز الحبس الاحتياطي بالحوض الجاف".
تصريحات سلامي التي لم يكن تزامنها مع واقعة هروب السجناء "مصادفة"، بحسب مراقبين، إنما هي امتداد لتصريحات مرشد الجمهورية الإيرانية، علي خامنئي، الذي أكد في يوليو/تموز 2015، أن بلاده ستستمر في دعم ما أسماه المعارضة البحرينية وسائر حلفائها في المنطقة، حتى بعد توقيع الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة والدول الكبرى.
اقرأ أيضاً| البحرين تحبط تهريب 10 مطلوبين بتهم إرهابية إلى إيران
وبسبب هذا التصريح شهدت العلاقات البحرينية الإيرانية كثيراً من التوتر، بدأت بحالات استدعاء متكررة للقائم بأعمال السفارة الإيرانية في المنامة؛ وذلك للاحتجاج على التصريحات التي تصدر بشأن دعم إيران لما تسميه المعارضة الشيعية في البحرين.
وازداد التوتر في علاقة البلدين مع إعلان وزارة الداخلية البحرينية عن إحباط عملية تهريب عن طريق البحر لكميةٍ من الموادِ المتفجرة شديدة الخطورة، بجانب عددٍ من الأسلحةِ الآلية والذخائر مصدرها إيران.
وأوضحت الوزارة أنه تبينَ من خلال أعمال البحث والتحري والسؤال، أن أحد المقبوض عليهم كان قد تلقى تدريباتٍ عسكريةً في أغسطس/آب 2013 بإيران، وخضعَ لتدريبات مكثفة على كيفية صناعة واستخدام الموادِ المتفجرة (C4)، كما تم تدريبه على الغوص وطرق تنفيذ عمليات التفجير تحت سطح البحر، بالإضافةِ إلى الرماية باستخدام سلاح الكلاشنكوف، وذلك بمعسكرات الحرس الثوري الإيراني تحتَ إشراف مدربين إيرانيين.
وسُجل أول تدهور للعلاقات البحرينية الإيرانية مع اندلاع الاحتجاجات الشيعية في المملكة الخليجية مطلع عام 2011، في تحركات اتهمت الحكومة جمعية الوفاق "الشيعية" المعارضة ومن ورائها إيران بالوقوف خلفها، واستطاعت إخمادها بمساندة من قوات درع الجزيرة التي تقودها السعودية.
ومنذ ذلك الحين تصدر عن المسؤولين الإيرانيين تصريحات تتعلق بالشأن البحريني الداخلي؛ وهو ما يثير غضب المنامة وجميع الدول الخليجية.
وتصاعدت التصريحات الإيرانية بحق البحرين مع اعتقال السلطات البحرينية علي سلمان، أمين عام جمعية الوفاق الشيعية المعارضة، نهاية 2014، وهو ما أدانته إيران وطالبت بالإفراج عن سلمان محذرة من "خطر اعتقاله على أمن البحرين"، في تصريحات تفسرها المنامة على أنها تهديدات مرفوضة وتدخل مدان في الشؤون الداخلية.
وطهران لا ترى في تدخلها بالشأن البحريني إلا أن لها حقاً تريد استعادته يتمثل بأرض البحرين، مدعية أنها أرض إيرانية.
ففي عام 1927 أثارت إيران موضوع تبعية البحرين لها في عصبة الأمم المتحدة، وفي 21 سبتمبر/أيلول 1945 أبرزت جريدة "نيروز إيران" الحديث الذي أدلى به وزير الخارجية الإيراني في المجلس النيابي، الذي طالب فيه الولايات المتحدة بالتريث في استخراج النفط من الحقول البحرينية؛ نظراً للحقوق الإيرانية في البحرين.
وفي عام 1958 رفضت إيران اتفاقية التعاون الاقتصادي الموقعة بين المملكة العربية السعودية والبحرين، وفي هذا الاتجاه اعتبرت إيران المشروع السعودي بإقامة جسر يربط بين المملكة والبحرين بمنزلة إجراء تتخذه السعودية لإحباط أي محاولة تقوم بها إيران لضم البحرين.
وفي 3 يونيو/حزيران 1996 أعلنت الحكومة البحرينية الكشف عن حزب اللات البحريني، وهو حركة معارضة شيعية، ويعد أحد فروع حزب اللات الإيراني، هذا بالإضافة إلى وجود الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين، وهي حركة معارضة شيعية أُسست عام 1976 واتخذت طهران مقراً لها.
وعقب الكشف عن حزب الله البحريني ومخططه لقلب نظام الحكم، قررت المنامة سحب سفيرها في طهران وخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران إلى درجة قائم بالأعمال.
وفي سبتمبر/أيلول 2015 أعلنت البحرين أن قواتها الأمنية اكتشفت مصنعاً ضخماً لتصنيع القنابل، به 1.5 طن من المتفجرات في العاصمة المنامة، وألقت القبض على عدد من المشتبه بأنهم على صلة بالحرس الثوري الإيراني.
المصدر|الخليج أونلاين