الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
سبق لنا أن كتبنا مقالا تحت عنوان "غريان البيت الأبيض وصناعة الجزر المنعزلة"، وهنا نضع للمسلم المعاصر منهجية علمية لمقاومة فكرة الشيطان الأمريكي والغربي، ووريث المنهج الفرعوني، كما قال تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(4)) سورة القصص.
فصناعة الجزر المنعزلة في الأمة، غاية ووسيلة في آن واحد، غاية لتحقيق التنازع ، بين أبناء الأمة ، ووسيلة لإسقاط الأمة تحت أقدام المشاريع الجاهلية المعاصرة، وهي:
أولا: المشروع الطائفي الحزبي داخل أهل السنة والجماعة، وتسويق العصمة، لكل الكيانات الموحودة على ارض الواقع ومن ثم نشر مفهوم اختزال الحق بعيد عن القرناء، وهو تمهيد للمشروع التالي.
ثانيا: المشروع العلماني الحاكم كرد فعل لانتشار التطرف الفكري، والمذهبية الحزبية التي لا تقف عند حد معين للانقسام المتوالي، وهذا المشروع يصطدم مع موروث الأمة العقدي والتاريخي. ومن ثم تقع الأمة في بداية الجزر المنعزلة ، فمنها جزيرة المذهب ، ومنها جزيرة اللغة ، ومنها جزيرة الحزب ، ومنها جزيرة الجماعة ، وجميع هذه الجزر تستقي من مفاهيم الاختزال للحق، أو للفهم أو للوطن ، أو للصدق، وما عداها من قرناء، أو أخلاء، أو شركاء في عرق أو دين أو وطن.
ثالثا: المشروع الثالث: هو المشروع الفارسي، الصفوي، الإيراني، المجوسي، الباطني، الحاقد ، على أهل السنة والجماعة ، ويمر هذا المخطط بضرب القوى الصلبة في المنطقة العربية خاصة في العراق والخليج العربي حفظه الله من كل سوء ، فكان هدم الجيش العراقي عام 2003 ، وزوال الدولة العراقية ، هو بداية المخطط لسيطرة الشيعة وفد كان ، وتم تمكين الخلايا الشيعية المتطرفة مثل ميليشيا بدر وجيش المهدي لقتل أهل السنة في العراق ، وكانت هذه بداية ما يعرف بتواجد تنظيم القاعدة في العراق لمقاومة المشروع الأمريكي والفارسي فتم تسهيل الطريق لتمكن الغلو منهم ثم الانحراف في الاستعجال وإعلان ما يعرف بالخلافة ، مخالفين كل علماء أهل السنة والجماعة في العراق والشام والعالم الإسلامي بمجامعه، الفقهية الراسخة ، في الحجاز ومصر والشام والعراق من علماء مشهود لهم بصلاح المنهج وسلامة أدوات الاستدلال . وتم تهيئة الواقع لتمدد المشروع الفارسي للخلاص من التكفيريين الذين يقعون في دماء المسلمين قبل دماء الرافضة ولله الأمر.
المشروع الرابع: المشروع الصهيوني الإسرائيلي عقب تسليم البلاد العربية لإيران تقوم الرافضة بتسليم المشروع الصهيوني أرض إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل اذا نجح الجميع في استنزاف الجيش المصري في صراع مع جماعات التكفير في سيناء ، ليكون الرابح من النزاع هو الكيان الاسرائيلي الغاصب للأرض حال انتكاسة الأمة في ريح التيه والفوضى الهدامة للأمة الإسلامية السنية.
تقوم هذه المشاريع بعدة آليات لرعاية التمدد في الواقع وهي على سبيل المثال:
مشاريع الجزر المنعزلة ومنهجية استهلاك الطاقات الإسلامية:
للمنهج العلماني آليات محددة ومتنوعة لاستهلاك الطاقات الإسلامية السنية منها:
أولا: تغريب المفاهيم الحقيقية لهذا الدين ، كتاب الله عزوجل ، أو سنة صحيحة أو فهم السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين .
ثانيا: تستطيح العقول للشباب ، فلا يعقل الشاب المسلم ، الأمور كما ينبغي أن يعقلها، بناء على منهجية التعلم الأصولي الرشيد.
ثالثا: صناعة الغلو.. هذا الأمر هو أنجح السبل الشيطانية لصناعة الاستهلاك للأمة عامة والشباب الملتزم خاصة ، حتى بات التكفير للعلماء والطعن في الحركة الإسلامية ضرورة إثبات التدين أو العمل للإسلام ، فتغير بوصلة الإلتزام في عقول الشباب جعلت منهم أدوات في أيدي الخصوم ، وهم لا يعلمون أو لا يفهمون أو لا يعقلون ، وأظهر دلالة على ذلك ، قتل المسلم لأخية المسلم .
رابعا: شيطنة العقول.. يقوم منهج رواد المشاريع المعادية للإسلام عامة وأهل السنة والجماعة ، على مفهوم شيطنة كل الخصوم ، في الرؤية السياسية أو الرؤية المذهبية الفقهية حتى يصبح كل مجتهد مخطئ طالما أنه مخالف لرؤية الحزب أو الجماعة أو الشيخ أو أمير الهلاك في مناطق النزاع التي سقط فيها مسلمين بين مسلمين قبل أن يحققوا الجهاد مع الكافرين أو الظالمين مثل ظالم وزنديق الشام .
خامسا: استفزاز الجماهير.. ليس للعقول التي هجرت العلماء إلا الوقوع في منظومة الأعداء حال فكرة الاستفزاز العلماني أو الباطني للجماهير ، لأن بوقوع الشباب في فكرة أو لعبة الاستفزاز ، يتم وضع المسلمين تحت مطارق الظالمين ، بلا فائدة حقيقية يمكن تحصيلها في أرض الواقع .
سادسا: تهيئة الواقع للعنف تسعى مشروعات الاستهلاك للأمة إلى إعادة توطين الصراع ، داخل العالم الإسلامي ، ليصبح العنف هو أداة الحوار بين أبناء الأمة فلا عقلانية في الحوار ، ولا منهجية في التعامل مع الخطأ ، أو الانحراف بصوره.
سابعا : وقوع الشباب في شراك الاستهلاك .. هذا الشراك لا ينتهي مداده عند أهل الهوى ، فتجد تكرار للآليات التي حققت انتكاسات للفرد والجماعة والحزب دون فائدة إلا فائدة واحدة وهي تدمير شباب أهل السنة والجماعة وتضييع الاقتصاد الإسلامي في صراعات داخلية وتضييع أوقات الشباب في لا فائدة منه سواء عنف أو جدلية الحوار العقيم بين الشباب بعيد عن أهل العلم المباركين خاصة الراسخين منهم في الفهم والوسطية والصلاح أمثال الألباني وابن باز .
ثامنا : جاء دور الإعلام استغلال ردود الأفعال، يقف الإعلام الخبيث على استثمار الأخطاء التي يقع فيها البعض من الشباب وتسويق هذا الفعل ، على أنه رؤية اسلامية ، وذلك لهدم الثوابت الإسلامية ، وأصول التمايز العقدي بين أهل السنة والجماعة وبين الرافضة مجوس الواقع أو العلمانية الجاحدة لنصوص الحاكمية للنصوص الشرعية التي بها يتحقق الخير والأمن والسعادة للجميع مسلمين أو كافرين يعيشون في كنف دولة الإسلام التي يحكمها العدل والرحمة بالخلق .
تاسعا: استثمار التنوع بين الإسلاميين.. وذلك لتفجير روح العداء بين الجميع سلفيين أو إخوان أو إخوان داخل البنيان أو خارج منظومة البيعة الموجودة ، ومن ثم هلاك الجميع بالجميع .
عاشرا : التدافع مع أهل الجهل من داخل البنيان الاسلامي فليس كل ابناء الامة على التوزاي في الفهم او يملكون الية علمية في طرح المسائل التي هي محل صراع بين المدارس المتنوعة اسلامية أو علمانية وذلك للحصول على مواقف مفيده لهم في حربهم للإسلاميين.
حادي عشر: التقارب مع فصيل من فصائل العمل الإسلامي مما يفسره فصيل آخر بأن الأمر مؤامرة وتتهيا النفوس للهلاك البيني بين الإسلاميين.
ثاني عشر: تسويق استدعاء نظرية قوم شعيب عليه السلام قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۖ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13))سورة إبراهيم
أي أنتم معنا أو كفار
منهج المقاومة الفردية للجزر المنعزلة :
أولا : العودة للمفاهيم الكلية وأصول الانتماء وهجر الولاء على فروع الانتماء، فالإسلام كتاب أو سنة صحيحة أو إجماع علماء الأمة أو رأي الجمهور من أهل العلم من أهل السنة والجماعة.
ثانيا : قبول التنوع في الرؤية ليس معناه قبول التنازع حول المسائل المتنازع عليها ووجوب رد جميع المسائل إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)) سورة النساء
وفي السنة الصحيحة من حديث العرباض بن سارية قال : صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون ، فقلنا : يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا ، قال : " أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإن أمر عليكم عبد حبشي ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة .
ثالثا : الاعتبار يعبر التاريخ ، التي مرت خلال التاريخ الإسلامي والواقع المعاصر ،وأهمها لزوم منهجية التقييم للحوادث وجناية القراءة التوظيفية للأحداث.
رابعا : تحقيق الاعتصام بين الكيانات الموجودة على الساحة مع إقرار التنوع في الفهم وهجر الولاء على كل فهم يمنع التلاقي مع عموم الأمة السنية.
خامسا : وجوب الحذر من هدم رموز الأمة وخاصة العلماء الربانيين، وهذا ليس معناه عدم الرد عليهم فوجوب النصيحة لبس معناه هدم المخطئ بحال من الأحوال خاصة إذا كان من أهل العلم . بل العدل والوسطية مطلب مع الأولياء والخصوم .
سادسا : إدراك مخاطر الواقع على الحال والمآل للحركة الإسلامية خاصة في زمن التكتلات الخارجية والمكر الداخلي من قبل رموز التفرق والهلاك .
سابعا : بذل الوسع في تحقيق التوافق والاعتصام بين كيانات أهل السنة المتنوعة.
ثامنا : عدم قبول فكرة الولاء والبراء على الرؤى السياسية المتعددة ، نظرا لزوايا رؤية كل فصيل من فصائل العمل الإسلامي للحدث القائم.
تاسعا : السعي لتشكيل رؤية علمية ، جامعة ، لتكون مرجعية ، للفرقاء الإسلاميين لتكون طريق لإدارة الخلاف الحادث في كل نقطة نزاع.
وصلاة ربي على الحبيب محمد وآله وصحبه وسلم.