نواه سميث، جندي سابق بالقوات الخاصة الأمريكية، وهو مستشار أعمال في واشنطن، يطرح وجهة نظره، التي ليست بالضرورة نفس آراء مسؤوليه السابقين في الحكومة الأمريكية، وهو يشغل منصب رئيس العمليات الخاصة بمجلس بيست ديفينس.
لقد ذهبت إلى العراق في عام ٢٠١٢، في الطريق إلى هناك كان عمري ٢٧ عامًا ومستعد للقتال، توجهت إلى المنطقة الدولية وسط بغداد، كانت مهمتي تقديم النصح إلى القوات الخاصة العراقية لمساعدتهم على التكيّف في بيئة لم يتمتعوا فيها بدعم عسكري أمريكي مباشر، لقد كنا المدافعين عنهم والمقربين لهم، وقضيت الأشهر الست التالية في العمل مع مدرسة القوات الخاصة خاصتهم.
لم أكن أعلم أنني مقدم على تجربة محبطة تمامًا، وربما كانت الأكثر إرباكًا على الإطلاق.
لقد اتضح لنا بعد وقت قصير أن مهمتنا لم تكن لتنجح، لأنه مهما فعلنا، فإن العراق كان ينزلق نحو الحرب الأهلية، لقد كان تنظيم القاعدة بالعراق ينفذ عمليات اغتيالات ويتحول إلى شئ قوي، وكان تنظيم الدولة قد بدأ في الظهور.
كما أن نظراءنا العراقيين لم يثقوا بنا، ولماذا يجب عليهم ذلك؟ لقد ذهبنا إلى العراق، ثم غادرنا، والآن عدنا مجددًا – ولكن إلى متى؟
كما أننا قضينا وقتًا صعبًا مع الحكومة العراقية؛ فلم نكن قادرين على الحصول على الكمية التي نحتاجها من ذخيرة التدريب من أجل تقييم وتدريب المجندين الجدد، كما أن المناقشات السرية قد أدت إلى شك قوي في أن الحكومة كانت تقوم بتخزين الذخيرة كإجراء وقائي من أجل الحرب الأهلية الشيعية السنية.
لقد كان التدخل الإيراني في العراق عميقًا جدًا، فقد عاد مقتدى الصدر وأصدقاؤه من الميليشيات الشيعية، مثل عصائب أهل الحق، إلى العراق بعد نفيهم إلى إيران، وقد قاموا سريعًا بتأسيس قناة تليفزيونية ورحبوا بالخلايا الإيرانية النائمة، وفي كل يوم، كنت أشعر بأن كل تحركاتي مرصودة ويتم نقلها إلى إيران.
وقد عبر لي العراقيون عن قلقهم من استيلاء إيران على العراق، ولم يفعل أحد شئ حيال هذا الأمر، لكن كان انعدام الثقة في رفاقهم عميقًا حتى أن بعضهم كان يتوقف عن الكلام إذا دخل جندي آخر إلى الغرفة، حتى وإن كان صديقًا، لقد تلاشى الجنود السُنة وأصبحوا غير مرئيين، فقد غادر بعضهم دون إذن، ربما لأنهم كانوا يفضلون السجن العسكري على الجيش النظامي العراقي، وكان جميع المجندين الجدد تقريبًا من الشيعة.
وفي خضم كل هذا، كان من الصعب علينا أن نعرف ما الذي يجب أن نفعله، وهل سيكون في مصلحة العراق أم لا، بالطبع لم يكن هناك شيء كهذا، فلم يكن العراق لنا.
هكذا هو الأمر – أعتقد – عندما تتعارض السياسة مع الواقع، والحقيقة هي أن استراتيجية المضي قدمًا من أجل عراق موحد لم تكن واقعية نظرًا للوضع السياسي على الأرض، نحن لم نكن واقعيين؛ ففكرة العراق الموحد غير الطائفي كانت مجرد قصة خيالية، وكانت مهمتي تقتضي تطبيق هذه الحكاية الخيالية وتقديم تقرير مرحلي.
إنه إدراك من شأنه إضعاف الروح المعنوية لأي جندي، وكلما نظرت إلى الأمر الآن، أعتقد أنه كان أشبه بالعمل في سيرك وعرض سيناريو جيد غير معلوم المصدر، ومن الصعب إلقاء اللوم على وكالة أو وزارة بعينها، لقد كان رؤسائي جزء من نفس السيرك، كانوا مجرد مهرجين مختلفين في ثياب مختلفة.
لماذا لم نقم بالمزيد للتصدي لنزعات تمزيق العراق؟ لا أعلم، ولكن هذا ما أعتقده؛ أن الشعب الأمريكي لا يهتم؛ وكذلك السياسيون الأمريكيون؛ لذلك كان يتم اتخاذ القرارت بشكل غير محسوب وبدون التفكير العميق الضروري، كما كانت هناك تحديات طويلة الأجل ومعقدة – وقد أثرت وسوف تستمر في التأثير على حياتنا اليومية – إنه أمر كارثي أن نعود إلى وطننا ونكتشف أن الناس العاديين لا يكترثون لهذه الأشياء التي شكلت حياتي وحياة الكثير من الناس.
ولكن هذا لا يتعلق بي فقط؛ إنه يتعلق بالعراق، لقد كانت نتيجة حساباتنا الخاطئة وكسلنا الفكري وأخطائنا أننا وضعنا القوات الخاصة ضمن خطة للعمل مع الميليشيات الشيعية، وساعدنا على تفجير أعدائهم، وبعبارة أخرى؛ “لقد كنا نقوم بغارات جوية نيابة عن إيران”.
وهذا يخبرنا أن سياستنا الخارجية في العراق قد فشلت، بعكس ما تخبرنا به تقارير مؤسساتنا البيروقراطية، لقد ابتعلت إيران العراق، وقد كان أحد مستشاري الرئيس روحاني، ويدعى علي يونس، يفتخر قائلاً: “لقد أصبحت بغداد الآن عاصمة الإمبراطوية الإيرانية”، إن العراقيين يثقون بقتلة تنظيم الدولة أكثر مما يثقون بنا، لماذا؟ لأننا غادرنا وعدنا وقد نغادر مرة أخرى، لكن القتلة لن يذهبوا إلى أي مكان، وإذا أراد تنظيم الدولة تخويف المدنيين، فيمكنه تخويفهم بالميليشيات الشيعية.
وأخيرًا: لا أعلم ما يجب علينا القيام به، لكن ما نقوم به لا ينجح، وما أعرفه هو أننا نخسر الشعب العراقي الطيب، ونخسر الأمة التي قضينا بها أكثر من ١٠ أعوام.
ترجمة|التقرير
المقال الأصلي