توقعت دراسة حديثة حدوث مزيد من التوتر في العلاقات الأمريكة ـ الإيرانية في ظل عدد من المعطيات أبرزها خطوات إيران التي تخفض من خلالها التزاماتها تدريجيا إزاء خطة العمل الشاملة المشتركة "الاتفاق النووي"، إلى جانب الحراك الشعبي في كل من العراق ولبنان والذي يشكل ضغطا خاصما على إيران بحكم نفوذها في هاتين الدولتين.
وتوصلت الدراسة التي كتبها محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية "أفايب"، إلى نتيجة مفادها أن مستقبل العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية في الشهور المقبلة، يدور تحت أرحية جملة من الضغوط المتبادلة التي يحاول فيها كل من الطرفين إضعاف موقف الطرف الآخر، أو تحسين موقفه لتعظيم مكتسباته من مخرجات الحوار.
ورأت الدراسة التي نشرها رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية "أفايب" نقلا عن مركز رياليست الروسي، أن أفق التسوية الشاملة بين طهران وواشنطن ليست منظورة على الأقل في المدى القريب، مع عدم استبعاد ذهاب الطرفين إلى التفاوض، حتى لو لم يكن على مستوى القمة أو عن طريق مباشر، وذلك في المديين المتوسط والبعيد.
من جانبه قال محمد محسن أبو النور، أن نتيجة الدراسة تأتي بالرغم من تصريحات التهدئة بين واشنطن وطهران والخطوات الإجرائية التي تنم عن رغبة في تقريب وجهات النظر، والتي تعد بمثابة بوادر للتقارب أو الحوار، وعلى رأسها إقالة الرئيس ترامب مستشاره للأمن القومي، جون بولتون، مساء الثلاثاء 10 سبتمبر الماضي، وهو أحد أكثر الداعين إلى التصعيد مع إيران.
وأضاف أبو النور أنه بنى فرضيته التي تقول بعدم التهدئة المحتملة في المدى القريب بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارة الرئيس الإيراني حسن روحاني، على عاملين أساسيين وهما: فشل الوساطة الفرنسية في تقريب وجهات النظر بين الدولتين وفشل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في إجلاس رئيسي البلدين إلى طاولة المفاوضات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر الماضي، إلى جانب خطوات إيران التدريجية التخارجية في الاتفاق النووي.
وأشار إلى أن التوتر المحتمل سببه السقف التفاوضي العالي لدى كل من الطرفين إذ اشترطت إيران قبل الجلوس إلى التفاوض 4 شرائط وهي: رفع كل العقوبات الأمريكية وتعويض إيران عن العقوبات في العام الماضي، وعودة أمريكا إلى الاتفاق، فضلا عن عدم التحدث عن البرنامج الصاروخي والدور الإيراني في الإقليم، ما يصعب للغاية من احتمالية قبول الإدارة الأمريكية بهذه الشروط.
ولفت الخبير في الشؤون الإيرانية إلى أن إيران بنت موقفها الاستراتيجية على أن تنتظر بتؤدة نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر أن تبدأ حملتها الانتخابية في غضون عدة أشهر؛ لكن ذلك لا يعني ـ من وجهة نظره ـ أنها تمتلك رفاهية الانتظار تحت طائلة العقوبات 15 شهرا أخرى، مع افتراض صعود رئيس ديمقراطي في يناير 2021 وتحسن الوضع بعدها.
واختتم أبو النور الدراسة بقوله: "تستخدم الولايات المتحدة من جانبها أقصى وسائل الضغط الاقتصادية والسياسية كي تقنع إيران أنها جادة هذه المرة في الحصول على اتفاق مستدام يقلص الدور الإيراني في الإقليم، مع الأخذ في الاعتبار الحساسية الأمريكية التقليدية البالغة من البرنامج الصاروخي الباليستي والبرنامج النووي، وعليه فإن المدى المنظور لا ينبئ عن تقارب أمريكي ـ إيراني، في ضوء كل الاعتبارات السالفة".
رابط الدراسة على الموقع الإلكتروني لـ"المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ أفايب":
http://bit.ly/36cS5a3