لا شك أن الأجواء مؤاتية للقضية الأحوازية التي طال أمد جرحها النزيف منذ ما يقارب القرن إلا نيفا من الزمن لو ذلك بسبب جائحة فيروس الكرونا الذي تجتاح العالم بأسره حيث هذا الأمر قد يكتب نهاية لقصة احتلال الأحواز فقد بشر بعض المختصين بالشأن الإيراني والدولي بأن إيران قد أصبحت فعلا على شفا انقلاب قد يجعل هذه الدولة العتيدة على أبواب التمزيق وقد يعيد الحق المغتصب لأصحابه.
من الممكن أن يقوم فيروس الكرونا أن ينجز في غضونا الأشهر القادمة أن يحقق حلم الملايين من العرب الأحوازيين و أشقاءهم العرب الذين لحق بهم ما لحق من أذى و دمار و تشتت نتيجة السياسات الايرانية العنصرية منذ تأسيس هذه الدولة على تراب ليس بترابها و على أنقاض جثث الشعوب الغير فارسية. تأتي ذكرى احتلال الأحواز بعد أن تغذت الثيوقراطية الدينية في إيران والتي أسسها الخميني منذ 41 عامًا من ثروة الأحوازيين الطبيعية، ولمن قبله الديكتاتورية الشاهنشاهية التي شيدت قصورها المزيفة وبنت تأريخها المزيف على أنقاض التأريخ الأحوازي وعلى حساب ثروة الأحوازيين لكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفا تماما لدولة تأسست على مبادئ الشر والكراهية و أصول الخرافة والعنصرية اللامتناهية.
الأحوازي المؤمن بقضيته أثبت بنضاله ومواصلته لمقاومة المحتل بأننا كنا هنا من قبل وسوف نبقى للأبد، رغم التفريس و التعنيف وقلة الحيلة والأصدقاء قبل الأشقاء. لكن الأمل باق لأن الإيمان بالقضية متأصل في أعماق تربة الأحواز قبل عروق الأحوازيين و شريينهم.
الأمل المعقود هذه المرة بعد ان بدأ الضعف ينخر في جسم الدولة الإيراني نتيجة الأزمات والعقوبات و الإحتجاجات و أخيرا تعرضها لفايروس كرونا الـ COVID-19 الذي يعتبر أخطر سلاح على كيانها و أكثر فتكا ببقاءها من الحرب التي شنتها ضد العراق و لأن عقيدة الكثير من الموالين لهذه الدولة قد تزلزلت بشدة و بات الجيل الإيراني لايؤمن بخرافة و جهل الملالي و أن أسطورة المذهب قد تحولت إلي سراب لا أكثر و أن أسطورة القومية الآرية تبخرت بسبب نضال الشعوب غير الفارسية يمكن أن تنخر الإضطرابات الجسم النحيف للدولة الإيرانية و سيحولها الى خبر كان.
حصاد الجثث في ايران نتيجة الكرونا بدأت تتراكم ولم يعد الإنكار خيارًا و العقيدة البالية في الم٫هب فقدت مفعولها و اللصحوة بين الشعوب غير الفارسية و خاصة الأحوازيين باتت تنتشر حيث جحافل الغير مؤمنين بنظرية الفقيه أفشلها الوعي الجماهيري مما حرر الشعوب و قطع آخر الوصال تلك الشعوب و نظام الملالي في ايران من غير رجعة.
آخر الحيل التي يستخدمها نظام الدجل الإيراني للإبقاء على سيطرته على الشعوب هو استخدام نظرية نظريات المؤامرة وقد تم إلقاء اللوم على الدول و الشعوب الغربية والعربية لنشر فكرة الكراهية ، لكن بعدما فشلت ايران في اضرام نار الكراهية والطائفية ستلجأ الى حيل أخرى للإبقاء على احتلالها للاحواز لاكثر فترة ممكنة تلجأ خلالها الى تغيير ديمغرافي، تهجير قسري، تهجير عكسي، تدمير للبيئة و تزييف لتاريخ المنطقة وتفريس ما تبقى من الأحوازيين المقاومين لسياساتها لكن الأحوازيين تخطوا جميع الصعاب و أصبحوا أكثر مناعة من قبل لمواجهة مخططات المحتل.
قبل تسعة عقود ونيف، كان المحتل يحاول طمس الهوية العربية في الأحواز و يسميهم بالغجر و الان بعدما فشلت تلك المخططات و غيرها من الخطط الفاشية قد يلجأ الى اثارة الكوارث واحدة تلو الأخرى و بشكل مريع، لكن الانتفاضات و المقاومة المضادة للمحتل سوف تتواصل بدورها و سيرغم الشعب العربي الاحوازي وبقية الشعوب على تقليم أظافر المحتل و لم يأت التفاؤل من عبث بل توحي الانتفاضات بيقظة منقطعة النظير للسكان الأصليين في الأحواز و بلوشستان وكردستان و غيرها من الشعوب المحتلة في خارطة إيران السياسية الى فرض ارادتهم و تعيين لحقهم في الحياة و قريرهم لمصيرهم المسلوب منذ ۱۹۲۵. علی اثد ذلک ستزداد المقاومة للمحتل من حيث العدد و مناطق السيطرة.
تأتي ذكرى الاحتلال هذا العام في وقت تشهد جميع المناطق الغير فارسية وحتى الفارسية نفسها ثورات و ثورات مضادة فستنجح هذه الثورات مجتمعة لتولد ثورة عارمة و ناجحة هذه المرة عندما يعجز الجيش الإيراني و من وراءه قوات التعبئة و الحرس الثوري وقوات خامنئي الخاصة تفقد السيطرة و تتراجع أمام قوافل المحتجين و جيوش هذه الشعوب الثائرة و ستنحاز إلى الشعوب و سينتهي كل شئ.
فعلى الرغم من أن ايران التي تحكمها دولة بوليسية مدربة بعناية على القتل والبطش الا أنها لا تتمتع بالاموال بسبب العقوبات والا النجاح الدبلوماسي بسبب العزلة ولا النفوذ بين الشعوب بسبب الفساد الذي ينخر جسد هذه الدولة. فسياسة الترهيب و الترغيب المعتمدة من قبل إيران و أجندتها، لكن هذه المرة وبسبب التفك و تقطع أوصال الدولة بسبب الكرونا التي قد تصيب معسكرات الجيش و الحرس الثوري والارتباك الذي قد يحصل نتيجة هذا الفارغ و ارتفاع حالات الوفيات نتيجة الكرونا في إيران يمكن أن يوفر نقطة تحول للشعوب كي تحصد ثمار ثورتها و تقول كلمة الفصل في الحصول على الحرية المسلوبة وخاصة الأحوازيين الذين يمتلكون مقومات الدولة المسلوبة منذ قرن من الزمن والى يومنا هذا.
لو تمعنا بجرائم الاحتلال الإيراني منذ عام ١٩٢٥ الى يومنا هذا سنجد ان الحديث عما ترتكبه إيران ضد الأحوازيين تقشعر له الأبدان! فقد يقوم عنصر الملالي الحاكم في جغرافية ما تسمى إيران بأفظع الجرائم و أكثرها وحشية ضد الشعوب القاطنة في إيران! حيث ماكنة الإعدام متواصلة وبأقسى حالاتها! الإعدام البطئ عبر استخدام الرافعات! فقد حصل إعدام في يومنا هذا ضد ناشط سياسي أحوازي بالأسلوب المقزز نفسه! و قد قتل مطلع هذا الإسبوع ناشط سياسي أحوازي آخر في ظروف غامضة في سجن في الأحواز ونددت بالإغتيال منظمات دولية ومنها منظمة العفو الدولية!
بالعودة إلى موضوع المقال وهو قصة الإحتلال الإيراني الدامي للأحواز! يمكننا أن نستشرف في الأفق نهاية حتمية لسلطة ولي الفقيه في إيران في أمد غير بعيد لكن هل هذا يعني أنّ تغيير السلطة في إيران تعني نهاية لقصة الإحتلال الإيراني للأحواز منذ نيسان- أبريل عام 1925 أم أنّ الإحتلال السلطوي سوف يستبدل مكانه بآخر لا يقل إجراماً وفتكا بالأحوازيين والشعوب الغير الفارسية التي تتكون منها الخارطة الإيرانية وهي تشكل معظم سكان إيران! فالعنصر الفارسي كان يمسك بالسلطة و لايزال منذ حوالي مئة عام وهو يوزع الأدوار بدءا بالحكم القاداري و الذي كان يشبه حكم ملوك الطوائف يحكم معظم إيران باستثناء الأحواز و كردستان و بلوشستان، وبدأ على انقاض هذا الحكم و الحكومة الملكية الشاهنشاهية وصولاً للكحم الطائفي الديني- الشيعي إثنى عشري المعروف بحكومة ولاية الفقيه!
أما اليوم فقد تبدلت أحوال الحكومة الإيرانية و حتى الشعوب الغير فارسية و على رأسهم الأحوازيون تنفسوا صعداء الحرية و باتوا يشعرون بقرب التحرر من نير الإستعمار والإحتلال الإيرانيين كيف ينظرون إلى البعد الدولي والإقليمي و تأثيرهما على قضيتهم؟!
هل حقيقة العالم المتحرر بدأ يشعر بتأنيب الضمير نتيجة سكوته عن جرائم الحكومات الإيرانية ضد الشعوب غير الفارسية في و إيران وإن الملف النووي والصاروخي والتمدد الطائفي و الحروب الوكالة التي تنفذها ايران ما هي إلا شماعة لإعادة رسم خارطة إيران التي جاءت نتيجة ظروف دولية- سايكس بيكو و اليوم لا تبدو الحاجة ماسة للإحتفاظ بدول تعيش حالة انفجارية يصعب وضعها في خارطتها الحالية؟
قصة الأحواز و ملازمة الإحتلال المرضية التي اصابت جسم الكيان الأحوازي و ضرورة وضع خارطة طريق لهذه المسألة قد تتعالج فعليا عبر دعم غربي و عربي حقيقي و ليس خجولا للأحوازيين.