تفاوض العرب مع إيران الآن سيكون إعلان هزيمة واستسلام
إيران تريد الحوار طريقا لتبييض وجهها الإرهابي وتشويه صورة الدول العربية
هذه قضية مثارة منذ فترة طويلة، ويدور حولها الكثير من الجدل في أوساط الساسة والمحللين، ولا بد أن نحسم موقفنا منها.
نعني قضية الدعوة إلى حوار أو مفاوضات مباشرة بين الدول العربية، وخصوصا السعودية ودول الخليج العربية، وإيران.
أطراف كثيرة تلح على ضرورة إجراء هذا الحوار والتفاوض، بعضها بحسن نية وأكثرها بسوء نية. لدى كل طرف منطقه، ودوافعه، وأهدافه، ومبرراته.
ومن المتوقع أن تزداد الضغوط في الفترة القادمة على دول الخليج العربية من أجل دفعها إلى هذا الحوار أو التفاوض مع النظام الإيراني.
السؤال المهم هنا: ما الذي يجب أن يكون عليه موقفنا نحن في الدول العربية من هذه الدعوة للحوار والتفاوض مع النظام الإيراني؟
***
تطورات جديدة
في الفترة الماضية، ظهرت تطورات جديدة – ليست جديدة تماما في الحقيقة - في هذا الجدل الدائر حول التفاوض مع إيران.
هذه التطورات تتمثل خصوصا في ثلاثة:
1- أن الحديث كثر عن تحمس دول خليجية للحوار المباشر مع إيران وعن محاولات يتم بذلها للوساطة بين السعودية وإيران من أجل إطلاق مثل هذا الحوار.
المقصود هنا تحديدا بالطبع سلطنة عُمان والكويت. الوزير العماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي زار إيران أكثر من مرة، وقيل إن الهدف هو الوساطة لإطلاق حوار بين إيران والسعودية. أيضا وزير خارجية إيران زار الكويت، وجرى الحديث كذلك عن طلب وساطة كويتية لهذا الغرض.
وقيل أيضا إن رئيس الوزراء العراقي عبدالمهدي حاول التوسط لهذا الغرض.
2- أن هناك ضغوطا من جانب قوى كبرى أجنبية على دول الخليج العربية وبالأخص السعودية من أجل الدخول في حوار مع إيران.
آخر التطورات في هذا الشأن الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان لإيران، وقد أعلن صراحة أنه ذهب بعد أن طلب منه الرئيس الأمريكي ترامب التوسط بين إيران والسعودية والعمل على إطلاق حوار بينهما.
وهناك بالتأكيد محاولات في نفس هذا الاتجاه تقوم بها شخصيات دولية أخرى.
3- أنه في الفترة الماضية، تبنى بعض الكتاب والمحللين العرب، إما صراحة وإما بشكل غير مباشر، الدعوة إلى الحوار والتفاوض مع إيران، ولديهم مبررات قدموها سآتي على ذكرها بعد قليل.
***
المنطق والمبررات
هذه التطورات التي تدفع باتجاه الحوار وتلح عليه، وراءها منطق معين ولها مبررات متعددة.
دعك هنا من المنطق العام الذي يردده كثيرون، وهو أنه لا يمكن أن يتم تحقيق أي تفاهم أو تجنب مواجهات من دون إجراء حوار مباشر بين الدول العربية المعنية وإيران، وأن هذا الحوار من شأنه أن يحل كثيرا من المشاكل. هذا كلام عام جدا ليس له في الحقيقة في حد ذاته وزن كبير.
المهم أن كل القوى والأطراف الداعية للحوار، أو التي تضغط في اتجاهه لديها منطقها ومبرراتها.
إيران من جانبها لديها منطق معروف ومبررات مفهومة تفسر إلحاحها منذ سنوات على الحوار مع السعودية ودول الخليج العربية.
بالنسبة إلى المسؤولين الإيرانيين، هم يقولون منذ سنوات إن السبيل الوحيد من وجهة نظرهم لحل المشاكل مع الدول العربية هو الحوار والجلوس إلى مائدة التفاوض، وأن هذا التفاوض كفيل بالوصول إلى اتفاقات في مصلحة الجميع، وعلى اعتبار أن دول المنطقة نفسها هي الأقدر على حل المشاكل لا الدول الأجنبية.
وكما نعلم، الإيرانيون يقولون منذ سنوات هذا الكلام في الوقت نفسه الذي يواصلون فيه بلا توقف سياستهم وأفعالهم العدوانية الإرهابية.
الحوار بالنسبة لإيران هو قبل كل شيء وسيلة لتبييض وجه النظام، ومحاولة إعطاء مصداقية لدعاواها الكاذبة بأنها دولة تسعى إلى السلام والتعايش والتفاهم وتحرص على امن المنطقة. وفي الوقت نفسه، تتصور أن بمقدورها عبر هذه الدعوة إظهار الدول العربية على أنها هي المتشددة وترفض التفاوض.
لكن الأهم من هذا أن الحوار هو بالنسبة لإيران أكبر الخطوات التي لو تمت فسوف يكون لها دور كبير في إنقاذها من أزمتها الطاحنة، وللخروج من كارثة العقوبات القاسية المفروضة عليها.
تتصور إيران أنه لو حدث وجرى مثل هذا الحوار فعلا، فسوف يقود هذا إلى رفع العقوبات أو على الأقل سيكون عاملا أساسيا في هذا، وبالتالي سوف يعطي النظام فرصة لالتقاط الأنفاس ومحاولة معالجة أزماته الداخلية الخانقة.
في الوقت نفسه، ومنذ سنوات أيضا هناك كثيرون من المحللين والكتاب في الغرب يتبنون هذه الدعوة إلى الحوار والتفاوض بين الدول العربية وإيران. أغلب هؤلاء، أو كثيرون منهم على الأقل ينطلقون من قناعات ونوايا طيبة وليست خبيثة كما هو الحال مع المسؤولين الإيرانيين. هؤلاء يعتقدون فعلا أن الحوار والتفاوض المباشر يمكن أن يحل كثيرا من المشاكل والخلافات، ويمكن أن يفضى إلى اتفاقات تحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وبالنسبة إلى إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، لديها من جانبها دوافعها ومبرراتها لمحاولة الضغط من أجل إجراء هذا الحوار.
الإدارة الأمريكية تريد أولا أن تعفي نفسها من مسؤولية أي مواجهة مع إيران، وهي مواجهة أعلنت أنها لا تريدها أو تسعى إليها أصلا. في الحقيقة أمريكا تريد أن تعفي نفسها من مسؤولية لعب دور فاعل في الأزمة برمتها، على اعتبار أن هذا الحوار سوف ينقل الملف برمته إلى الدول المعنية.
وإدارة ترامب، التي تتحرق شوقا إلى التفاوض مع إيران، تريد من هذا الحوار أن يكون ذريعة لهذا التفاوض، وللنظر في مسألة إمكانية عقد صفقة مع إيران.
هذه بشكل عام مبررات الدعوة إلى الحوار مع إيران سواء بالنسبة إلى الإيرانيين أو الإدارة الأمريكية.
لكن هناك في الحقيقة منطق للدعوة إلى الحوار يبدو أكثر تماسكا وإقناعا من هذه المبررات.
هذا المنطق يتبناه بعض المحللين والكتاب العرب، وبعض الساسة أيضا، وهو يمضي على النحو التالي:
التطورات التي شهدتها منطقة الخليج في الفترة الماضية أثبتت بما لا يدع أي مجال للشك أن إدارة الرئيس الأمريكي ترامب ليست على استعداد لأن تفعل أي شيء يتجاوز العقوبات التي فرضتها على النظام الإيراني. الإدارة ليست على أي استعداد للتصعيد أكثر من هذا ولا للدخول في أي شكل من أشكال المواجهة مع إيران مهما تصاعدت الاعتداءات الإيرانية وتهديدات النظام الإيراني الإرهابية لأمن واستقرار دول المنطقة التي هي حليفة لأمريكا.
وهذه التطورات أثبتت أن العقوبات والضغوط التي تمارسها الإدارة الأمريكية على إيران لها في ذهن الرئيس ترامب هدف رئيسي محدد يقوله صراحة في كل مناسبة، هو دفع النظام الإيراني لأن يدخل في مفاوضات مع أمريكا.
وإذا حدث هذا فعلا، أي إذا دخلت الإدارة الأمريكية في مفاوضات مع النظام الإيراني فإن كل ما يهم الأمريكيين هو ضمان وتعظيم المصالح الأمريكية كما يرونها، وسوف يقدمون حتما تنازلات بهذا القدر أو ذاك من اجل ذلك.
بعبارة أدق، إذا جرت هذه المفاوضات فليس هناك أي شيء يضمن أنها لن تكون على حساب العرب والمصالح العربية.
هذا احتمال قوي جدا وخصوصا على ضوء ما هو معروف عن الرئيس ترامب بأنه لا يعير اهتماما كبيرا في الحقيقة للتحالفات الاستراتيجية الأمريكية مع الدول العربية إلا بقدر ما تدر عليه من مال ومن صفقات واستثمارات.
ويعني هذا أنه إذا حصل ترامب عبر المفاوضات مع إيران على منافع اقتصادية وصفقات واستثمارات يقدر أنها كبيرة بما يكفي، فليس لديه أي مانع من أن تكون اتفاقاته مع النظام الإيراني على حساب المصالح العربية والدول العربية الحليفة لأمريكا.
إن كان الأمر هو على هذا النحو، فلماذا إذن لا نبادر نحن العرب ونفتح باب الحوار والتفاوض مع إيران مباشرة، ونحاول التوصل معها إلى تفاهمات مباشرة؟
هذا هو المنطق الذي يتبناه كما ذكرت محللون وكتاب وبعض المسؤولين العرب لتأييد الدعوة إلى الحوار والتفاوض مع إيران.
وهو كما نرى منطق يبدو لأول وهلة متماسكا.
***
أي موقف؟
على ضوء كل ما ذكرناه، يبقى السؤال مطروحا من دون إجابة: أي موقف يجب أن نتخذه من هذه الدعوة للحوار والتفاوض مع إيران؟.. هل يجب أن نؤيدها أم نرفضها أم ماذا بالضبط؟
القضية بداية ليست قضية رفض أو قبول الحوار والتفاوض مع النظام الإيراني من حيث المبدأ.
القضية، هل تتوافر الشروط المقبولة والظروف الملائمة لإجراء هذا الحوار أو التفاوض مع إيران، وبما يضمن أن يكون حوارا جادا متكافئا يمكن أن ينتهي إلى نتائج إيجابية مقبولة عربيا وتحقق المصالح العربية؟
الجواب هنا في تقديرنا هو: لا، لا تتوافر اليوم لا الشروط ولا الظروف الملائمة المواتية لإجراء مثل هذا الحوار.
قبل كل شيء، المفروض بداهة أن تتوافر مقومات حسن النية فعلا من جانب إيران، بمعنى أن تثبت وتقدم الدلائل على أنها تريد حقا معالجة الأزمة وتريد حقا الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة.
حُسن النية يجب أن يتوافر من جانب النظام الإيراني لأنه هو الذي فجر أزمات المنطقة، وهو الذي بادر بالعدوان والتوسع وممارسة الإرهاب في المنطقة وتأجيج الصراع الطائفي.. إلى آخر ما هو معروف. هو المطالب إذن بإثبات جديته وحُسن نيته وليست الدول العربية.
والحادث هنا كما يعلم الكل أنه لم يطرأ أي تغيير على الإطلاق لا على مخططات إيران وسياساتها التوسعية الطائفية، ولا على ممارساتها العدوانية الإرهابية، ولا على نواياها الشريرة تجاه الدول العربية. ولم يصدر عن النظام الإيراني أي إشارة إلى أنه بصدد التراجع أو حتى مجرد إعادة النظر في كل هذا.
ليس هذا فحسب، بل شهدت الفترة الماضية تصعيدا خطيرا في العدوان الإيراني وفي مخططاتها لإلحاق الدمار والأذى بدول الخليج العربية. ولسنا بحاجة إلى التفصيل هنا.
والأكثر من هذا، أن النظام الإيراني على الرغم من أزمته الداخلية الطاحنة اقتصاديا واجتماعيا، وعلى الرغم من تأثير العقوبات المفروضة عليه ورغبته في الخروج من هذا المأزق.. على الرغم من هذا فإنه يتصرف بمنطق المنتصر القادر على فرض ما يريد. ولعل لديه بعض الحق في هذا.
نتابع جميعا ما يقوله دوما ويكرره المسؤولون الإيرانيون من أنهم يسيطرون على أربع دول عربية ويفرضون إرادتهم عليها.
ونعلم أنه على الرغم من هذه المواقف، وعلى الرغم من أن النظام الإيراني لم يغير شيئا من عدوانه وإرهابه وتدخلاته الإرهابية في الدول العربية، بل على العكس كما ذكرنا يصعد من عدوانه.. رغم هذا فإن الإدارة الأمريكية ومعها كل الدول الأوروبية، تتهافت على فتح قنوات الحوار والتفاوض معه، وتسعى إلى تقديم الإغراءات له كي يقبل بالحوار.
من الطبيعي أن يشعر النظام الإيراني أنه في موقع قوة وأنه منتصر.
ونستطيع لهذا أن نفهم لماذا أن النظام الإيراني لم يفعل أي شيء، وليس على استعداد لأن يفعل أي شيء على الإطلاق يمكن أن يجعل للحوار معنى أو جدوى.
النظام يتصرف ويفكر بمنطق أنه لم يفعل أي شيء خطأ أصلا، ولم يرتكب أي جريمة، وأنه بالتالي ليس بحاجة أبدا إلى أن يقوم بأي عملية تراجع أو مراجعة لمواقفه وسياساته وممارساته في المنطقة.
ولأن النظام الإيراني يفكر ويتصرف بمنطق المنتصر، نستطيع أن نفهم لماذا حتى وهو يسعى إلى الحوار مع السعودية ودول الخليج العربية ويدعو إليه بإلحاح، يتبجح ويضع الشروط بدلا من أن يقدم أي دليل على حُسن النوايا.
النظام الإيراني وهو يطلب الحوار مع السعودية مثلا، بل يطلب من وسطاء أن يتدخلوا، يشترط أن توقف السعودية الحرب في اليمن، ويشترط على دول الخليج العربية أن توقف مثلا تحالفاتها مع أمريكا.. وهكذا.
وكل ما طرحه النظام الإيراني من مبادرات، وآخرها المبادرة التي طرحها الرئيس الإيراني روحاني تحت مسمى «مبادرة هرمز للسلام»، تنطلق من المنطق نفسه، منطق فرض الشروط مسبقا على السعودية ودول الخليج العربية، وأن عليهم أن يفعلوا كذا وكذا ويتوقفوا عن كذا وكذا.
في الحقيقة النظام الإيراني يفكر ويتصرف بمنطق أنه هو الذي يتفضل على السعودية ودول الخليج العربية بقبول الحوار معها. ومسؤولو النظام يقولون هذا صراحة. يزعمون أن دول الخليج العربية هي التي تمر بأزمة، وأن الحوار والتفاوض مع إيران هو طريقها للخروج من الأزمة.
***
متى إذن؟
ما الذي نصل إليه من كل ما ذكرناه؟
حقيقة الأمر أن القبول العربي بالحوار أو التفاوض مع إيران في ظل الظروف والأوضاع الحالية، وفي ظل هذا الفهم والتفكير الإيراني سوف يعتبر إعلان هزيمة واستسلام.. سوف يعتبر إعلانا للهزيمة أمام المشروع التوسعي الطائفي الإيراني وقبولا بالاستسلام لهذا المشروع ولواقع العدوان والإرهاب الذي تفرضه إيران على المنطقة.. سوف يعتبر إعلانا بالعجز العربي الكامل أمام النظام الإيراني.
النظام الإيراني سوف يفهم الأمر ويتعامل معه على هذا النحو. بالضبط كما أن النظام الإيراني اعتبر أن مواقف الرئيس الأمريكي ترامب وتردده وتهافته على التفاوض معه هو بمثابة إعلان أمريكي بالعجز عن الدخول في أي مواجهة مع إيران.
وهل من المكن توقع أي نتيجة إيجابية من وجهة نظر المصالح العربية من حوار أو تفاوض عربي مع إيران في ظل هذا؟
الأمر العجيب أن بعض المحللين العرب يقرون بهذا.. أي يقرون بأن التفاوض مع إيران حاليا هو تفاوض من موقع العاجز والمهزوم، وهم يؤيدون التفاوض لهذا السبب بالذات. بمعنى أنهم يرون أن الدول العربية عاجزة عن الدخول في مواجهة مع إيران وعن إلحاق الهزيمة بمشروعها أو ردع عدوانها، وبالتالي فليس أمامها من مفر سوى التفاوض معها.
يبقى سؤال آخر.. متى إذن، يكون مقبولا أن يدخل العرب في حوار أو تفاوض مع النظام الإيراني؟
الإجابة تحددها إجابات عن الأسئلة التالية:
هل النظام الإيراني مستعد لأن يعلن صراحة أنه تخلى عن مشروعه التوسعي الطائفي وعن أطماعه في الدول العربية؟
هل النظام الإيراني مستعد لأن يثبت عمليا انه مستعد لأن يوقف كل العدوان الذي يشنه في الدول العربية هو وعملاؤه؟
هل هو مستعد مثلا لأن يعلن سحب كل مليشياته من العراق ومن سوريا، وأن يقطع روابطه وعلاقاته مع المليشيات العميلة في العراق ولبنان واليمن؟
هل النظام الإيراني مستعد لأن يعلن ويتعهد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل الدول العربية، وبوقف كل الدعم والتمويل والتسليح والتدريب الذي يوفره لقوى طائفية إرهابية في البحرين ومختلف الدول العربية؟
هل النظام الإيراني مستعد لأن يعلن صراحة ويتعهد بأنه سيتخلى عن تصدير الثورة ومستعد لأن يعيش كدولة عادية طبيعية؟
اللحظة التي تكون الإجابة عن هذه الأسئلة بنعم، سيكون من المقبول الدخول في حوار وتفاوض معه.
الحقيقة أن النظام الإيراني لا يمكن في أي وقت من الأوقات أن يفعل هذا الذي اشرنا إليه. السبب أنه يستمد شرعيته من كل هذه الأطماع التوسعية الطائفية، ومن كل ما يمارسه من عنف وإرهاب.. تخليه عن مشروعه الطائفي التوسعي في المنطقة، وعن دعم ورعاية القوى العميلة له، وعن ممارسات التدخل والعنف والإرهاب يعني بالنسبة إليه سقوط شرعية وجوده تماما.
ولهذا يستحيل أن يتخلى النظام الإيراني عن مواقفه وسياسته وأفعاله هذه بإرادته وعن اقتناع.
***
عودة إلى السؤال مرة أخرى، متى إذن يمكن أن تتوافر ظروف مواتية لقبول التفاوض العربي مع إيران، ويكون لهذا التفاوض معنى؟
الجواب بوضوح شديد أن هذه الظروف المواتية التي تجعل التفاوض مع إيران مقبولا يمكن أن تتوافر في حالتين فقط:
الأولى: أن يتم ردع النظام الإيراني فعليا على أرض الواقع. بمعنى أن يتم إجباره على وقف عدوانه وإرهابه، وإجباره على التخلي عن القوى الإرهابية العميلة له، والتخلي عن مشروعه الطائفي التوسعي. ولن يحدث هذا الردع إلا إذا دفع النظام ثمنا فادحا فعلا لما يفعله في المنطقة، وأيقن أنه ليس أمامه خيار آخر سوى التخلي عن سياساته وأفعاله.
والثانية: أن تصل الدول العربية إلى نقطة تستطيع فيها أن تفرض شروطها ومصالحها في أي عملية تفاوضية. أي أن تصل الدول العربية إلى درجة من القوة والمقدرة الجماعية تمكنها من ذلك.
والحقيقة أنه إذا تم ردع إيران وتوقف عدوانها وإرهابها، فلن تكون هناك حاجة إلى التفاوض أصلا. إذا أصبحت إيران دولة طبيعية عادية، فستكون العلاقات العربية معها محكومة بنفس الاعتبارات التي تحكم علاقات الدول الطبيعية من دون حاجة إلى مفاوضات من أجل هذا.
نقلا عن أخبار الخليج