الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

مستقبل الأمن الإقليمي في عصر الهيمنة الأمريكية

آراء وأقوال - د. عبير فاروق عبد العزيز* | Thu, Oct 31, 2024 1:20 AM
الزيارات: 357
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

يعد الصراع في الشرق الأوسط أحد أكثر القضايا تعقيدًا في السياسة العالمية المعاصرة؛ حيث تتشابك فيه المصالح الاستراتيجية للقوى الكبرى مع التوترات الإقليمية المستمرة. تلعب الولايات المتحدة دورًا محوريًّا كداعمٍ رئيس لمشروع "الشرق الأوسط الجديد"، الذي يسعى إلى إعادة تشكيل المنطقة من خلال زعزعة الاستقرار كأدواتٍ لتنفيذ أجنداتٍ سياسية، بينما تبرز (إسرائيل) كفاعلٍ رئيس ينفذ هذه السياسات.

تزداد هذه التفاعلات تعقيدًا في ظل التنافس المتزايد بين القوى العالمية -مثل الصين وروسيا-؛ مما يخلق بيئةً مليئةً بالصراعات. ومن جانبنا، نسعى دائمًا إلى تحليل الأبعاد السياسية والعسكرية للصراعات الحالية في المنطقة، وتأثيرها على القضية الفلسطينية، وعلاقتها بالمصالح العالمية؛ مما يتطلب فهمًا عميقًا للسياقات التاريخية والجيوسياسية. فكما نرى، تواصل الولايات المتحدة سعيها للحفاظ على هيمنتها على العالم، حيث تسعى واشنطن إلى تقييد طموح وجمح النفوذ الصيني والروسي. وبعد دعم الروس لسوريا، لاحظت أمريكا توطين النفوذ الروسي في الشرق الأوسط؛ فبدأت فى إغراق روسيا في الحرب مع أوكرانيا، وهي في الحقيقة حربٌ بين روسيا والولايات المتحدة على الأراضي الأوكرانية، ناهيك عن عرقلة مشروع "طريق الحرير" الصيني.

كما تنظر الولايات المتحدة أيضًا إلى مجموعة البريكس بوصفها تهديدًا لنفوذها، على عكس أعضاء منظمة البريكس الذين يرون في البريكس الأمل في تحرير العالم من الهيمنة الأمريكية. وفي الحين الآخر، نتساءل عن أهداف التحركات العسكرية الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك نشر حاملات الطائرات والمدمرات في البحر الأحمر، هل تُعتبر هذه الإجراءات فعلًا لحماية (إسرائيل) من الجماعات المسلحة حزب الله، والحوثيين، أم أنها تستهدف تحقيق مصالح أخرى تخدم الهيمنة الأمريكية؟

إن الدور الذي يلعبه اللوبي اليهودي في السياسة الأمريكية يُزيد من تعقيد المشهد؛ حيث يؤثر بشكلٍ كبيرٍ على صنع القرار الأمريكي، ويعزز سياساته التوسعية وحلمه وسعي اليهود إلى تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، ويظهر ذلك في توالي العمليات الانتقامية المتمثلة في اغتيالات قادة حماس في سياق دعمهم للمقاومة الفلسطينية في غزة، التي أظهرت الضعف الإسرائيلي، وعملت على عرقلة مشروع تهجير الفلسطينيين.

ورغم نجاح العمليات الاستخباراتية الإسرائيلية في اختراق صفوف المقاومة واغتيال بعض القادة، إلا أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من الصمود ومواجهة العدو الصهيوني، ولا تزال قادرة على تحقيق بعض المكاسب. إن ما يحدث اليوم في الشرق الأوسط ليس مجرد صراعٍ محلي، بل هو تجسيدٌ لصراعٍ وجوديٍّ يتعلق بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، ويتطلب هذا الوضع فهمًا عميقًا للتاريخ، حيث يتضح أن الحرب الحالية هي حرب عقيدة لليهود، بالإضافة إلى مصالح أمريكية تتجاوز الحدود، وتنطوي على صراعٍ بين قوى عظمى تسعى لتحقيق نفوذها في منطقةٍ غنيةٍ بالموارد والثروات.

وهنا، يبرز السؤال حول كيفية تطور هذه الصراعات وتأثيرها على الأمن الإقليمي والدولي، فلذلك يتعين على المجتمع الدولي أن يعي المخاطر المترتبة على استمرار هذه السياسات؛ حيث إن تجاهل القضايا الإنسانية والسياسية سيؤدي إلى تفاقم الأزمات وتعميق الصراعات وخاصةً الصراعات في غزة، واليمن، ولبنان، وإيران. والتصعيد العسكري يعكس تعقيد الأزمات المستمرة وتداخل المصالح الإقليمية والدولية.

إن حرب (إسرائيل) في غزة ليست مجرد نزاعٍ عسكري، بل هي تجسيد لصراعٍ طويل الأمد حول الهوية والحقوق، ويأخذ بعين الاعتبار حقوق الشعوب في تقرير مصيرها.

حفظ الله الوطن العربي، وحفظ الله مصرنا الحبيبة.

ــــــــــــــــــ

*دكتوراه في العلوم السياسية

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت