ثلاث مدن عربية لها مكانة في التاريخ العربي والإسلامي، تتعرض كل واحدة منهن لمحنة خاصة بها. مدينة حلب التاريخية هذه الأيام تتعرض لتدمير شامل يشترك في عملية التدمير النظام الحاكم في دمشق (بشار الأسد) يعينه في ذلك جيش روسيا الاتحادية، برا وبحرا وجوا، إلى جانب تلك القوة، جحافل من المرتزقة الذين جندتهم وسلحتهم ودربتهم ومولتهم إيران، وكل تلك الجحافل ينتمون إلى المذهب الشيعي جيء بهم من كل مكان استجابة لدعوة الولي الفقيه. جرائم حرب ترتكب تحت سمع وبصر العالم ولا معين لهذا الشعب الذي تصدى للحروب الصليبية ودحرهم دفاعا عن الأمة العربية الإسلامية. حكام بلاد الشام تحولوا من مشروع وطني قومي عربي إلى عمل طوائف يسحقون الشعب ويدمرن الممتلكات.
روسيا وإيران وجحافل الميليشيات الإرهابية الشيعية تحارب في حلب تحت شعار تحريرها من الإرهابيين وهم بحكم الأهداف والممارسة يشكلون جوهر الإرهاب ومادته، هجّروا أكثر من 8 ملايين إنسان من أراضيهم، وقتلوا ما يزيد على 500 ألف من البشر، أشلاء الأطفال السوريين أمام أعين العالم ينتزعون من تحت الأنقاض أو من شواطئ بحار العالم، ولا مغيث ولا معين لهم ومن المؤسف أن بعض الدول العربية راحت تقوي علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع روسيا الباغية على الشعب السوري العظيم.
(2)
الموصل، أم الربيعين، شقيقة حلب عبر التاريخ، هي الأخرى تتعرض لهجمة عاتية، فإذا كانت روسيا تقود تدمير وإفناء حلب وسوريا، كما أشرنا أعلاه، فإن أمريكا تقود تدمير وإفناء الموصل بمساعدة جحافل إيرانية موغلة في الحقد والكراهية على أهل الموصل، لأنها معقل أهل السنة والجماعة كما هي حلب. لماذا لا يتحدث الغرب وأمريكا عن الإرهاب الإيراني الطائفي، وهم يعلمون بأنه يوجد أكثر من 54 منظمة شيعية إرهابية تمارس القتل والاختطاف في كل من سوريا والعراق، ماذا فعلت جحافل الحشد الشعبي الشيعي الإيراني في الأنبار، ألم تمارس الإرهاب بكل أصنافه وأسلحته بمساعدة أمريكية ولا أحد يثير تلك المجازر التي ارتكبت في الفلوجة وغيرها من مدن وقرى الأنبار؟ ألم يشاهد العالم على شاشات التلفزة العراقية والجيش الشعبي الشيعي يسوم الشبان والشيوخ سوء العذاب جلدا بأسلاك كهربائية وضربا على الرؤوس بالشواكيش حتى يغمى عليهم من شدة الضرب (المطرقة/ المطارق)، ولا أحد يحرك ساكنا من دول العالم الحر التي تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان.
الموصل تعرضت عبر التاريخ لتدمير شامل عام 615 ق. م. على يدي الميديون والكلدانيون، وقتل من أهلها الكثير وشرد من بقي حيا، وعاد أهلها فيما بعد ليعيدوا بناءها ويشيدوا حضارة على ترابها، ودمرت مرة أخرى على يد المغول تدميرا شاملا، ويدور الفلك دورته وتواجه الموصل اليوم التدمير الشامل على يدي جحافل حزب الدعوة الطائفي الحاقد الحاكم من بغداد يناصره الروس والفرس والأمريكان، لكن الموصل ستولد من جديد كما ولدت بعد دمارها كما أسلفنا.
(3)
صعدة المدينة العربية الثالثة التي تتعرض للتدمير، لكن هذه المرة على يدي أبنائها، أي الحوثيين الذين جروا هذه المنطقة في العصر الحاضر إلى حروب ست من أجل إرضاء شهوة الحكم والتسلط عند زعيم الطائفة الحوثية عبد الملك الحوثي والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، ليعيد بلاد اليمن إلى حقبة الإمامة تحت ادعاء أن اليمن لا يحكم إلا على يدي الأئمة الزيدية التي انشق عنها الحوثي ليتبنى المذهب الشيعي الاثنى عشري.
يشترط الحوثي وحلفاؤه -لأن الحرب في اليمن اليوم- إلى الخضوع الكامل لإرادته وميليشياته المسلحة والمدربة والممولة إيرانيا، بمعنى تشكيل حكومة يكون له الغلبة فيها لأن بيده السلاح، ومن حقه تعيين نائب رئيس الجمهورية، وأن تنتهي أعمال عاصفة الحزم، أي إنهاء دور التحالف العربي في الشأن اليمني، وأن يكون الرئيس عبد ربه منصور رئيس بلا صلاحيات، ومعنى ذلك تعزيز السلطة الانقلابية، وإلغاء ما سبق من معاهدات وحوارات واتفاقات يمنية- يمنية، ويمنية- عربية.
(4)
لقد أحسنت القيادة الشرعية اليمنية صنعا عندما رفضت استلام مبادرة ولد الشيخ الأخيرة، لأن استلامها بعد أن أعلنت نصوصها قبل التسليم يعني القبول بها، وتُخطئ قيادة التحالف إن هي أيضًا قبلت بها، لأن ذلك يعني في الواقع العملي إلغاء الشرعية الدولية المتمثلة في القرار الأممي 2216، ومبادرات مجلس التعاون، ومخرجات الحوار الوطني اليمني والقبول بكيان حزبي مسلح سلاحا عسكريا وعقيدة الولي الفقيه، أي القبول بسلطة إيرانية في خاصرة دول مجلس التعاون الجنوبية. إن محاولة إضعاف القيادة الشرعية اليمنية بقبول الضغوط الأجنبية هو في حد ذاته إضعاف لقيادة دول التحالف العربي، والخروج من هذه المواجهة بخسارة عسكرية وسياسية لمشروع دول التحالف الوطني وستكون العواقب وخيمة.
(5)
أنتقل إلى نقطة البدء، الموصل وحلب وصعدة، الغرب المسيحي والروس وبعض الدول العربية والإسلامية، يصنفون جبهة النصرة وجيش الشام والإخوان المسلمين وغير ذلك من المنظمات المعارضة لنظام بشار الأسد ونظام حزب الدعوة في بغداد، بأنها منظمات إرهابية ويحاربونها بكل أنواع السلاح، ولكنهم لا يصنفون حزب الله اللبناني، وحزب أنصار الله اليمني، ولا يصنفون عصائب أهل الحق وكتائب بدر وجيش المهدي، وكل هذه منظمات شيعية تمارس أعلى مراحل الإرهاب ضد المدنيين ومؤسسات عبادتهم كما تبين ذلك وسائل الإعلام المرئية، وقامت هذه الأحزاب الطائفية الشيعية الحاقدة بتهجير أهل السنة من ديارهم من العراق وسوريا، وقتل من تبقى منهم ومطاردته. إنها حرب صريحة على أهل السنة في المنطقة العربية بلا هوادة.
آخر القول: لابد من تحقيق انتصار مادي في اليمن، ذلك يتحقق بتسليح الجيش الموالي للشرعية والمقاومة الوطنية الشعبية. إن الصواريخ حول مكة من الطائف إلى جدة تستهدف مكة بعينها، ولن يوقفها إلا انتصار حقيقي على هؤلاء البغاة في صنعاء وصعدة.
المصدر| بوابة الشرق