الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

الإيرانيون تجاهلوا تهديدات ترامب سابقًا.. واليوم يشعرون بالقلق

في العمق - | Fri, Feb 10, 2017 2:23 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

كان من المفترض أن يكون هناك ليلة نقاش أسبوعية لمجموعة تجتمع لمناقشة الأفلام في حي للطبقة الوسطى في طهران. ولكن في هذا المساء تحديدًا، أراد المفكرون والطلاب وحتى ربات البيوت في المجموعة المكونة من 20 شخصًا الحديث عن شيء واحد فقط: النزاع العنيف المحتمل ما بين إيران والولايات المتحدة.

وذكرت المشاركة البالغة من العمر 57 عامًا، فاريبا ساميني، التي تعمل مترجمة، أنه مضى على بدء عمل أعضاء المجموعة عدة أشهر، إلا أنه لا أحد كان يريد مناقشة الفيلم. وقد كان الأعضاء الشباب مقتنعين بأن ترامب سيشن هجمة على إيران لا محالة. وقالت ساميني إنهم “كانوا يصرخون خشية تدمير مستقبلهم”.

وقالت ساميني إن البروفيسور الذي يقود المجموعة يرى أن ترمب سوف يعقد صفقة في نهاية المطاف مع إيران في ظل خلفيته المهنية كرجل أعمال. ولم يقتنع الأعضاء بوجهة نظر البروفيسور.

وأضافت: “عندما عدت إلى المنزل، شعرت بالتوتر والقلق، كما لو أن شيئًا ما قد يحدث”.

ويمكن الشعور بالكآبة والرهبة في أرجاء العاصمة الإيرانية، كما تذكر “نيويورك تايمز”، حيث البعض لا يلقي باللوم فقط على ترامب بل أيضًا على قادتهم.

وفي البداية أمر ترامب بحظر الإيرانيين من دخول الولايات المتحدة، ومن ثم أجرى الجيش الإيراني تجربة صاروخية، وأعقب ذلك تحذير شديد اللهجة من مستشار ترامب للأمن القومي مايكل فلين قال فيه إن إيران كانت تحت المراقبة من أجل انتقامٍ غير واضح.

ومن بين تلك الأمور، نشر ترامب كثيرًا من التغريدات في ما يخص إيران متهمًا إياها بالتدخل في شؤون المنطقة وأنها الدولة “الأولى في مجال الإرهاب”. كما أنه لم يفوت فرصة التذكير بالاتفاقية النووية في عام 2015 حينما وصفها بأنها صفقة سيئة حقًا، والتي يراها كثير من الإيرانيين العاديين على أنها شريان الحياة لهم لعيش حياة طبيعية نسبيًّا.

في الفصول الدراسية وسيارات الأجرة وصالونات الحلاقة والمنازل، عديد من أبناء هذه الدولة التي يصل تعداد سكانها إلى 80 مليونًا تحول كثيرون من التقليل من شأن تصريحات السيد ترامب ووصفها بالمهاترات السياسية إلى القلق حيال العقوبات الجديدة، بل ومن الهجمات الأمريكية العسكرية المتحملة. وكان المرشد الإيراني الأعلى، آية الله خامنئي، قد رد على السيد ترامب بسخرية.

وقالت السيدة سامني: “لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يفعله ترامب، كما لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يفعله قادتنا”، مضيفةً: “لقد أصبحنا نشعر فجأة بأننا على متن سفينة غارقة”.

عند انتخاب السيد ترامب، فعل كثير من الإيرانيين ما يفعلونه عادةً: الأمل بما هو أفضل. فخلال السنوات الماضية، اعتاد الإيرانيون الشعور بأنهم عالقون في قطار موت سياسي يسير تحت رحمة الآخرين.

وفي عام 2015م، عندما قام القادة الإيرانيون بالمفاجأة الكبيرة التي تمثلت في الوصول إلى تسوية من خلال الاتفاقية النووية التي أُبرمت مع الولايات المتحدة وغيرها من القوى العظمى، احتفل عديد من الإيرانيين وأملوا بتحسن الأوضاع. وكانت الاتفاقية قد ساهمت في رفع عديد من العقوبات الاقتصادية القاسية مقابل ضمانات يمكن التحقق منها على اقتصار العمل النووي الإيراني على الأغراض السلمية.

وخلال معظم السنة الماضية، تحسنت الحياة في إيران قليلًا. بينما استمر الاقتصاد في تفضيل الأغنياء، وتسببت قضايا الفساد في جعل عديد من الناس يتعاطون مع ما يجري بشكل ساخر، الذي تغير هو شيء واحد فقط: تلاشت الأحاديث عن إمكانية تلقي ضربات عسكرية أمريكية أو نشوب نزاع أو حرب مع الولايات المتحدة.

ولأول مرة منذ عام 2002م، عندما وصف الرئيس بوش إيران بأنها أحد أضلاع “محور الشر”، يتملك العاصمة شعور نسبي بالتطبيع تجاه إيران. كما تدفق المستثمرون الإيرانيون عليها من كل حدب وصوب، وزادت مبيعات النفط الإيراني، بالإضافة إلى توقيع إيران عقودًا لشراء طائرات “إيرباص” و”بوينغ” لتجديد أساطيلها القديمة.

وقال علي سبزواري، ناشر في مجلة ويبلغ من العمر 33 عامًا: بعد الاتفاق النووي بدأ الوضع بالتحسن. كان بعيدًا عن الكمال، ولكن على الأقل في تحسّن.

وقال إن الاتفاق النووي كان بمثابة اختبارٍ حاسم. وقال وهو يتحدث مع أصدقائه: “تعني الاتفاقية أن التصالح بين إيران والولايات المتحدة كان محتملًا حتى بعد عقود من النفور”، وأضاف: “يبدو أنها كانت نقطة تحول محورية: كنا في طريق العودة لنصبح جزءًا من المجتمع الدولي… وقبل تنصيب السيد ترامب بثلاثة أسابيع، تبدد ذلك الشعور بشكل كامل”.

وفي صالون للحلاقة في غرب طهران، كان اسم ترامب الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يجذب انتباه مجموعة من الشباب وهم يشاهدون مباراة كرة قدم بين فريق الاستقلال الذي يحظى بشعبية في طهران وفريق من دولة قطر.

وقال علي محمدي البالغ من العمر 26 عامًا والذي يصف نفسه على أنه محب للمرح ويسعى للحصول على وظيفة لائقة: “كنا نعتقد أنه رجل الأعمال الذي سيعرض صفقات مع إيران، وعلى الأرجح بعض الاستثمارات”. وقال إنه يفكر ما سيفعله لو تعرضت طهران يوما ما لقصفٍ. “نشعر كما لو أننا عاجزون وتحت رحمة السياسات الدولية”.

وعندما بدأ السيد ترمب بالسخرية من الاتفاق النووي خلال الحملة الرئاسية، كان كثيرون في إيران يعتقدون أنه يحاول كسب الأصوات فقط.

وبدأ بعض الإيرانيين من الطبقة الوسطى، الذين يحصلون على الاخبار من نحو 150 قناة غير شرعية وناطقة باللغة الفارسية وتبث من خارج إيران، يزعمون أن السيد ترامب قد يكون في الواقع نعمة، إذ يُنظر لتودده إلى روسيا على أنه أمر جيد لإيران، مع توقع كثيرين أن الرئيس الروسي قد يكبح جماح مواقف ترامب المعادية لإيران.

وقال هاوسنغ تيل، المؤرخ الذي ينتقد العلاقة الروسية مع القادة الإيرانيين: “لكن لا يمكننا أن نثق بالروس من أجل القيام بذلك”. وأردف قائلًا متحدثًا عن روسيا: “لقد استغلونا على مر التاريخ، يأخذون أرضنا وبعد ذلك يتخلون عنا. لذلك من يقول إنهم لا يساومون إيران مع الولايات المتحدة من أجل أوكرانيا؟ إن مزيدًا من الضغوط قادم”.

ويخنلف آخرون، ويصرون على أن العلاقة الإيرانية الودية مع روسيا ستُجنّب بلادهم من العقوبات الجديدة والضربات العسكرية. وقال مالك إلياسي الذي يملك محلًا لصيانة الدراجات النارية: “لن يُسمح لأمريكا بمهاجمتنا. وأي حرب مع إيران ستتحول إلى صراعٍ عالمي، ذلك أن الروسيين سوف يدعموننا”.

ويُعتبر تحدي إيران للولايات المتحدة أحد أعمدة السياسة الخارجية منذ الثورة الإسلامية عام 1979، وآيديولوجية الاستقلال عن القوى العالمية تبناها حتى الإيرانيون الذين لا يستحبون سلوك السياسة القمعية التي تنتهجها حكومتهم. بيد أن هناك تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الآيديولوجية من شأنها في بعض الأوقات أن تُقوّض المصالح الدولية.

وقالت السيدة سامني: “ماذا عن عدم تجربة إطلاق الصاروخ؟ قد يخفف حدة التوتر”.

إن المقربين من صنّاع السياسة الخارجية الإيرانية يقولون: ليس هناك وسيلة أخرى سوى مقاومة ما تسمية إيران نفاقًا وازدواجًا في المعايير تمارسها الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى.

وقال محمد ماراندي، أستاذ في جامعة طهران: “الولايات المتحدة لا تسمح لنا بتجربة إطلاق صاروخ، ولكن الهند وروسيا وبريطانيا يمكنهم فعل ذلك دون مشكلات، لذلك يجب أن لا نسمح لهم بأن يملوا علينا”.

وأضاف ماراندي: “قد يكون ترامب يريد اتخاذ هذا الموقف بغية تعزيز موقفة التفاوضي في ما يخص الوصول إلى تنازلات، لذلك نحن لا نخاف منه”

ترجمة| مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية

عن موقع نيويورك تايمز

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت