على طول أکثر من أربعة عقود على تأسيس نظام ولاية الفقيه القمعي الاستبدادي في إيران، فقد واجه ومنذ الايام الاولى رفضا شعبيا طفق يتزايد مع مرور الزمن ولاسيما بعد إفتضاح کذب وزيف شعاراته البراقة ومزاعمه بشأن معاداة أمريکا وإسرائيل وکذلك دعم ونصرة الشعوب التي تعاني من نظم ديکتاتورية، الرفض الشعبي تزايد بصورة ملفتة للنظر ولاسيما بعد أن بدأ هذا النظام يضيق الخناق على الشعب ويصادر حرياته بحجج وأعذار واهية لايمکن تبريرها بأية صورة سوى إنها تصب في مصلحته الخاصة وتساهم في بقائه وإستمراره.
صدور 67 قرار إدانة دولية في مجال إنتهاکات حقوق الانسان ضد هذا النظام وکونه من الدول التي لها موقع الصدارة في تنفيذ أحکام الاعدامات والاولى في مجال إعدام الاحداث، أعطى إنطباعا عن ماهية اسلوب وتعامل هذا النظام مع الشعب الايراني خصوصا وإن إيران بفعل سياسات ونهج هذا النظام الفريد من نوعه في قمعه واستبداده قد غدت بمثابة جحيم لايطاق، وإن الايرانيين بين حالتين في التعامل والتعاطي مع هذا النظام، الاول رفضه والسعي من أجل مواجهته من خلال التحرکات الاحتجاجات المختلفة ضده والثاني الهجرة المتزايدة خارج إيران لأن الحياة کما أوضحنا صارت جحيم لايطاق في إيران.
يفيد تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في عام 2009 أن إيران تحتل، في هذا الصدد، تحت وطأة حكم نظام الملالي، المرتبة الأولى بين 91 دولة نامية أو
متخلفة في العالم. وأن الإيرانيين المقيمين خارج البلاد سجلوا 96 في المائة من براءات الاختراع التي سجلها المولودون بين عامي 2007 و 2012. كما أن 90 طالبا من أصل الـ 125 طالبا الذين تم تصنيفهم في الأولمبيادات العالمية خلال ثلاث سنوات؛ يدرسون في الجامعات الأمريكية. وهاجر من إيران خلال 14 عاما 63 في المائة من الطلاب الإيرانيين الحائزين على ميداليات في الأولمبياد.
وبنفس السياق فقد کتبت صحيفة"دنيا إقتصاد" الحکومية في 5 يونيو 2016، مشيرة إلى مأساة هروب النخب، وإلى أن 25 في المائة من إجمالي الإيرانيين المتعلمين يعيشون الآن في البلدان المتقدمة: "يفيد إحصاء صندوق النقد الدولي أن ما يتراوح بين 150,000 إلى 180,000 إيراني متعلم يقبلون على مغادرة إيران سنويا، وأن إيران تحظى على الصعيد العالمي بمكانة بارزة من حيث هجرة العقول؛ بين 91 دولة نامية ومتخلفة. والجدير بالذكر أن هجرة ما يتراوح بين 150,000 إلى 180,000 إيراني من ذوي التعليم العالي يعادل خروج 50 مليار دولار من رأس المال سنويا من البلاد".
مشکلة النظام الايراني الاساسية کانت ولازالت وستبقى طالما بقي هذا النظام، مع الشعب الايراني، وهذه حقيقة صارت ملموسة ولاسيما بعد إندلاع 4 إنتفاضات عارمة ضده کادت تطيح به لو کان هناك دعم وتإييد دولي لها، لکن مع ذلك ومع إن النظام راهن ويراهن على الممارسات القمعية وعلى السجون والاعدامات وعمليات التعذيب في سجونه الرهيبة، والذي يجب أن نشير له هنا ونقف عنده، هو إنه لولا الدور المهم والمٶثر والحيوي للمقاومة الايرانية في کشف وفضح الماهية والمعدن العدواني الشرير لهذا النظام وکشف وفضح معلومات صادمة بشأن مايجري في داخل إيران من جرائم مروعة من جانب النظام بحق مختلف شرائح ومکونات الشعب الايراني، فإن هذا النظام کان سيطلق العنان لنفسه لکي يتمادى أکثر فأکثر بهذا الخصوص.
أولئك الذي يسعون من أجل مد الجسور مع هذا النظام والسعي من أجل"إعادة تأهيله" دوليا يشبهون الذي يرکض وراء سراب بقيعة أو کمن ينتظر مطر مزنة صيف، وإن النظام الذي کانت ولازالت مشکلته الاساسية مع شعبه لايمکن أبدا أن يکون مفيدا وصالحا مع غيره!
نقلًا عن: مركز الخليج للدراسات الإيرانية