الثبات حتى الممات، عبارة تربي عليها أبناء الدعوة السلفية والتى كانت ومازالت ترى من نفسها النموذج الحقيقي لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فما الذى حدث بعد ثورة يناير في سلوكيات أبناء الدعوة؟
لقد توالت على الدعوة أحداث عظام لم تكن تخطر على البال من متنفس للحرية ومن القرب من صناع القرار في مصر و الدول من حولنا ومن الانخراط في الحياة السياسية والعامة، ولم يكن لدى الدعوة الاجتهاد السابق لمثل هذه الأمور نظرا لتبنى فكرة المذهب على رأى واحد للخروج من الخلاف، مثل طالب العلم المبتدئ في دراسة الفقه.
ولكن والحمد لله تم اجتياز الاختبار الأول ونجحت الدعوة فى المرحلة السياسية الأولي مثل من تمرسوا على السياسة لسنوات طويلة وكانوا يعلنون ذلك صباح مساء بأنهم أقدر وأفهم للواقع حتى مدحهم بعض شيوخ السلفية وبالغوا في إطرائهم حتى حدث ما حدث وضاع كل شئ وعدنا ستين عاما للخلف.
ولكن المشكلة التى أصابت الدعوة هى اجتهاد المنتسبين لها وخاصة الاجتهادات السياسية، وهى وإن كانت اجتهادات فردية وافق عليها البعض لكنها صبغت الجميع وشاء من شاء وأصبح لا مفر منها سواء كانت اجتهادات صائبة أو خاطئة، و كان من أسوأ ما منيت به الدعوة السلفية هو تفتت أجزاء من أبنائها وأصبحت كل مجموعة تعتقد أنها الدعوة السلفية حتى مع وجود الجسم الأصلى للدعوة والمتمثل في مكان النشأة وهو الإسكندرية.
وأصبح ضرب ثوابتها وعلمائها ودعاتها من القاصي والداني ومن أبنائها وممن هم ضدها من قبل، وزاد الأمر سوء بعد أحداث 3 يوليو واجتهاد الدعوة فيه بموقفها الحالي وظهرت رؤوس ما كانت يوما تستطيع أن تتكلم أو تسب في الدعوة مثل ما أصبح الآن وصار يسمع لهم ولجهلهم، ونشهد الله أن الدعوة السلفية والمنهج التى تعمل به هو خلاصة صحيح ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام والتابعين والعلماء من بعدهم من صحيح الاعتقاد (بعيد عن الغلو أو الإفراط) وآخر المذاهب الأربعة مذهب الدليل المذهب الحنبلي مع الاعتراف الكامل بباقى مذاهب أهل السنة والجماعة والاعتراف بالاشاعرة والمتارودية مع ما عندهم من مخالفات لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه وإنكار لبعض صفات الله عز وجل.
ولقد حاربت الدعوة السلفية على مدار عمرها الغلو والتطرف والتكفير و نشرت صحيح الدين ودفعت في ذلك من دماء واعراض علمائها ودعاتها الكثير والكثير وهى لازالت تدفع حتى الآن.
إن اجتهادات الدعوة السلفية الأخيرة جعلتها في موقف الدفاع وهذا طبيعي مع الأحداث، وخاصة إذا كان الاجتهاد في مصالح الأمة وفى دماء وأعراض المسلمين وفى تغليب حفظ الوجبات والضروريات الشرعية
لكن الألم حين ينفرط العقد ويجتهد الجاهل فيخرج على كل ثوابت الدين وينسب ذلك إلى الدعوة السلفية، ويثبت قداسة لغير الله وابوه ما أنزل الله بها من سلطان ثم ينسب ذلك للدعوة السلفية وهى براء من هذا البهتان والزور.
إن المنهج السلفي له ضوابط معروفة في التعامل مع الآخرين ومع أبناء الوطن الواحد بما يوافق الكتاب والسنة وليس بما يوافق الهوى وكل خطأ مردود على صاحبه مهما كان ولا يمس الدعوة السلفية بشئ وكل ابن آدم خطاء. أما أن تحمل الدعوة السلفية خطأ واجتهاد كل واحد حتى ولو كان مؤسسها فهذا قمة الظلم والاجحاف والإسلام العظيم لا يتحمل خطأ منتسبيه.
اللهم إنا نبرأ إليك من كل ذنب وإثم وخطيئة تنسب زورا وبهتانا للإسلام
ونبرأ إليك من اجتهاد باطل وفقيه متفيهق وجاهل منتسب إلى العلم، ونبرأ إليك من ظلم الظالم وطغيان الطاغي، ونعوذ من جلد الفجر وعجز الثقة
وآخر دعونا أن الحمدلله رب العالمين .