الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

شريف عبد الحميد يكتب: الاسم «إعلامي».. والمهنة مُحتال!

آراء وأقوال - | Mon, Feb 14, 2022 11:59 PM
الزيارات: 4530
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

كثر خلال الآونة الأخيرة عدد «الدخلاء» على صناعة الإعلام في بلادنا، ممن يذكرون أسماءهم مسبوقة بلقب «الإعلامي»، ويطرحون بهذا اللقب شباك النصب والاحتيال على بعض المستثمرين الراغبين في تمويل وإنشاء القنوات من الدول العربية، أو حتى ينشئون القنوات الفضائية بأنفسهم من خلال التأجير، فيصبحوا «إعلاميين بفلوسهم»!

وبينما بات الإعلام العربي في عصرنا الراهن الباب الأوسع لتحقيق الشهرة والمال في أسرع وقت، على حساب القيم الإعلامية الأصيلة، أصبح لقب «إعلامي» طريقًا ممهدًا إلى الثراء السريع. وذلك في ظل غياب أي معايير مهنية من شأنها تحديد ماهية الإعلامي الحقيقي، وتمييزه عن الدخلاء أصحاب حرفة النصب، الذين صارت لهم الغلبة، بعد ما أصبحوا أغلبية!

وفي الماضي، كانت النجومية الإعلامية تولد من رحم احترام المتلقي، مع التحلي بالمسؤولية الكاملة تجاه هذا المتلقي، الأمر الذي يعني - ببساطة- أن على الإعلامي تحمل مسؤولية المصداقية في تصريحاته أو أخباره، وأنه لا يجوز نقل أي خبر دون التحقق منه والتدقيق فيه، على اعتبار أن الإعلام إنما هو «أمانة» في المقام الأول.

أما الآن، وفي عصر الفضاء الإلكتروني، فقد اختلط الحابل بالنابل، وأصبحت الساحة مفتوحة للجميع، وصار الإعلام هو مهنة من لا مهنة له، بلا أي مؤهلات علمية للتصدي لهذه المهنة التي هي رسالة أولًا وأخيرًا. ولهذا، نشاهد بأعيننا ضمن ما نراه من ظواهر إعلامية مؤسفة، ظاهرة غريبة يمكن أن نطلق عليها «المقاول الإعلامي»، حيث «يؤجر» بعض الأشخاص غير المؤهلين ساعات الهواء من القنوات الفضائية الخاصة، لكي يستضيفوا خلالها أُناسًا مجهولين فيصنعوا منهم نجومًا، مقابل الحصول منهم على عشرات آلاف من الجنيهات في الفقرة الواحدة، ويكون المشاهد هو الضحية في نهاية المطاف.

والغريب في الأمر أن مهنة الإعلام هي المهنة الوحيدة التي لا يحتاج من يمارسها إلى أي ترخيص رسمي، رغم أنها واحدة من أخطر المهن على الإطلاق. فلو مارس شخص ما «الطب» مثلًا بدون ترخيص، لألقت السلطات المعنية القبض عليه فورًا. أما إذا وضع شخص آخر لقب «الإعلامي» قبل اسمه، ومارس هذه المهنة المظلومة «من منازلهم»، أو اعتمادًا على علاقة شخصية بهذا المستثمر أو ذاك في مجال الإعلام، فلن يسأله أحد: من أين لك هذا؟! 

ولأن «فاقد الشئ لا يعطيه»، بات هؤلاء من دخلاء الإعلام المصدر الرئيسي للشائعات الكثيرة المنتشرة هنا وهناك، فهم ليسوا بطبيعة الحال مؤهلين بأي صورة لممارسة هذه المهنة النبيلة، ولا يكلفون أنفسهم عناء التحقق من صحة الشائعات، بل إن كل ما يهمهم هو مجرد تحقيق «السبق الصحفي»، حتى لو كان ذلك على حساب الحقيقة الغائبة.

وعلى وقع منافسة غير متكافئة، بين إعلامي يتوخى المصداقية فيما يقوله أو ينشره، وآخر يبحث فقط عن الإثارة، فمن الطبيعي تميل الكفة إلى الدخلاء على حساب أبناء القطاع الحقيقيين، الذين تتراجع حظوظهم يومًا بعد يوم في سوق العمل الإعلامي.

ومن المؤسف أنه بهدف توفير كوادر بشرية بأقل تكلفة ممكنة، تتنازل بعض القنوات العربية عن معايير اختيار الإعلامي الكفؤ، وركبت هذه القنوات موجة الإعلام الهزيل المستقى في معظمه مما يُنشر على وسائل التوصل الاجتماعي، لتحقيق أكبر قدر من المشاهدات، بدعوى أن هذه هي «طبيعة العصر»!

إن الإعلام علم وفن وممارسة، وليس مهنة مستباحة لكل من هب ودب، كما هو الحال في هذه الأيام. ومن الأهمية بمكان أن تدرك الجهات المعنية خطورة ظاهرة «دخلاء الإعلام» من المحتالين والنصابين، وأن تتدارك ما قد ينتج عن ذلك من تزييف وعي الجمهور، وسيطرة الخرافات والشائعات على الساحة الصحفية والإعلامية، قبل فوات الأوان.

وسوف نتعرض في المقال القادم لبعض أسماء «دخلاء الإعلام» من المحتالين والنصابين.

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت