الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

الملف| مذبحة الطلبة... دماء في الحرم الجامعي

المجلة - | Tue, Dec 3, 2019 4:17 PM
الزيارات: 20652
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

<< 7 طلاب لقوا مصرعهم بالرصاص الحي داخل الحرم الجامعي.. ومات العشرات منهم تحت التعذيب في السجون

<< الشرطة اعتقلت أثناء الانتفاضة الطلابية وبعدها 1400 شخص.. وواجه زعماء الطلبة تهمة «العداء للثورة»

<< روحاني «سكرتير الأمن القومي» آنذاك قاد حملة القمع ضد الشباب الإيراني.. وعُرف بلقب «جزار الطلبة»

<< الطلاب هتفوا لأول مرة منذ اندلاع الثورة الإيرانية ضد رأس النظام: لا لكهنوت المرشد.. خامنئي يجب أن يستقيل

<< المتظاهرون أشعلوا النار في سيارات الشرطة وهاجموا المحلات وحاولوا إحراق مبنى جريدة «كيان» الحكومية

 

قبل نحو 20 عاما، وبالتحديد في 9 يوليو «تموز» 1999، تجمع عشرات الآلاف من الطلاب في جميع أنحاء إيران، كانت أهمها مظاهرات جامعة طهران، التي تجمع الطلاب في حرمها احتجاجات ضد إغلاق صحيفة «سلام»الإصلاحية وقانون جديد يعزز الرقابة على الصحافة.

بدأت الانتفاضة الطلابية مساء الخميس الثامن من يوليو، حين تظاهر حوالي 200 طالب احتجاجا على منع إصدار جريدة «سلام» المؤيدة للرئيس الأسبق محمد خاتمي، وعلى صدور قوانين جديدة سنها البرلمان الإيراني ضد حرية الصحافة.

وبعد عودة المتظاهرين إلى المدينة الجامعية، هاجمهم عدد من المتشددين التابعين للنظام، وقذفوهم بالحجارة وحطموا نوافذ المباني والسيارات، وتحركت قوات الشرطة فجر اليوم التالي للأحداث وهاجمت المدينة الجامعية، وحطمت الأبواب وأشعلت النار في الحرم الجامعي.

روحاني «جزار الطلبة»

داهمت قوات الأمن وعناصر من «الحرس الثوري» وجماعات الضغط المتشددة الحرم الجامعي، وأطلق الأمن النار، ولقي 7 طلاب مصرعهم بالرصاص الحي، ومات العشرات منهم تحت التعذيب في السجون، وتعرض المتظاهرون للضرب الشديد، وانطلقت موجة اعتقالات طالت حوالي 1500 طالب.

وقام الرئيس الإيراني الحالي، حسن روحاني، الذي كان سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي آنذاك، بقيادة حملة القمع ضد الطلبة حيث عُرف آنذاك بأنه «جزار الطلبة».

وفي اليوم التالي تجمع المتظاهرون أمام بوابة جامعة طهران ورفضوا المغادرة رغم أوامر الشرطة، وعلى أثر ذلك أطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع واعتقلت المئات من الطلبة الغاضبين، وأودعتهم داخل المعتقلات الرهيبة التي ورثها النظام عن أيام الشاه، وتعرضت عدد كبير منهم للتعذيب حتى لقوا مصرعهم في غياهب المعتقلات، دون الإعلان عن أسمائهم حتى هذه اللحظة.

وتصاعدت حدة المظاهرات في الأيام التالية، وانضم إليها المواطنون بأعداد كبيرة، مطالبين بإقالة رئيس الشرطة والقصاص من قاتلي الطلاب. كما انضمت النساء إلى المظاهرات وضربن عرض الحائط بالقيود المفروضة عليهن.

وإلى جانب قوات البوليس، تصدت للمتظاهرين مجموعات مدنية من المتشددين كانت تطلق على نفسها اسم «أنصار الله»، الذي اتخذه المتمردون الحوثيون فيما بعد، تحت رعاية الشرطة، حاملين الهراوات والأسلحة البيضاء، وهاجموا الطالبات المشاركات في المظاهرات بكل وحشية.

وبعد أربعة أيام من التظاهرات العارمة، وفي محاولة لإعادة الهدوء للشارع الإيراني، أعلن محافظ طهران عدم السماح بأي تجمعات، وناشدت وسائل الإعلام الطلبة بإنهاء المظاهرات، زاعمين أن العنف لن يؤدي إلا لإضعاف موقف الرئيس خاتمي، الذي أوصله الشباب الإيراني إلى سدة الحكم.

ولمدة 6 أيام قام الطلبة بانتفاضة هي الأكبر منذ ثورة 1979، ولأول مرة منذ ذلك الحين تجمع الطلبة والمواطنون الإيرانيون جنبا إلى جنب، في أعداد غفيرة ليواجهوا اليد الحديدية للمتشددين المعارضين لإصلاحات خاتمي الاجتماعية والسياسية.

الهجوم على المرشد

امتدت الانتفاضة الطلابية بعد ذلك إلى عدد من كبرى المدن الإيرانية، حيث تظاهر الآلاف من الشبان والشابات للاحتجاج على هجوم المتشددين وعناصر الشرطة على زملائهم، ما أدى إلى مقتل خمسة واختفاء عشرات المصابين بجروح خطيرة.

وفي سابقة هي الأولى منذ اندلاع ثورة عام 1979، رفع الطلبة مع تعاظم أعدادهم بمرور الوقت سقف مطالبهم إلى حد الهجوم العلني على مرشد الجمهورية علي خامنئي، الذي كان يُعد «فوق النقد»، وصب المحتجون جام غضبهم على خامنئي، وهو ما ظهر في رفع المتظاهرين لشعارات تهاجم المرشد مثل «خامنئي يجب أن يستقيل» و«لا لكهنوت المرشد».

على إثر ذلك، سارع المجلس الأعلى للأمن القومي بإقالة مسؤولين من قيادات الشرطة، واعتقال سبعة آخرين بسبب مسؤوليتهم عن المواجهات الدامية مع الطلبة، الذين قرروا عدم وقف مظاهرات الاحتجاج وبدء الاعتصام داخل الحرم الجامعي.

احتشد أكثر من 20 ألف طالب في جامعة طهران وحدها، ومئات الآلاف من جامعات أخرى، أمام مقر الجامعة الرئيسي في طهران، واجتاحت انتفاضتهم الشوارع باتجاه مركز العاصمة بعد فشل ثلاث سيارات للشرطة في صدها وهروبها من أمام سيل المتظاهرين.

وحاول علي خامنئي استرضاء الطلاب بإدانة الهجوم الوحشي على المدينة الجامعية، قائلا أنها حادثة مريرة وغير مقبولة. كما فصل مجلس الأمن القومي، الذي يدين بالولاء للمرشد خامنئي اثنين من ضباط الشرطة، وأصدر تأنيب رسمي لضابط ثالث من المسئولين عن إطلاق الرصاص على الطلاب، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء ضد رئيس شرطة طهران الذي طالب الطلبة بإقالته.

وأدان الرئيس خاتمي المظاهرات، قائلا أنها تهدد الأمن القومي، وأن المظاهرات السلمية التي بدأها الطلاب تحولت إلى أعمال شغب قادها فئات غير مرغوب فيها لهم أغراض شريرة ويجب التصدي لهم.

ولكن رغم كل هذه المحاولات استمرت المظاهرات بل وانتشرت في ثمان مدن أخرى، وأشعل المتظاهرون النار في سيارات الشرطة، وهاجموا المحلات وحاولوا إشعال النيران في جريدة «كيان» الحكومية التابعة للنظام، كما هاجموا مبنى وزارة الداخلية الإيرانية.

وتصدت قوات الشرطة للطلاب، مطلقة أعيرة نارية في الهواء وقنابل مسيلة للدموع على مظاهرة بلغ قوامها 10 آلاف شخص خارج بوابة جامعة طهران، والتي أشعلت انتفاضة عارمة في قلب العاصمة، واعتُقل خلالها العشرات من الرجال والنساء.

وبعد ستة أيام قرر زعماء الطلبة إنهاء المظاهرات تحت ضغط من الرئيس خاتمي، خوفا من أن يفلت زمام الأمور من يديه، ولكنهم ظلوا يطالبون باستقالة رئيس الشرطة ونقل قيادة قوات الأمن لخاتمي بدلا من خامنئي.

واعتقلت الشرطة أثناء الانتفاضة وبعدها حوالي 1400 شخص، وواجه زعماء الطلبة تهمة العداء للثورة والتي تصل عقوبتها للإعدام وسط ادعاءات الحكومة والشرطة ووسائل الإعلام بأن هناك مؤامرة خارجية «صهيونية» وراء الأحداث، وأن جهات أجنبية هي التي تمول زعماء الطلبة وتحثهم على إثارة الشغب والاضطرابات في البلاد.

حكم «الحديد والنار»

تعد هذه المظاهرات الطلابية هي الأقوى والأكبر في البلاد منذ أحداث الثورة الإيرانية في 1979، وهي تدل على القوة الكامنة لدى الشباب الإيراني، وقود كل الانتفاضات التي ستندلع فيما بعد، والذي ضاق ذرعا بحكم النظام الملالي الذي ينتهك حقوق الإنسان ويقلص الحريات العامة، ويقمع معارضيه بحكم الحديد والنار.

ويقول الأكاديمي الأمريكي الدكتور أندرو نيلسون، إن «انتفاضة الطلبة دلّت أيضا على قوة الخلاف بين المتشددين الذين يسيطرون على القوات المسلحة والشرطة ووسائل الإعلام، وبين الإصلاحيين الذين يبحثون عن مساندة الجماهير لهم في انفتاحهم على الغرب ودول الخليج في محاولة للخروج من الأزمة الاقتصادية وهي الخلافات التي ظهرت في الشهور الأخيرة في شكل اعتقالات واغتيالات واتهامات متبادلة بالفساد. ولكن الليبرالية الإصلاحية رغم تأييدها في البداية لحركة الطلبة المساندة لها، خشيت أن يفلت الزمام من بين أيديها، وأصابها الرعب من انتشار الانتفاضة بحيث لا يمكن السيطرة على الجماهير الغاضبة أو توجيهها في مسارات قد تهدد مصالحهم ووجودهم، فبذلت كل المحاولات لإنهاء المظاهرات في النهاية».

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت