ظهر المهندس برويز فتاح خلال الفترة الأخيرة، وخاصة منذ توليه رئاسة مؤسسة المستضعفين، على الساحة السياسية بقوة، ثم أعلن عن إمكانية ترشحه في انتخابات رئاسة الجمهورية التي ستقام بعد عدة أشهر، وقد كان برويز فتاح وزيرا للطاقة في الحكومة الأولى للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، إلا أنه اتخذ منهجا مختلفا عن زملائه الوزراء، وحتى عن رئيسه أحمدي نجاد، ومع ذلك لم ينتقد أحدا منهم، كما لم يتهم حبيب الله بيطرف الوزير السابق لوزارته في حكومة خاتمي بالتقصير أو الخطأ.
كانت شهرة فتاح نابعة من نظافة يده وحسن أخلاقه وتجنبه السفاسف، مما جعله شخصية محترمة. إلا أنه لم يكمل مع الرئيس أحمدي نجاد في فترة رئاسته الثانية، خاصة مع أحداث الفتنة التي أثارها مير حسين موسوي المرشح المنافس لأحمدي نجاد، فضلا عن أنه لم يرد أن ينضوي تحت لواء رحيم مشائي اليد اليمنى للرئيس أحمدي نجاد.
كانت فترة رئاسته لمؤسستي تعاونيات الحراس وإمداد الإمام مؤكدة لالتزامه بالأمانة والدقة وحسن الإدارة، مما جعل تعيينه رئيسا لمؤسسة المستضعفين موضع ترحيب من المسئولين والجماهير على حد سواء، فبدأ بداية جادة لتنمية المؤسسة، وزيادة مواردها، وزيادة الخدمات التي تؤديها إلى المستحقين، ومن ثم فقد قام بحصر الممتلكات الخاصة بهذه المؤسسة، وتقييمها والاستفادة منها في مشروعه التنموي، لكنه فوجئ أن بعض هذه الممتلكات تقع تحت تصرف أفراد وجهات مسئولة، بدون نفع للمؤسسة، وهو ما جعله يطالب علنا في حديث تليفزيوني هذه الجهات المسئولة والأفراد برد هذه الممتلكات أو دفع مقابل استخدامها لمؤسسة المستضعفين، وقد بدت جرأته واضحة في مواجهة المستغلين أصحاب النفوذ، وصدامه معهم دون تفاوض. وهو ما جعل برويز فتاحي موضوع وسائل الإعلام، مع ردود فعل مختلفة من جانب المحللين والمسئولين والجماهير.
كان الرئيس الأسبق سيد محمد خاتمي والرئيس السابق أحمدي نجاد ومحمد هاشمي شقيق الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني وقيادة الجيش وقيادة جيش الحراس من بين الذين طالبهم برويز فتاح بإعادة ممتلكات المؤسسة، وقد رد خاتمي أنه قد أخلى أملاك المؤسسة منذ عامين، وأعلن الرئيس أحمدي نجاد استعداده لرد المباني التابعة للمؤسسة، وقال محمد هاشمي أنه لم ير ملحقات قصر المرمر ولا يعرف عنها شيئا، وقالت قيادة الجيش أن المنطقة التي يطالب بردها كانت ملكا للجيش قبل الثورة، وقال قيادة جيش الحراس أن المناطق التي تحدث عنها قد حصل عليها الحراس بأمر من الزعيم خامنئي.
وقد اعتبر النقاد والمحللون السياسيون أن مطالبات برويز فتاح، كان أول تصريح له في بدء مشروعه الانتخابي، فهو من بين المرشحين الذين سيدفع بهم التيار الأصولي في انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة، وقد شبهه البعض بأنه أحمد نجاد الثاني، وإن كانت بعض صحف الأصوليين فضلا عن صحف الإصلاحيين قد اتخذت رد فعل سلبي تجاه تصريحات فتاح في حيز كبير من صفحاتها. كذلك انتقد بعض المسئولين الرسميين والحزبيين تصريحات فتاح، باعتبارها تشويشا على رؤساء ومسئولين تولوا المسئولية ثماني سنوات على الأقل في خدمة البلاد، فضلا عن أن برويز فتاح لم يعلق على ردودهم على تصريحاته.
لاشك أن برويز فتاح بعد أن أبدى جرأة في تصريحاته سوف يراجع نفسه في تصريحاته القادمة، إن كان يريد ترشيح نفسه في انتخابات رئيس الجمهورية القادمة، حتى لا يخسر قطاعا ممن يري فيه صفاتا حسنة، كما عليه أن يساير طبيعة النظام بغير صدام مع محاوره القوية كالجيش والحراس.
*أستاذ الدراسات الإيرانية