حذرت تركيا من تسليم الموصل إلى مليشيات الحشد الشعبي الشيعية، مؤكدة أن تلك المليشيات تشبه تنظيم داعش الإرهابي، وأن سيطرتها على المدينة ستخلق "حربا طائفية كبيرة"، فيما اتهمت منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان الحشد الشعبي الإرهابي والقوات الحكومية العراقية بارتكاب ما وصفته بـ"جرائم حرب" و"هجمات انتقامية وحشية" في حق السنّة الفارين من تنظيم "داعش" في الموصل، خلال المعركة لتخليص المدينة من سيطرة "داعش" التي بدأت في وقت مبكر من صباح الاثنين الماضي حسب ماذكر موقع بغداد بوست.
عمليات إعدام
وقال مدير الأبحاث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، فيليب لوثر، إن "السنة العرب في العراق يواجهون، عقب نجاتهم من أهوال الحرب وطغيان الدولة الإسلامية، هجمات انتقامية وحشية على أيدي الميليشيات والقوات الحكومية، حيث يعاقبون على ما ارتكبه التنظيم من جرائم،" على حد قوله.
وأضاف لوثر أن "العراق يواجه تهديدات أمنية حقيقية ودموية فعلاً، في الوقت الراهن، على يد داعش، ولكن لا يمكن أن يكون هناك مبرر لعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الاختفاء القسري أو التعذيب أو الاعتقال التعسفي،" متابعا: "وبما أنه قد بدأت معركة استعادة الموصل، فمن الأهمية بمكان، أن تتخذ السلطات العراقية الخطوات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات المروعة. وما زال يتعين على الدول، التي تدعم الجهود العسكرية لمكافحة تنظيم داعش في العراق، أن تبيِّن أنها لن تواصل غض الطرف عما يرتكب من انتهاكات."
جرائم داعشية
وذكر التقرير ما وصفه بأنها "هجمات انتقامية وتمييز على نطاق واسع يواجههما العرب السنة ممن يُشتبه بتواطئهم مع جرائم داعش، أو بأنهم يدعمونه.. إذ نزح العديد منهم أثناء العمليات العسكرية الرئيسية التي شهدتها البلاد في 2016، بما في ذلك في الفلوجة والمناطق المحيطة (محافظة الأنبار)، وفي الشرقاط (محافظة صلاح الدين)، والحويجة (محافظة كركوك)، وفي محيط الموصل (محافظة نينوى)."
من جانبه.. قال نعمان قورتولموش نائب رئيس الوزراء والمتحدث الحكومة التركية في مقابلة تلفزيونية لإحدى المحطات المحلية مساء أمس الأربعاء "يجب ألا ندعو تنظيما إرهابيا إلى الموصل للمشاركة في تحريرها من تنظيم إرهابي آخر، وعلينا ألا نترك المدينة لسيطرة الحشد الشعبي أو حزب العمال الكردستاني الإرهابية وامتدادها السوري وحدات حماية الشعب الكردية بدعوى تحريرها من قبضة داعش".
خطوات لازمة
وأشار قورتولموش إلى أهمية الجهة التي ستتولى إدارة شؤون أهالي الموصل بعد تطهير المدينة من وجود تنظيم الدولة، مؤكدا "ضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة للحيلولة دون احتلال الموصل من قبل قوات تأتي من الخارج بدلا من سيطرة العناصر الأساسية في العراق، وتركيا لن تتسامح إطلاقا مع أي احتلال من هذا القبيل".
وقال المسؤول التركي "الموصل ليست للأميركيين أو الإيرانيين أو الروس وإنما هي للموصليين والشعب العراقي، وستبقى للأهالي الذين يقيمون هناك منذ أعوام، وهذا خط أحمر بالنسبة لتركيا".
ممارسات إجرامية
من جهته، قال وزير شؤون الاتحاد الأوروبي كبير المفاوضين الأتراك عمر جليك إن بعض الممارسات التي تنتهجها قوات الحشد الشعبي تولد نتائج مخيفة على غرار ممارسات تنظيم الدولة، و"لا يحق لأحد أن يخير العراقيين بين تلك الممارسات".
وحذر جليك من أن دخول الحشد الشعبي إلى الموصل وبسط سيطرته عليها من شأنهما أن "يتسببا في خلق حرب طائفية كبيرة"، معتبرا ذلك "أمرا خطير للغاية". مضيفا أن "ما تسمى قوات الحشد الشعبي تتشكل من المقاتلين الشيعة فقط، وبعض ممارساتها تولد نتائج مماثلة لممارسات تنظيم داعش المخيفة، لذلك لا يحق لأحد أن يجبر الناس على الاختيار بين عنف داعش وعنف الحشد الشعبي".
قبل أن تقع الكارثة
وأوضح الوزير التركي أن "الأمر ليس مسألة شيعة أو سنة، وإنما هناك بعض المجموعات التي تعمد بشكل خاص إلى إظهار تركيا وكأنها تعادي الشيعة، هناك كارثة ستلحق بالمسلمين والإنسانية جمعاء إذا مارست بعض الأطراف الطائفية باسم السنة والشيعة". وحذر جليك من احتمال هجرة أكثر من مليون شخص في حال تشكلت حالة عدم استقرار في مدينة الموصل العراقية، وقال إن هذا الأمر سوف يؤثر سلبا على تركيا وأوروبا والنظام العالمي ليتوسع إلى جميع أنحاء العالم.
وأضاف: "لو أقيمت منطقة حظر الطيران في سوريا كما اقترح الرئيس رجب طيب أردوغان لما كانت تركيا وأوروبا تواجهان التكلفة السياسية والإنسانية لأزمة الهجرة الراهنة، لذلك علينا أن نتجنب تكرار الخطأ ذاته في العراق، ونمنع سيطرة الحشد الشعبي والمجموعات الطائفية المشابهة".