الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

مرور عام على «ثورة جينا»... والعالم لا يبالي إزاء قضيتنا الكوردية

آراء وأقوال - عارف باوه جانی* | Sat, Oct 7, 2023 2:30 AM
الزيارات: 6125
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

المقدمة

التأريخ يمضي بسرعة، وعلى العكس تمامًا نيل الحقوق تمضي ببطء كبير، الأمة الكوردية وكوردستان لها تأريخاً مليئاً بالكوارث والاحداث الدامية يمتد للآلاف السنين، الحديث عن هذا التأريخ بحاجة الى كتابة عشرات الكتب والروايات،هنا نريد الأشارة بأختصار الى ثورة الشهيدة جينا الذي مضى عليها عاماً كاملاً كسرعة البرق من دون ان نشهد تحركاً ملموساً من قبل من يسمون بالمدافعين عن حقوق الإنسان.

من هي جينا... وكيف استشهدت ولماذا تم قتلها؟

في 13 سبتمبر/أيلول 2022 كانت الفتاة اليافعة والمحبة للحياة وعاشقة العلم والمعرفة "جينا اميني" التي غيروا اسمها إلى مهسا من دون موافقة والديها في زيارة إلى بيت خالتها مع والديها، جائوا من مدينة سقز في شرق كوردستان الى العاصمة طهران استعداداً لبدء العام الدراسي الجامعي الجديد واعداد مستلزمات الدراسة،لكنها مع نزولها في محطة المترو تعرضت للضرب المبرح وبشكل وحشي من قبل جلاوزة النظام،ما تسبب بوقوع جروح خطيرة في منطقة الرأس وبعد الرقود في المشفى لمدة ثلاثة ايام في قسم العناية المركزة لم يستطع الاطباء انقاذ حياتها لتسلم روحها إلى بارئها في 16 سبتمبر/أيلول 2022 وكان ذلك الحدث التراجيدي بمثابة شرارة  لأيقاد نار ثورة شعبية وبركان جارف في شرق كوردستان هزعرش النظام الفارسي ودوت اصدائه على مستوى الشرق الاوسط والعالم.

ردود الأفعال

كما رأينا في مدن وقصبات ومناطق شرق كوردستان، كان لأستشهاد الطالبة الجامعية والحادث المروع ردة فعل قوية من قبل ابناء الشعب وذلك بالقيام بأنتفاضة شعبية عارمة امتدت شرارتها الى جميع المحافظات والمدن الايرانية  و تنظيم تظاهرات شعبية واسعة ضد النظام بسبب أرتكابه هذه الجريمة الشنيعة التي هزت الضمير الأنساني لتمتد للعواصم العالمية التي يتواجد فيها الجاليات الايرانية الذين نظموا تظاهرات صاخبة منددة بالنظام بسبب قتل الشهيدة جينا من دو ذنب.

خلال التظاهرات الشعبية العارمة التي اجتاحت غالبية المدن الايرانية استشهد اكثر من 600 شخص على يد القوات الامنية للنظام،فضلا على اعتقال الالاف من المتظاهرين الذين تم اعدام اعداد كبيرة منهم بذريعة معارضة النظام،وهناك اعداد اخرى حكموا بالأعدام بعد اشهر من التظاهرات ولكن حتى كتابة هذا المقال لم يتم تنفيذ الحكم  ضدهم وهم ينتظرون الموت المحتوم من دون علم عوائلهم، كما اصيب الالاف من المتظاهرين باطلاق الرصاص ادى الى بتر اطراف بعضهم وأعاقة اعداد اخرى، كما قام الاف آخرين بترك البلاد والهروب من بطش النظام واللجوء الى المنافي في العالم خوفاً من اعتقالهم وزجهم في السجون والمعتقلات ومن ثم تصفيتهم بشكل جماعي.

لقد بذلت مساعي كبيرة لتضليل الرأي العام وتزييف الهوية الكوردستانية للثورة التي اشعل فتيلها شعب كوردستان وسرقة تضحياته على اساس ان الثورة لا علاقة لها بقومية معينة وانما ثورة شعبية ايرانية ضد النظام حيث كان ذلك خلافاً للواقع والحقيقة، كون جميع الثورات القديمة والمعاصرة في شرق كوردستان كانت وماتزال من اجل الحرية والديمقراطية لجميع الشعوب والقوميات التي ترضخ تحت الأحتلال الفارسي، فضلا على ان حقوق المراة تشكل جزءاً مهما وحيزا كبيرا من برامج وخطط الاحزاب الكوردية في شرق كوردستان.

في غالبية العواصم العالمية تم تنظيم مسيرات وتجمعات ونشاطات ثقافية ودبلوماسية مكثفة من قبل الشعوب المحبة للسلام دعما لشعبنا المنتفض في شرق كوردستان وايران بشكل عام، وفي الاشهر الأولى  للأنتفاضة الشعبية تم فضح جرائم النظام ضد الجماهير المنتفضة من قبل وسائل الاعلام العالمية في اوروبا والولايات المتحدة ودول العالم الاخرى وتم فرض عقوبات على شركات ومؤسسات وشخصيات تابعة للنظام الايراني من اجل فرض عزلة دولية عليه.

ثورة جينا في كوردستان مستمرة، ولكن لماذا التلاعب والعبث بمصطلح "حقوق الإنسان"؟

ثورة جينا كغالبية الثورات المطالبة بالحقوق والحريات مستمرة وسوف لن تتوقف..في داخل الوطن المحتل ما تزال الأنتفاضة قائمة من دون المساس بمضمونها.

ورغم انحسارالتظاهرات والمسيرات في الشوارع والساحات الكوردستانية ،الا ان اهداف الثورة ما تزال حية مترسخة في اذهان جميع الكوردستانيين، والجماهير ما تزال على اهبة الاستعداد لأشعال فتيلها من جديد واستمرارها في اية لحظة يرونها مناسبة.

للأسف كما في  المراحل التأريخية الماضية، قامت الدول الاجنبية بأطلاق صفارة انتهاء اللعبة (الثورة) من دون تحقيق نتيجة في دقائقه الختامية ، وبعد مضي وقتا قصيرا اختزلت تلك الدول دعمها للثورة في الأطارالأعلامي فقط ، وكما رأينا في مرحلة ما بعد ثورة (جينا) شرعت تلك الدول من جديد بعلاقاتها وزياراتها ولقائاتها واجتماعاتها مع مسؤولي النظام الأيراني من اجل مصالحها ، من خلال نتائج تلك الثورة الشعبية اتضح لي وللكثيرين من المراقبين السياسيين والناشطين المحليين والدوليين ان الدول الكبرى ليست مستعدة للتضحية بمصالحها الأقتصادية والأمنية من اجل الدفاع عن حقوق الأنسان وحقوق الشعوب الراضحة تحت الأحتلال ، والتي صدعوا بها رؤوس العالم منذ عشرات السنين وكتبوا عنها العديد من الكتب وعقد مئات بل آلاف  الندوات والحوارات التلفزيونية فضلا عن ادراج مناهج تخص تلك الادعائات الزائفة في جامعاتهم وكلياتهم، و عندما تنتهك حقوق الانسان في العالم بشكل فاضح،يصمون آذانهم ويديرون وجوههم وكأن شيْ لم يحدث.

موقف المتفرج للقوى الكبرى ودول العالم

منذ سنين طويلة والشعب الكوردي الذي يعد اكبر قومية من حيث النفوس والتأريخ في منطقة الشرق الاوسط ما يزال تحت هيمنة وسلطة النظم الدكتاتورية في المنطقة واضحى ضحية لمصالح القوى الكبرى،وان تظاهروا احيانا بصداقتهم لشعبنا كان ذلك في الجانب الانساني فقط عبر المنظمات الأنسانية والخيرية لأيصال بعض المساعدات، ولكن لم يقفوا الى جانب الكورد من الجوانب السياسية والدبلوماسية ولم يظهروا استعدادهم لدعمنا من اجل نيل حقوقنا المشروعة وخلاصنا من براثن المحتلين في حين عين الدول الكبرى دعموا شعوب وقوميات صغيرة اخرى من اجل الاستقلال.

بعد الحرب الكونية الثانية وليومنا الحاضر وبدعم من الدول الكبرى استعادت اكثر من 100 قومية وشعب في اوروبا وآسيا وافريقيا سيادتها واستقلاليتها رغم انها اقل نفوسا من شعبنا واصغرمساحة من جغرافية كوردستان ، من ضمنها جمهوريات الأتحاد السوفيتي السابقة في عام  و1991 والقوميات التي كانت منضوية في جغرافية يوغسلافيا فضلا على شعب جنوب السودان ومنذ عام 2000 والى اليوم نالت تلك الدول استقلالها بشكل كامل واصبحت صاحبة القرار لمستقبل شعوبها، في حين وبأعتراف المؤرخين العالميين، الشعب الكوردي له تأريخ حي وسلطة وتواجد في المنطقة يمتد الى حوالي 2800 عام ، كالدولة الميدية وحضارة ميزوبوتاميا وبلاد ما بين النهرين التي انشأت قبل السلطة الميدية، اي ان الكورد ليسوا بأقلية صغيرة فاقدة  للتأريخ والحضارة  والأصالة وطارئة على المنطقة. هذا في الوقت الذي جميع مواد وفقرات الميثاق العالمي لحقوق الأنسان تنطبق على الشعب الكوردي ومن حقه ان ينال تلك الحقوق، لكنه حرم من حقوقه بسبب الصفقات السياسة والأقتصادية بين دول المنطقة والقوى العظمى، وعندما تتسائل في الولايات المتحدة واوروبا وبعض دول آسيا والشرق الاوسط عن جوهر وحقيقة النظام الايراني يجيبون انه نظام دكتاتوري قمعي خطير، في حين نفس تلك الدول لم يدعموا شعبنا للخلاص من براثن النظام الأيراني المحتل.

ماذا على الشعب الكوردي وكوردستان فعله في المرحلة المقبلة؟

قبل شهرين من الآن مر مئة عام على عقد وتوقيع معاهدة لوزان ،وكان البعض يتصور بل يعتقد ان بعد مرور مئة عام على تلك المعاهدة سيحدث تغيير على فقراته بتدخل من بعض الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة ، وسيمهد هذا التغيير الجديد الارضية المناسبة لخلاص الامة الكوردية من الهيمنة والأحتلال ، للأسف لم يتم التطرق الى مستقبل المعاهدة او طرح امرا جديدا يمكن لشعب كوردستان ان يبنى عليه املا لمستقبله.

لقد وصلنا نحن الكورد الى هذه القناعة، الا نعول ابداً على الدعم الأجنبي لتحقيق حلمنا في الأستقلال والخلاص من الاحتلال، علينا تغيير اسلوب نضالنا ومطالبتنا بالحكم الذاتي والفدرالية والتعايش المشترك الذي استمر عقود من الزمن و لم يلقى آذانا صاغية او تجاوباً ايجابياً محلياً من قبل الفرس الأيرانيين والقوى الاجنبية، لذلك علينا تغيير اسلوبنا النضالي والعمل من اجل بناء كيان مستقل او دولة مستقلة.

علينا الا نيأس ونقول ان العالم لا يدعم نضالنا من اجل الأستقلال،منذ حوالي 80 عاما ايضا نناضل من اجل الحكم الذاتي والنظام الفدرالي،في تلك الفترة ايضا ًلم نلق دعما من اية دولة في العالم لتحقيق اهدافنا.

ينبغي الا نسمح باستمرار اراقة دماء ابناء شعبنا من اجل السلام واستقرار جغرافية مصطنعة يستفاد منه قومية السلطة الحاكمة ويستمر على نهجه العنصري.

ينبغي ان يكون نضالنا من اجل الأستقلال وطرد المحتل من اراضينا وذلك بفرض سياسة الأمر الواقع وحينها البلدان التي ترى مصلحتها في استقلالنا ستتقدم وتخطوا نحونا.

لا شك ان المصالح التي جعلت من بعض الدول حماية للدفاع عن المحتل، هو البترول والغاز والذي جزء منه ملك لشعب كوردستان ومخزون في باطن أرضنا، عندها الشعب المالك لتلك الثروة يمكنه ادارتها وبيعها في الأسواق العالمية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

* رئيس حزب سربستي كوردستان

كلمات مفتاحية:

ثورة جينا كوردستان إيران

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت