نشر الموقع الإلكتروني لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، الأربعاء الماضي، تحقيقًا بعنوان “مَن داخل المنزل الزجاجي”، يفيد بأن إيران تقود حربًا خفيَّة في سوريا تكلِّفها مليارات الدولارات، من مبنًى سرِّيّ ضخم يضمّ كبار قادة الاستخبارات الإيرانية قرب مطار دمشق الدولي، حيث تقود من هناك جيشًا سرِّيًّا لدعم بشَّار الأسد، وفقًا للمعلومات المسرَّبة من عناصر الاستخبارات إلى موقع الصحيفة البريطانية.
وحسب ملفّ هذه المعلومات فإن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، أنفق مليارات الدولارات في دعم حليفه بشَّار الأسد في السنوات الخمس الماضية.
وفي بناء مؤلَّف من خمسة طوابق، يقع بالقرب من مطار دمشق الدولي، تدير المجموعات الإيرانية عملياتها الحربية، حيث تتمّ عمليات استخباراتية وعمليات لمكافحة التجسُّس، كما يحتوي البناء على خزائن مليئة بملايين الدولارات القادمة من طهران.
“المنزل الزجاجي” الإيراني محاط بأعلى درجات الأمان والحذر، فتحيط به جدران مضادّة للتفجير، وتحرسه قوات مدجَّجة بالسلاح المتطور، بالإضافة إلى أكثر من ألف موظَّف يخضعون لإجراءات أمنية مشدَّدة.
يتكون المبنى من 180 غرفة، أُنشئَت في موقع قريب جدًّا من مهبط للطائرات، يُسَمَّى “محمد علي”، ممَّا يجعل تَلَقِّي الشحنات من القوات والأموال والمعدات، وحتى الهروب إذا ما سقطت دمشق، أمرًا سهلًا لقادة الجيش الإيراني.
يحتوي المبنى على عدد من الإدارات، مثل إدارة مكافحة التجسُّس والخدمات اللوجستية والدعائية، وقيادة المرتزقة الأجانب… وتقع إدارة أجهزة الاستخبارات الإيرانية المسؤولة عن المبنى “السري” في الطابقين العُلوِيَّيْن.
يضمّ المبنى أيضًا عيادة خاصة مزوّدة بـ20 سريرًا لكبار الضباط الجرحى، ومرافق لحفظ ملايين الدولارات، التي توضع في الطابق السفلي، حسبما يفيد التقرير.
وأوضحت التسريبات أن طهران أنفقت مبلغًا كبيرًا يتجاوز مئة مليار دولار خلال انخراطها في الصراع في سوريا منذ عام 2011، بما في ذلك المعدّات والإمداد بالمقاتلين الخبراء والاستشاريين لنظام الأسد، وملايين من الدولارات تُسلَّم نقدًا بانتظام في مهبط الطائرات الإيرانية، قبل نقلها إلى المقر الإيراني (المنزل الزجاجي)، وعُيِّن العميد سيد الرازي موسوي، الذي شغل منصب قائد قوات القدس في سوريا، مسؤولًا عن دفع الرواتب للمقاتلين.
وبسبب الاستثمار السياسي والمالي والعسكري الكثيف لإيران في سوريا، فإنه من غير المرجَّح أن تسحب إيران وجودها على الأرض -حتى بعد سقوط نظام الأسد- دون صنع تَحوُّل محوريّ في ميزان القوى، مما يضع السوريين في مواجهة مع إيران قبل مواجهة الأسد.
يقول الخبراء إن إيران تقود اليوم أكثر من 60 ألف مقاتل “شيعيّ” في سوريا، 45 ألفًا منهم من المرتزقة “الشيعة” من العراق وأفغانستان وباكستان ولبنان، إضافة إلى ميليشيا “حزب الله” اللبناني، الذي يملك هيكلية قيادة مستقلة، لكنها تعمل بتنسيق عالٍ مع القوات الإيرانية، إذ يُقَدَّر عدد ميليشيا حزب الله في سوريا بنحو 10 آلاف مقاتل، حسب ما ذكرته التسريبات.
وقال كمال علّام، محلّل الأبحاث في المعهد الملكي البريطاني (RUSI)، لموقع “ديلي ميل”، إن التسريبات الاستخباراتية “معقولة”، وأضاف أنه يذهب بشكل منتظم إلى سوريا ويزور ساحات القتال هناك، وقد رأى بأمّ عينه كيف يحاول الإيرانيون الحفاظ على سرّية عملياتهم هناك قدر الإمكان، وأشار علّام إلى أن القوات الإيرانية في سوريا تستطيع التحدث باللغة العربية بدلًا من الفارسية في الأماكن العامة، ولا ترتدي الزيّ الإيراني، “ممّا يصعِّب على المراقبين معرفة عدد تلك القوات الحقيقي في البلاد”.
ترجمة|مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية