<< هل يباشر نصرالله، الذي اتهم المحتجين بالعمالة وتلقي أموال من سفارات أجنبية، ويكشف عن حسابات حزبه المصرفية ومصدر تمويله، أسوة بالآخرين
<< حسن نصرالله معذور، هو صاحب قضية لا تهمّ أمامها حياة اللبنانيين، ويبدو الحديث عن الأزمة الاقتصادية في ظلها ترفا مرفوضا
كيف سيقنع حسن نصرالله اللبنانيين أنه جادّ في محاربة إسرائيل واسترجاع فلسطين بعد أن تسبب في إفقارهم وتجويعهم، ليصل لبنان بفضل “إنجازاته التاريخية” إلى حافة الإفلاس.
في الأيام الأولى للاحتجاجات اللبنانية، وقبل أن يدرك نصرالله عمقها، تحدث حديث الجاهل، متحدّيا المحتجّين الذين خرجوا إلى الشارع مطالبين بتغيير الحكومة ومحاسبة الفاسدين، معلنا رفضه الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة، رافضا استقالة الحكومة.
ردة فعل الشارع فاجأته، حيث استدار المحتجون عليه يقولون له إنه واحد من هؤلاء الفاسدين.
توقّع الجميع أن يطول صمت السيد بعد ردة فعل اللبنانيين على خطابه، وأن يعتكف جانبا للصلاة والعبادة ويهجر السياسة، ولكن من كان مثله، يعيش في الأوهام، لا يقبل الكف عن مقارعة طواحين الهواء، حتى لو كان الثمن دمار لبنان.
كان بوسعه أن ينتظر، على طريقة أولياء الله الصالحين، حدوث معجزة تخرجه من ورطته. ولكنه فضل المواجهة، فالمعجزة لن تأتيه طوعا، واللبنانيون يطلبون رأسه، وإيران التي رعته منذ اللحظة الأولى، وأغدقت عليه ليغدق هو على ميليشياته المسلحة، غارقة هي الأخرى بأزمة اقتصادية حادة.
رغم ذلك، هدد نصرالله المحتجين ملوحا باحتمال اللجوء إلى القوة قائلا “جاهزون لتقديم الدم لحماية أهلنا وحماية البلد من الفوضى والانهيار”. ولم ينسَ اللازمة التي يلجأ إليها دائما، التهديد بشن حرب ضد إسرائيل. عن أي انهيار يتحدّث، وماذا يسمي ما وصل إليه لبنان؟
حسن نصرالله معذور، هو صاحب قضية لا تهمّ أمامها حياة اللبنانيين، ويبدو الحديث عن الأزمة الاقتصادية في ظلها ترفا مرفوضا. ماذا يعني أن يموت اللبنانيون جوعا، أو أن يفنى مليون أو حتى نصف الكون.
أصحاب القضايا الكبيرة، وهو واحد منهم، لا يحتاجون إلى ثقافة اقتصادية، كل ما عليه أن يستلم الأجر من ملالي إيران ويوزعه على أتباعه.
لا نريد أن نقول إن لبنان أوشك على الإفلاس بسبب من نصرالله وحده، الفاسدون في لبنان كثيرون، وباعتراف الدولة نفسها. ولكن، ما كان للبنان أن يتحول إلى دولة فاشلة لولا ثقافة الميليشيات التي تخلى عنها الجميع في لبنان وتمسك بها نصرالله.
بفضل المناضلين من أمثاله، تضاعف معدل البطالة في لبنان، ليصل إلى 36 بالمئة في العام الحالي، بعد أن كان 20 بالمئة في العام 2014، وفق بيانات صندوق النقد الدولي.
وارتفعت نسبة الفقر لتتجاوز 30 بالمئة، وفق نفس المصدر، واتسعت رقعة عدم المساواة في الدخل بين اللبنانيين؛ إذ يعادل مدخول واحد بالألف من اللبنانيين مدخول نصف سكان البلاد مجتمعين، حسب أرقام نشرتها وكالة “رويترز” نهاية عام 2018.
ما تسبب بهذه المؤشرات الحمراء للاقتصاد اللبناني هو حجم الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة، التي يدافع عنها السيد نصرالله، فلبنان احتل المرتبة 143 بين 180 دولة في تصنيف الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية.
في نطاق الحرب على الفساد، ونزولا عند ضغط الشارع، وقع عدد من النواب والوزراء مؤخرا بيانات مصدقة من كتاب العدل، لرفع السرية المصرفية عن حساباتهم، داخل لبنان وخارجه، داعين الآخرين للاقتداء بهم.
هل يباشر نصرالله، الذي اتهم المحتجين بالعمالة وتلقي أموال من سفارات أجنبية، ويكشف عن حسابات حزبه المصرفية ومصدر تمويله، أسوة بالآخرين، أم أن مجرد التفكير بذلك يعد من المحرمات، وسرا من أسرار دولة حزب الله التي أقامها داخل الدولة اللبنانية.
يبدو أن الأموال التي ينفقها نصرالله على ميليشياته، تدخل ضمن أتعاب حروب يخوضها بالوكالة عن الآخرين، أو هي أموال زكاة يأخذها من بيت مال المسلمين.
نقلا عن العرب اللندنية