مؤلم ومفجع ما تشهده المجتمعات في إيران من ارتفاع متسارع في حالات الإعدام في الأشهر الأخيرة، ما اضطر عدداً من الخبراء والمختصين إلى الوقوف بتأمل على أسباب هذه الفاجعة ودراستها بتأن شديد للوصول إلى حقائق محركاتها، حيث تبين أن رفض الواقع المعيشي هو السبب الأساسي في الإقدام على الانتحار في إيران، وبينت الدراسات أن رفض الواقع المعيشي في إيران ناتج عن شدة الفقر واليأس من تحسن الأوضاع بسبب سياسات نظام الملالي الخاطئة في إدارة البلاد داخليا وخارجيا، وارتباط ارتفاع معدلات الانتحار بزيادة نسب الفقر جعل ظاهرة الانتحار تدق ناقوس الخطر لدرجة وصفها بتسونامي الانتحار من قبل بعض قادة النظام الملالي والتي باتت هذه الظاهرة مؤشراً واضحاً على فشلهم في إدارة البلاد وإمكانية اندلاع حركة أو ثورة شعبية تزيح الفكر الخميني عن إدارة البلاد.
هذه الظاهرة تتزايد بشكل ملفت، وضحاياها من كافة فئات المجتمع العمرية والمهنية، من الأطفال إلى الشباب والفتيات والمسنين، من عامل وجندي وطالب إلى عاطل عن العمل … ما جعل وسائل الإعلام المحلية تغص بشكل يومي بأخبار عن الانتحار الذي يتم بطرق متنوعة في إيران، وقد ذهل العالم بسماعه خبر انتحار امرأة إيرانية حامل عندما قامت بإشعال النار بنفسها في مدينة “فسا” الإيرانية، كذلك انتحار جندي في أحد السجون الإيرانية بسبب ما رآه من أساليب تعذيب مرعبة في حق المساجين.
ومن أكثر مشاهد الانتحار فجاعة في إيران، ما قام به شخص اسمه “جواد” وهو رجل مسن يبلغ من العمر 65 عاما قام بقتل نفسه، وبعد العثور على جثته وجد في جيبه رسالة يوضح بها سبب انتحاره وهو عدم قدرته على تأمين المال للعلاج.
مزارع آخر في ريعان شبابه اسمه حجت الله شيرواني قام بشنق نفسه بسبب الفقر وشدة العوز وعدم قدرته على تأمين معيشته، كذلك انتحار فتاة بإلقاء نفسها من أعلى جسر ولايت في طهران، وأيضا قامت فتاة أخرى تبلغ من العمر 14 سنة في منطقة كوره موسوي بالانتحار شنقا.
عامل آخر اسمه “بهزاد عليبور” يبلغ من العمر 30 عاما، انتحر أيضا شنقا في منطقة “سنندج” بسبب عدم قدرته على تأمين تكاليف الحياة المعيشة، فقرر الهرب من الماضي المرير الذي أنتجته سياسة بلاده، عندما تساوت لديه الحياة بالموت.
وفي أحد الليالي قام أختان بإلقاء نفسيهما من جسر “شريعتي” في دزفول، وقد لقيت إحداهن مصرعها على الفور، أما الثانية فقد استطاع المارة إنقاذها من الانتحار.
والأخطر من ذلك كله، اختراق ظاهرة الانتحار الثكنات العسكرية الإيرانية، فقد تحدثت تقارير صحفية إيرانية منها صحيفة “آرمان” عن حالات انتحار الجنود في إيران، وذكرت عددا من حالات الانتحار هذه، وقالت إن جنديا في الأهواز قام مؤخرا بإطلاق النار على نفسه، ومثل هذه الحالة تكررت عدة مرات في عدة مناطق عسكرية في إيران، إذ أقدم أحد جنود مركز الإصلاح والتأهيل “مادوان یاسوج” بإطلاق النار على ثلاثة جنود آخرين وقتلهم، ومن ثم قام بإطلاق النار على نفسه، ونفس الحادثة هذه تكررت أيضا في مركز إصلاح “شهرمادوان” وفي مناطق أخرى مختلفة، وترجع عوامل وأسباب انتحار الجنود في إيران، إلى المشاكل النفسية والأمراض العقلية والخوف من الجندية والخشية على أمن الأسرة والنظرة السلبية تجاه الجنود، وفي بعض الحالات رفض الجندي خدمة النظام الإيراني.
وتشهد كافة المدن الإيرانية وبمعدلات عالية مثل قصص الانتحار هذه، وقد ارتفعت معدلات الانتحار في إيران خلال العشرة سنوات الماضية ستة أضعاف، حتى تحول الانتحار إلى ظاهرة اعتيادية يمكن مشاهدتها بشكل يومي في مناطق متعددة في إيران.
ودون شك تعتبر البطالة أحد الأسباب الرئيسية للانتحار في إيران، ولهذا السبب بات الخبراء والمسؤولون يحذرون من مخاطر البطالة التي تتزايد يوميا، وفي إحصائية مشكوك في صحتها يعلن وزير الصحة الإيراني “حسن هاشمي” عن انتحار 4055 شخصا في ظرف عام واحد، بينما لو فقط رصدنا الصحف الإيرانية بشكل يومي لرأينا أن العدد أكبر بكثير من هذا الرقم الذي تعلن عنه الحكومة الإيرانية، ويمكن اعتبار انتشار الأمراض والاضطرابات النفسية ثاني أكبر أسباب انتشار ظاهرة الانتحار في إيران، فحسب تصريحات مساعد وزير الصحة الإيراني “علي أكبر سياري” فإن 23% من الشعب الإيراني يعانون من اضطرابات نفسية، وأكثر هذه الاضطرابات النفسية شيوعا في إيران هي الاكتئاب والقلق، كما أن 95% من الإيرانيين يعانون من ضغوط معيشية.
وأصبح تزايد حالات الانتحار مصدر قلق للمسؤولين في إيران، وأعرب رئيس منظمة الرعاية الاجتماعية في إيران “أنوشيروان محسني بندبي” مرات عديدة عن قلقه من تزايد حالات الإعدام في إيران، كما كشف عن أن رغبة النساء في الانتحار قد ارتفعت إلى الضعفين قياسا بالرجال، وقال: في العام الماضي كان هناك 4240 حالة انتحار فاشلة، من بينها 2800 امرأة و1440 رجلا، وأضاف أن معدل الانتحار في إيران قد وصل إلى 6 من بين كل 100 ألف نسمة، ويقول “حبيب الله مسعودى فريد” نائب رئيس منظمة الرعاية الاجتماعية في إيران أن نحو 4200 شخصا قد عادوا للحياة بعد محاولتهم الانتحار خلال العام الماضي، كان منهم 2800 امرأة و1400 رجل.
وبدأت علامات انزجار وغضب شعبي بعد الكشف عن ثروة رؤوس النظام الإيراني التي تعدت مئات المليارات الدولارات، وتبين أن ثروة خامنئي مثلا قد تجاوزت المئة مليار دولار أميركي، في حين يهرب المواطن الإيراني من مرارة المعيشة وضيق الحال إلى أحبال المشنقة للخلاص من الفقر والظروف المعيشية القاسية.
المصدر| مركز المزماة للدراسات والبحوث