من العراق إلى لبنان مرورا بالكويت والبحرين وانتهاء بعمان، جميع هذه الدول لديها عامل مشترك واحد يتمثل في مدينة قم التي تعتبر مركز تفشي وباء كورونا المستجد في إيران ودول المنطقة.
وتحولت إيران إلى ثاني أكبر بؤرة تفش للفيروس بعد الصين، وأكبر مصدر للفيروس في المنطقة، رغم نفي السلطات حجم المشكلة التي تواجهها إلا أن أعداد الإصابات والوفيات تشهد ارتفاعا ملحوظا مع مرور الأيام.
الغريب في الأمر أن طهران أعلنت في 19 من هذا الشهر تسجيل أول حالتي إصابة بالفيروس وكانت في مدينة قم، وبعدها بساعات وفي اليوم ذاته ذكرت أن المصابين توفيا.
أثار هذا الإعلان الشكوك بشأن حقيقة ما يجري في مدينة قم، لتتوالى بعدها التكهنات نتيجة ارتفاع حالات الوفيات الناجمة عن كورونا المستجد في إيران.
في 21 فبراير أعلنت السلطات وفاة شخصين آخرين نتيجة الإصابة بكورونا واصابة آخرين، وسط صمت حكومي رسمي من قبل طهران التي تكرر أن الفيروس تحت السيطرة.
لكن سرعان ما دب الذعر في دول المنطقة بمجرد أن تم الإعلان عن تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا في لبنان في اليوم ذاته وكانت لامرأة لبنانية قادمة من مدينة قم.
وأثار تزايد عدد الإصابات والوفيات في إيران قلق الدول المجاورة فقرر العراق منع الوافدين من إيران من دخول أراضيه عبر كافة المنافذ الحدودية، مستثنيا العراقيين الذين يريدون العودة لبلدهم والذين سيتوجب عليهم الخضوع لحجر صحي.
بدورها اتّخذت الكويت إجراءات مماثلة، إذ علّقت الخطوط الجوية الكويتية حتى إشعار آخر تشغيل جميع رحلاتها إلى إيران، كما أوقفت الموانئ الكويتية نقل الأفراد من وإلى إيران بحراً.
ونصحت وزارة الصحة الكويتية المواطنين بـ"عدم السفر إلى مدينة قم الإيرانية"، مشيرة إلى أن العائدين من هذه المدينة سيفرض عليهم حجر صحي "حتى يتم التأكد من عدم حملهم الفيروس".
لكن كل هذه الإجراءات لم تنجح في تفادي الدخول إلى نادي الدول التي فيها إصابات بفيروس كورونا، ففي 24 أعلن كل من العراق والكويت والبحرين تسجيل حالات إصابة بالفيروس وجميعها مصدرها إيران.
ففي العراق اعلنت السلطات في مدينة النجف جنوب بغداد، عن أول إصابة بفيروس كورونا المستجد لمواطن إيراني دخل الى البلاد قبل قرار منع دخول المواطنين الإيرانيين.
وأعلن عن انتقال الفيروس إلى الكويت والبحرين في اليوم ذاته مع تسجيل أربع إصابات مؤكدة لأشخاص عائدين من إيران.
وقالت وزارة الصحة الكويتية إن الفحوصات الأولية التي أجریت لقادمین من مدينة مشھد الإيرانية "أسفرت عن وجود ثلاث حالات تحمل نتائج مؤكدة".
والحالة الأولى هي لمواطن كویتي یبلغ من العمر 53 عاما، والثانیة لسعودي (61 عاما)، والثالثة لغیر محدد الجنسیة (21 عاما). وقالت وزارة الصحة السعودية في بيان إن مواطنها "سيبقى في الكويت لحين شفائه".
وأعلنت وزارة الصحة البحرينية بدورها تسجيل أول إصابة مؤكدة بالفيروس لمواطن بحريني قادم من إيران، "حيث تم الاشتباه بإصابته وظهور أعراض الفيروس عليه وتم نقله فورا للعلاج والعزل" في مركز صحي.
ويسافر آلاف العراقيين والكويتيين والبحرينيين الشيعة إلى إيران لزيارة أماكن مقدسة، خصوصا في قم ومشهد، فيما يتوجه الإيرانيون بكثافة إلى العتبات الدينية في العراق.
عدم شفافية طهران في التعامل مع ملف فيروس كورونا، لم يؤثر على مواطنيها فقط، بل تعداه إلى دول الجوار والمنطقة، التي عاد مواطنوها من إيران إلى بلادهم وهم يحملون الفيروس.
فداخليا هناك حالة من الإحباط والغضب الشعبي وعدم الثقة من سلوك السلطات واخفائها للمعلومات الحقيقية والأرقام المتعلقة بحالات الإصابة والوفيات، مما تسبب في خروج الوباء عن السيطرة.
ومؤخرا اتهم نائب إيراني عن مدينة قم، الحكومة بـ"عدم قول الحقيقة" بشأن حجم انتشار الفيروس في البلاد، وفق ما أوردت وكالة أنباء "اسنا" شبه الرسمية.
ومن بين الحالات التي تظهر أن السلطات تخفي الأرقام، قضية نائب وزير الصحة، أيراج هاريرشي، الذي نفى، وهو يمسح جبينه بسبب الفيروس، في 24 فبراير للصحفيين أن البلاد تخفي حقيقة تفسي الفيروس.
وفي شريط فيديو نشر في اليوم التالي، اعترف هاريرتشي بأنه أصيب بفيروس كورونا، لكنه قال إنه والبلاد "سينتصران بالتأكيد ضد هذا الفيروس في الأسابيع القليلة المقبلة".
واهتزت ثقة الشعب الإيراني بالحكومة في يناير بعد تحطّم طائرة تابعة للخطوط الجوية الأوكرانية قرب طهران.
وأقرت القوات المسلحة الإيرانية بمسؤوليتها عن المأساة بعد ثلاثة أيام على الحادث ونفي السلطات فرضية إصابة الطائرة بصواريخ إيرانية التي قدمتها دول عدة على رأسها كندا منذ حصول الكارثة.
المصدر: الحرة