الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

«حزب اللات»... وسرقة مال «ولاية الفقيه»

في العمق - جنوبية | Fri, Jan 13, 2017 3:56 PM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

ما زالت أخبار السرقات تتوالى في صفوف حزب اللات اللبناني، ولكن ما هي الأسباب التي تدفع مسؤولين من مؤسسي الحزب لأن يتورطوا ويسرقوا أموال الحزب الذي يقاتلون في سبيله؟

لم يكن أحد من المؤيدين لحزب اللات اللبناني، قبل عقدين من الزمن، يتوّقع يوما أن يسمع خبر فساد مسؤوليه الكبار أو الصغار، نظرا للتعبئة الإيمانيّة التي يُطلقها هؤلاء من خلال مظهرهم وأحاديثهم وأعمالهم الجهادية ضد إسرائيل.

ولكن ما بدأنا نراه ونسمعه واقعا - بعيد عام 2000- عام تحرير الجنوب ضرب الفكرة السابقة عن الحزب وعن عناصره بالصميم. فبعد تحرير الجنوب والشعور بالنشوة، والقوة، والإفتخار، كان من نتيجته ان ارتدّ عكسيّاً على ما قام عليه الحزب في ثمانينيات القرن الماضي.

كان التُقى والإيمان سلوك هؤلاء الجُدد حينها، الذين واجهوا بداية رفضا تاما في بيئتهم الشيعية التي كانت مشبّعة بالسلوك اليساري إجتماعيا وثقافيّا، ثمّ من حركة أمل.

وكان دخول حزب اللات الى الحياة اليوميّة للبيئة الشيعيّة، وخاصة في الجنوب ضربا من المستحيل، لكن مع انتصارات المقاومة المميّزة، إلتّف الناس حول حزب اللات فكبرت هذه البيئة، وتوّسعت، فجمعت كل مؤيد للمقاومة، وكل داعم لها من كافة الجهات تحت غطائها.

في عام 2000 الإنتصار الكبير واندحار الصهاينة، حاز حزب اللات على شعبية محلية هائلة وتأييد الشعوب العربية بمجملها، ولكن بسرعة كبيرة بدأت الاوهام تكبر في رؤوس البعض من مسؤوليه، لدرجة ان اكتشاف وجود عملاء داخل صفوف الحزب كان خبرا صادما للجميع ومفاجئا للقريب والبعيد. كون حزب اللات كان يتهم معارضيه السياسيين بالعمالة، إما لإسرائيل أو لأمريكا. فمنذ سنوات أاكتشف عميل تلو العميل داخل صفوف الحزب. وقد اعتبر بعض المراقبين هذا الأمر طبيعيا كون الحزب ملاحقا من قبل الصهاينة ومعرّض لهذا الأمر. وآخر عميل أُعلن عنه كان عميل من آل شوربا، المسؤول عن العمليات الخارجية في الحزب.

وبعد فترة بدأت الأمور تتكشف عن سرقات واختلاسات من ماليّة الحزب، خاصة إنه دخل إلى ماليّة الحزب -إضافة إلى الأموال من إيران – أموال من الدول العربية التي ساهمت بُعيد التحرير في بناء عدد من القرى المُدمرة.

وبعد عدوان يوليو 2006 وما جرى بعد 33 يوم من إعادة إعمار وبناء، تغيّرت سلوكيات عناصر الحزب، ومحازبيه، الصغار والكبار، وأصبح عدد منهم أثرياء وظهرت عليهم النعمة بشكل كبير. فبعد فضائح العمالة والسرقات، اليوم نشهد حالات انتحار، وبالرغم من ذلك يحقق الحزب انتصاراته في سوريا.

فأن نسمع مؤخرا عن سرقات ضخمة لأحد مشايخ الحزب أُودع بعضا من أموال الحزب في الجنوب ليُشرف على إدارتها، فكان أن استغلّها ليعيش كالسلاطين، إضافة إلى ملف الحاج (أ.م. ج) المشهور بتُقاه وورعه وإيمانه الشديد، وهو اليوم في قبضة أمن الحزب يقبع في أحد السجون بسبب سرقات ضخمة لمبالغ كانت بين يديه.

وأن نسمع عن قتل البعض لأنفسهم جراء اليأس والفقر، لهو أمر غريب بعد 3 عقود على خروج الحزب الى الضوء، وبعد 24 عاما على مقتل عباس الموسوي الأمين العام للحزب.

حزب اللات أصبح صورة متناقضة لبيئة يسيطر عليها الفكر الشيعي، بعد ان كانت بيئة طبيعية هادئة تنمو بشكل متدرج ومتناسق مع محيطها اللبناني. ولم يكن من قيمة او مكان او حيّز لرجال الدين بالقدر الذي صار عليه منذ نهاية السبعينيات.

فكان المقاوم يذهب الى مدرسته، وبعد ان يفرغ من درسه، يهرب لينفّذ عمليته ضد الصهاينة، ولم يكن هذا المقاوم موظفا وعاملا متفرّغا للعمل السياسي او الحزبي او العسكري، الا مع مجيء حزب اللات الذي ألغى المهن وجعل القتال مهنة الشباب.

وأصبح المال يتدّفق بالأكياس على البيئة الشيعيّة التي حررت الجنوب، واستفاد الاهالي مادّيا ومعنوّيا من تقديمات إيران الهائلة في كل جانب من الحياة حيث غطت حياة الفقير وعائلة القتيل والأسير والجريح والأرملة والمقاتل والجامعي والمرأة…

الفساد دخل الى حياة هؤلاء الذين كانوا بسطاء يكدّون لتحسين مستواهم العلميّ، وكان الأغنياء قلّة بينهم. الفساد ضرب الأوصال في البيئة الشيعية مقابل تعميم الثقافة الدينية التي تكرس فكرة التبعية لإيران، الجمهورية الشيعية الأولى في العالم.

شعر الشيعة بالقوة “الهمايونيّة”، لكن الضربات كانت تأتي على شيعة لبنان من اكتشاف بعض الفضائح فيما يتعلق بالفساد الماليّ والأخلاقيّ كثيرة، ولا يزال حسن نصرالله لدى جمهور الحزب انه خط الدفاع الأول عن مجتمع أراده مثاليّا ونموذجيّا يُحاكي صورة موجودة في التراث الشيعي عن مجتمع الإمام المهديّ المزعوم في آخر الزمان.

نرى اليوم، مزيدا من الفساد، ومزيدا من اللأخلاقية، ومن اليأس والمحسوبيات والواسطات، اذ يمكن القول ان اللبناني ابن بيئة حزب اللات أخذ مال إيران، وتنّعم به، ومثّل الحالة الإيمانية مؤقتا وعاد الى سيرته الأولى، اذ نسمع مؤخرا عن عناصر حزبية شبايبة في الحزب مشهورة بفسادها الأخلاقي.

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت