منذ أن بدأت إرهاصات فلول النظام الملالي زمن الخميني تلوح في الأفق القريب، وذلك فور استلامه زمام الأمور في طهران، وبناء سلطته على جثث المعارضين وحتى المنتقدين وبطرق قمعية شديدة، اعتمد النظام الإيراني سياسة تصدير الأزمات وإشعال نيران الخارج بهدف تثبيت نظامه بأي شكل من الأشكال، فبرزت على الفور فكرة تأسيس جماعات متطرفة في دول المنطقة وتحريكها في دائرة المشروع الإيراني، وقد اعتنق هذه المسؤولية الحرس الثوري الذي خصص جماعة فيلق القدس للتنفيذ.
وعلم النظام الإيراني أن بقاءه أصبح مرهونا بتأسيس جماعات إرهابية متطرفة يمكن له استخدامها ضد أي دولة تقف في وجه المشروع الإيراني المدمر في المنطقة، ولها دور آخر أيضا وهو اغتيال كل شخصية عربية أو إيرانية تعارض أو تكشف بهتان المساعي الإيرانية، فكان وجود حزب الله في لبنان وشراء ذمم نظام الأسد، وتشكيل جماعات إرهابية تحت مسميات شعبية في العراق واليمن لهذا الغرض الإيراني.
وعليه كان النظام الإيراني قد نجح بالفعل بصناعة أجسام ومحركات إرهابية على شكل جماعات طائفية تدار بلوحة تحكم بيد الخميني ومن بعده خامنئي، وأصبح المتبقي هو العمل على تزويد هذه المحركات الإرهابية بالوقود والسلاح والعتاد، فخصص جماعة من الحرس الثوري بهذه المهمة بحيث تقوم بتهريب السلاح من أماكن ونقاط مختلفة وإيصالها لهذه الجماعات المتطرفة، وهذا بالنسبة للنظام الإيراني أسمى هدف يسعى إليه، ويعتبره احتلالا يتفاخر به أمام شعوبه بعد خداعهم بصورة المقاومة والتمثيل الإلهي في الأرض، وقد اعترف بهذا النوع من الاحتلال نائب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني “إسماعيل قاآني” في قوله العدائي: إن الثورة الإسلامية الإيرانية ليست محددة جغرافيا، والحرس الثوري يقوم بفتح بلدان بيد الاستكبار العالمي، معتبرا أن العراق وسوريا وفلسطين ميادين تابعة لنظام الملالي.
وبعد تنفيذ الحرس الثوري لعدة عمليات تهريب سلاح وصلت إلى حزب اللات في لبنان والقاعدة في العراق، كشفت العديد من الصحف والمواقع الإخبارية هذا الانتهاك الذي يقوم به الحرس الثوري في دعم الإرهاب والتطرف، وقد تناولت شبكة فاكس نيوز في العديد من تقاريرها تهريب فيلق القدس لسلاح الجماعات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقالت فاكس نيوز: بينما تنشغل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالصراعات والحروب الأهلية، تنشط وحدة سرية تابعة للحرس الثوري والنظام الإيراني في تزويد هذه الصراعات والحروب بالوقود، وهي وحدة 190 من قوة فيلق القدس التي تعتبر الذراع الخارجي للحرس الثوري والنظام الإيراني، حيث تم تشكيل مجموعة من 24 شخصا تولت منذ أعوام تهريب السلاح إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأفادت فاكس نيوز أن شخصا اسمه “بهنام شهرياري” من مواليد عام 1968 في أردبيل هو صاحب الدور الأساسي في وحدة 190 التابعة لفيلق القدس.
وفي عام 2007 ضبطت السلطات التركية أحد الحمولات التي كانت مملوءة بقذائف هاون عيار 122 ومواد متفجرة أخرى كانت تريد العبور عن طريق سوريا إلى جماعة حزب اللات الإرهابية، وهو ما يعتبر انتهاكا للفقرة الخامسة من قرار مجلس الأمن 1747 التي تطلب من إيران الامتناع عن تزويد أو بيع أو نقل أي معدات عسكرية من أراضيها، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
ووفقا لتسريبات أجهزة الاستخبارات الغربية لشبكة فاكس نيوز، فإن وحدة 190 أنشأت وكرا لتخزين السلاح في الجزء المدني من مطار طهران الدولي، وكثيرا ما تستخدمه كنقطة انطلاق لتهريب السلاح إلى الجماعات الإرهابية وخاصة في العراق وسوريا ولبنان، والآن اليمن.
وفي عام 2012 هزت الخرطوم عدة انفجارات تبين أنها كانت مستودعات يخزن النظام الإيراني بها السلاح الذي سيتم تهريبه للجماعات الإرهابية، حيث كان من المخطط أن يتم نقل هذه الأسلحة إلى حزب اللات وحماس وأماكن أخرى برا عن طريق مصر.
وفي أكتوبر عام 2010 قامت السلطات النيجيرية باعتقال أحد عناصر فيلق القدس ومعه حمولة من الأسلحة كان متجها بها إلى غامبيا، وهاك الكثير من الوقائع التي تم تسجيلها تثبت قيام الحرس الثوري الإيراني وذراعه الخارجي فيلق القدس بتهريب السلاح للجماعات الإرهابية بهدف إشعال الاقتتال في المنطقة وإبقائها في دوامة الفوضى.
وكشفت مصادر عسكرية يمنية عن قيام ضباط في الحرس الثوري الإيراني بتهريب الأسلحة لميليشيات الحوثي والمخلوع عبر البحر الأحمر، كما استخدم النظام الإيراني الجمعيات الخيرة غطاء لتهريب السلاح، حتى أصبحت جميعة الهلال الأحمر الإيرانية قسما من أقسام استخبارات الحرس الثوري، حيث أكدت التقارير أن فيلق القدس الإرهابي قام بنقل 50 طنا من المساعدات التسليحية واللوجيستية إلى الحوثيين، من مطار مهرباد القريب من مطار طهران إلى صنعاء، تحت غطاء مساعدات من جمعية الهلال الأحمر الإيرانية، وفي الوقت نفسه كشف القائم بأعمال السفير اليمني لدى مملكة البحرين حسن مسعود قحطان أن الفرقاطة البحرينية استطاعت إحباط 280 حالة تهريب سلاح إيراني عن طريق باب المندب وعدن.
كما نشرت مجلة “فوربس” الأميركية تقريرا كشفت فيه أن شركة “ماهان” الإيرانية للطيران، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، تواصل رحلاتها السرية لتهريب السلاح والمقاتلين إلى سوريا، مستخدمة أرقام رحلات مزيفة، وهذا التقرير يزيد من مخاوف استخدام النظام الإيراني لطائرات بويينغ وإيرباص التي سمحت مؤخرا أميركا ببيعها للنظام الإيراني بغرض تهريب السلاح للجماعات الإرهابية المنتشرة في المنطقة.
المصدر: مركز المزماة للدراسات والبحوث