في مشهد سياسيّ مزدحم بالأولويات، يبرز اسم النائب علاء عابد بوصفه واحدًا من أكثر الوجوه حضورًا في قاعة البرلمان المصري وفضائه العام؛ صوتٌ اعتاد الإمساك بالملفات الصعبة، بدأها من رئاسة لجنة "حقوق الإنسان"، ثم رئاسة لجنة "النقل والمواصلات"، حيث تتقاطع السياسة بالتنمية، والرقابة بالتشريع، والخطط الكبرى بحاجة الناس اليومية. وهو في ذات الوقت نائب رئيس حزب «مستقبل وطن»، ما يمنحه تأثيرًا تنظيميًا وسياسيًا مضاعفًا داخل البرلمان وخارجه.
أولاً: لجنة حقوق الإنسان
خلال رئاسته لجنة حقوق الإنسان في مجلس "2015-2020"، قاد عابد واحدةً من أكثر التجارب البرلمانية انخراطًا في الزيارات الميدانية لأماكن الاحتجاز، في مسارٍ هدفه التحقق والاطمئنان والاستماع المباشر، ونقل الصورة الحقيقية للعالم. شملت الزيارات سجون برج العرب، والقناطر، والمنيا، حيث رافقت اللجنة النزلاء في الورش التأهيلية وراجعت أوضاع الرعاية الصحية وبرامج محو الأمية، ودوّنت ملاحظاتها وأشادت بمبادرات علاج «فيروس سي» داخل السجون. هذه الزيارات، بما حملته من حضورٍ برلمانيّ مباشر، رسّخت نهج «المعلومة من الميدان».
وفي مداخلاته العامة آنذاك، ربط عابد بين تحسين المنظومة الحقوقية ومسارات الإصلاح التشريعي والحوار مع المؤسسات الدولية، متناولًا ملف «الاستعراض الدوري الشامل» ومبادئ حرية الرأي مع التأكيد على احترام القانون المنظّم. كما شارك متحدثًا في مؤتمرٍ دوليٍّ حول دور المؤسسات الوطنية في متابعة أهداف التنمية المستدامة، مقدمًا مؤشرات تقدم الملف الحقوقي المصري.
ثانيًا: لجنة النقل والمواصلات
انتقل النائب علاء عابد إلى رئاسة لجنة النقل والمواصلات، ليضع خبرته في حقلٍ تنمويٍّ بالغ الحساسية يمسّ حياة ملايين المواطنين من المصريين. فاز برئاسة اللجنة بالتزكية لأكثر من دورة، محددًا أجندة تقوم على «تشريعات واتفاقيات لاستكمال حكاية وطن»، مع تكثيف الزيارات الميدانية والمتابعة اللصيقة لطلبات الإحاطة.
وعلى مستوى الرقابة المالية، قادت اللجنة -برئاسته- مناقشات واعتمادات لموازنات هيئات النقل، منها جهاز تنظيم النقل البري الداخلي والدولي، وديوان عام وزارة النقل؛ وهو تتبّعٌ للأرقام يوازي تتبع المشروعات على الأرض.
أما على صعيد الاتفاقيات والتمويلات، فصادقت اللجنة على حزم تمويل مشاريع استراتيجية: من تحديث خط سكة حديد «الأقصر-السد العالي» بتمويل كوري، إلى منحٍ فنية لمترو «أبو قير» بالإسكندرية عبر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية -وهي مقاربة تمويلية وصفها عابد بأنها «أقل كلفةً وأعلى جدوى» حين تتوفر قدرة السداد لدى الهيئات.
ولم تقتصر الحركة على قاعات الاجتماعات؛ فقد نظّمت اللجنة جولات ميدانية في جنوب سيناء وعلى طرقٍ ساحلية خطرة، وقدّمت توصياتٍ لتحسين السلامة المرورية، كما تابعت على الأرض مشروع محطة قطارات الصعيد «بشتيل» وأعمال تطوير موانئ البحر الأحمر، في ربطٍ بين التخطيط والواقع العملي.
ثالثًا: حضور سياسي وإقليمي
يحضر اسم علاء عابد في القضايا الإقليمية ذات الصلة بالأمن القومي، بخطابٍ يوازن بين صرامة الموقف وواقعية الدبلوماسية. من إشادته بالتحركات المصرية في الملف الفلسطيني، إلى انتقاداته الحادة لمحاولات تلويث صورة الدور المصري أو تسييس المعابر، ظل موقفه صريحًا في تأكيد مركزية القاهرة وحكمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في إدارته للأزمات. كما دوّن مواقف آنية منددة بقراراتٍ تمس التمثيل الفلسطيني في الأمم المتحدة، بما يعكس يقظةً سياسية ومتابعةً لصيقة للملفات الساخنة.
رابعًا: مقال صحيفة «الوطن»
إلى جانب عمله البرلماني، يكتب علاء عابد سلسلة مقالات رأي منتظمة في صحيفة «الوطن»، ونقرأ عنوانها وبنيتها فنجد خطابًا يُغلِّب منطق الاستقرار والعقلانية السياسية. وفي جولةٍ سريعةٍ بين أبرز هذه المقالات:
- «12 عاماً على الثورة.. من الخلاص إلى البناء» (4 يوليو 2025)
قراءة في تحوُّل 30 يونيو من لحظة إنقاذ إلى مسار بناء، وترسيخ لمفهوم الدولة الوطنية ومؤسساتها.
- «الشائعات والفلاتر الثلاثة.. الحق -الخير -النفع» (18 يوليو 2025)
مقاربةٌ قيمية لمكافحة الشائعات تستدعي معيارية سقراط الأخلاقية في غربلة الخطاب العام.
- «في ذكرى 23 يوليو.. المشروع الوطني من عبدالناصر إلى السيسي» (25 يوليو 2025)
وصل تاريخيّ بين مشروعين وطنيين، يقرأ الاستمرارية في بناء الدولة الحديثة.
- «البلوجرز… والإساءة لقيم المجتمع» (8 أغسطس 2025)
نقدٌ لظواهر المنصات الرقمية حين تمس الثوابت والقيم العامة.
- «أكذوبة إسرائيل الكبرى وأوهام نتنياهو» (15 أغسطس 2025)
تفنيدٌ لسرديات الاحتلال ومحاولات تصدير الفشل.
- «العلاقات المصرية -السعودية.. ضمان لاستقرار المنطقة» (22 أغسطس 2025)
دفاع عن محور القاهرة -الرياض كركيزة أمنٍ إقليمي.
- «مخطط نتنياهو.. محاولة جديدة للفشل» (29 أغسطس 2025)
ردّ على حملات تحاول تشويه الدور المصري في غزة عبر أدواتٍ دعائية وتنظيماتٍ متطرفة.
- «بين نار الحرب وعين الحكمة» (20 يونيو 2025)
قراءة لتصاعد التوتر الإيراني -الإسرائيلي، وميزان القوة والحكمة.
- «بعد 77 عاماً.. ما زالت فلسطين قضيتنا» (16 مايو 2025)
تثبيت مركزية فلسطين في الوعي القومي المصريين.
- «خُلِقَ الإنسانُ في كَبَد» (23 مايو 2025)
تأمل قيميّ يستند إلى النص القرآني في صناعة الصبر الجمعي والنهضة.
- «برلمان مصر» (11 يوليو 2025)
دفاع عن النضج المؤسسي وجدوى الأدوات الرقابية حين تُمارس بكفاءة.
- «تظاهرة إسرائيل وإخوان تل أبيب» (1 أغسطس 2025)
كشفٌ عن تلاقي خطاب التحريض على الدولة المصرية مع أهداف دعاية الاحتلال.
هذه المقالات ترسم خريطة ذهنية لمفاهيم «الدولة الوطنية، الاستقرار، محورية الدور المصري، الأخلاق العامة في الفضاء الرقمي، وإدارة الأزمات الإقليمية»، وتُظهر كاتبًا ينسج حجته بلغةٍ متماسكة تستدعي التاريخ وتقرأ الجغرافيا السياسية بهدوء محسوب.
خامسًا: ملامح مدرسةٍ برلمانية
إذا جُمعت خيوط هذه التجربة، أمكن تلخيص «النائب علاء عابد» في ثلاثيةٍ واضحة:
- الاقتراب من الميدان: من تفقد السجون سابقًا إلى تفقد الطرق والموانئ والمحطات اليوم؛ القرار يبدأ من الواقع وينتهي إليه.
- التمويل بعين الرقابة: قبول القروض والمنح وفق قدرة السداد وجدواها الاقتصادية لا باعتبارها «مالاً سهلاً»، بل أداةً محسوبة لدفع مشروعات بعائد تنموي.
- مأسسة الخطاب العام: يوازي نشاطه البرلماني صوت تحليليّ في صحيفة «الوطن» يصوغ رواية دقيقة عن أولويات الدولة وموقع مصر في الإقليم.
وختامًا: النائب علاء عابد على سكة الأولويات الوطنية
من لجنة "حقوق الإنسان" إلى لجنة "النقل والمواصلات"، مضى علاء عابد في خطٍّ تصاعديٍّ يجمع الرقابة بالتشريع، والتواصل المجتمعي بصناعة الرأي. وفي زمنٍ تتصارع فيه السرديات وتتسابق المشروعات، تبدو تجربته نموذجًا لسياسيّ «ميدانيّ -مؤسسي»؛ يكتب بوضوح، ويتابع بالأرقام، ويتحرك في الجغرافيا التي تُبنى عليها حياة الناس كل يوم. وفي ذلك، تكمن قيمة هذا المسار، وهو أن يكون النائب جسرًا بين الشارع وخطط الدولة، وبين الكلمة المسؤولة والقرار الممكن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش توثيقية:
- صحيفة «الوطن» (مقالات الرأي).
- بيانات وجولات لجنة النقل ومناقشات الموازنات (اليوم السابع/المصري اليوم/بوابة الأهرام/المال).
- جولات حقوق الإنسان (اليوم السابع/الشروق/البوابة).
* رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية