حين يظهر الفساد في البر والبحر، فتأكد تماما أن هذا بما كسبت أيدي الناس!
"في ظل الظروف الصحية الوبائية التي تعيشها البلاد، يُرجى ملاحظة بعض الممارسات الخطيرة لنقل الوباء، أي وباء، ومن ذلك ما يحدث على طريق مصر- أسيوط الزراعي عند قرية طموه، جنوب الجيزة، وبالتحديد عند مدخل "شارع الجيش"، حيث تُلقي العشرات من سيارات "كسح المجاري" حمولاتها من خزّانات الصرف الصحي "الطرنشات"، في مجرى ترعة الإبراهيمية التي تروي 2 مليون فدان من الزراعات، ما يمثل مصدر خطورة كبرى على صحة المواطنين في الظروف الحالية.
"وهذا يحدث يوميا منذ أكثر من 4 أشهر، تحت سمع وبصر فرع "جهاز شئون البيئة- فرع القاهرة الكبرى" الذي يبعد 200 من ذلك الموقع، ولا يحرك ساكنا لتلافي هذه الكارثة الصحية الخطيرة!".
كان هذا هو نص الرسالة المختصرة، ولكن الواضحة، التي أرسلتها إلى 3 وزارات، هي "الري والبيئة والصحة" على الترتيب، بالإضافة إلى "رئاسة مجلس الوزراء" شخصيا، عبر البريد الإلكتروني والصفحات الرسمية على "فيسبوك"، خلال الـ 24 ساعة الأخيرة، وذلك في محاولة لتفادي كارثة صحية محتملة. والطريف أن "البيئة" هي الوزارة الوحيدة التي اهتمت بالرد، وهو رد أتوماتيكي ركيك مثل أي شيء في مصر الآن، نصه: يمكن لسيادتكم التسجيل "مباشرتاً" على بوابة الشكاوى الحكومية الموحدة.
ولمّا كنت محتاطاً لذلك، فقد سجلت "مباشرتاً" على بوابة الشكاوى الحكومية الموحدة، حتى قبل أن أتلقى هذا الرد من صفحة "البيئة" أصلا. وفي الحالتين، فقد بدا أني كنت واهما، حين اعتقدت أن أحدا من موظفي الجهاز الإداري للدولة يمكنه فهم وجه "الكارثية" في مثل هذا الأمر، سواء قبل ظهور فيروس كورونا أو بعده، خاصة أن جميع موظفي فرع جهاز "شئون البيئة" القريب من مكّب المجاري، أصحاب "الضبطية القضائية" المنوط بهم رسميا مثل هذه الحالات، لم يروا أي غضاضة في ذلك!
هذه الواقعة الصغيرة، ولكن الخطيرة، تثبت أن منظومة الشكاوى الحكومية، "الموحدة" سيادتك، ليس فيها موظف واحد يوحّد الله على استعداد لفهم أي شيء، ناهيك عن التعامل مع أي شيء بالجدية الكافية. كما تثبت أن ما يُقال - ليل نهار- عن هذه المنظومة إنما محض كلام للاستهلاك الإعلامي فقط، والكلام كما يقول المطرب الشعبي، بيجيب كلام!
قس على "هكذا رد فعل"، ما حدث فور إرسال الرسائل الثلاث المشار إليها، فقد فوجئت بعد كل رسالة بتلقي "إشعار محترم" من شركة جوجل، فيه عبارة واحدة: "لقد قمنا بقراءة محتوى هذه الرسالة لأنها تمثل أهمية خاصة بالنسبة لنا"!