<< الانخراط الخليجي في لبنان بات من ضمن الأمن الاستراتيجي لمنطقة الخليج وفي إطار توجه يهدف لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة
<< التوجه الخليجي يدعم موقف الحريري على رأس حكومته كما يدعم التيارات السياسية المناهضة لحزب الله وللنفوذ الإيراني في هذا البلد
كشفت مصادر لبنانية مطلعة أن قرارا خليجيا اتخذ للعودة والانخراط بالكامل داخل الساحة اللبنانية ضمن توجه استراتيجي عام هدفه مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.
ونقلت المصادر عن مراجع دبلوماسية خليجية أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها كل من السعودية والإمارات لم تكن تنتظر زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري، وأن الانخراط الخليجي في لبنان بات من ضمن الأمن الاستراتيجي لمنطقة الخليج.
وأضافت أن دول مجلس التعاون الخليجي معنية بهذا التوجه دون استثناء، وأن سلطنة عمان كما الكويت وقطر كانت عبرت عن أعراض في هذا الاتجاه.
ورأت المصادر أن التوجه الخليجي يأتي متسقا مع توجهات الولايات المتحدة في المنطقة، لاسيما تلك التي تتعلق بلبنان. ولفتت إلى أن المساعي التي يبذلها مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر للتوصل إلى تسوية لإنهاء النزاع الحدودي، البري والبحري، الإسرائيلي اللبناني، تكشف اهتمام واشنطن بملف لبنان، كما بالملف المتعلق بالتنقيب عن الغاز في منطقته الاقتصادية الخالصة.
ورأت المصادر أن التوجه الخليجي يأتي رافدا لخطط دولية تتعلق بسوق الطاقة في شرق المتوسط، وأن قرارا دوليا قد اتخذ في هذا الصدد لمنع إيران من التحكم بخطط تحالف إقليمي دولي قد تشكل أوائل هذا العام في القاهرة لإدارة إنتاج وتوزيع الغاز في هذه المنطقة.
وانعقد في القاهرة في 14 و15 يناير اجتماع لوزراء البترول للدول المصدرة والمستوردة والعابرة للغاز في شرق المتوسط، أي مصر وفلسطين والأردن وقبرص وإسرائيل واليونان وإيطاليا، بهدف تأكيد “التزام هذه الدول بتعزيز التعاون وبدء حوار منهجي منظم حول سياسات المنطقة المتعلقة بالغاز الطبيعي، بما يؤدي إلى تنمية سوق الغاز الإقليمية”.
وتم الاتفاق خلال هذا الاجتماع على تأسيس “منتدى غاز شرق المتوسط” يتخذ من القاهرة مقرا.
وعلى الرغم من أن لبنان لم يدع إلى عضوية المنتدى بسبب رفضه أن يكون إلى جانب إسرائيل داخل هذا التجمع، إلا أن شراكات قبرصية يونانية مصرية مع دول أخرى بإمكانها أن تسمح للبنان بأن يكون جزءا من شبكات التوزيع الدولية الخاصة بإنتاج الغاز في شرق المتوسط.
وأكدت مصادر دبلوماسية غربية أن لبنان يشكل حجرا أساسيا داخل سوق الطاقة المقبل في شرق المتوسط، وأن تقاطعا غربيا روسيا يعمل على تحصين لبنان وتحضيره للانخراط السلس داخل سوق متشابك يحتاج إلى تعاون كافة أطرافه، كما يحتاج إلى إزالة كافة العراقيل اللوجستية والأمنية والجيوستراتيجية التي قد تعطل الوظيفة اللبنانية داخل شبكة الطاقة الواعدة في المنطقة.
وكانت شركات النفط الخليجية بدأت تستكشف إمكانات الاستثمار داخل سوق الطاقة اللبناني بالشراكة مع الشركات الدولية الكبرى.
وترى مصادر خليجية مطلعة أن السعودية والإمارات تقودان جهدا خليجيا لدعم الدولة اللبنانية واقتصادها وأن سياسة الدولتين تجاه لبنان تأخذ بعين الاعتبار القلق الإيراني من ذلك والذي بدأت تعبر عنه المنابر الإعلامية القريبة من حزب الله. وتضيف المصادر أن عودة الخليجيين إلى لبنان، سواء من خلال الودائع المصرفية أو الاستثمارات أو السياحة، هدفها استعادة المكانة التي كان يمتلكها الخليجيون في لبنان.
وقال مراقبون إن التوجه الخليجي يأتي أيضا ليدعم موقف الحريري على رأس حكومته كما يدعم التيارات السياسية المناهضة لحزب الله وللنفوذ الإيراني في هذا البلد. ورأى هؤلاء أن الإشارات الخليجية الإيجابية تقدم للحريري بغية تقوية موقفه في الداخل اللبناني ليأتي مكملا للدعم والرعاية التي عبرت عنها الإدارة الأميركية له أثناء الزيارة التي قام بها إلى واشنطن في أغسطس.
ويضيف المراقبون أن هذا الدعم الدولي العربي بات يتطلب من الحريري موقفا أكثر حزما في الدفاع عن الدولة اللبنانية، وأنه لم يعد كافيا الهروب من هذه المهمة بالتلطي وراء نظريته الجديدة حول أن حزب الله مشكلة إقليمية تحل بتسويات لا علاقة للبنان بها.
وتلفت مصادر قريبة من تيار المستقبل في بيروت إلى أن المقاربة الخليجية الجديدة لا تهدف إلى التصادم مع نفوذ حزب الله في لبنان، بل هدفها تعزيز دور الدولة ورفع مناعة البلد، وأن على الحكومة اللبنانية أن تمتلك الشجاعة لتحصين نفسها والاستعداد للتحولات الهائلة الجارية في المنطقة.
وتضيف المصادر أن حديث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لبرنامج “60 دقيقة” الذي يذاع على قناة “سي.بي.أس” الأميركية، عن أنّ الحرب مع إيران ستدمّر الاقتصاد العالمي وتأكيده أن الحل السياسي أفضل بكثير، يؤسس لأجواء حوارية رحبت بها طهران. وخلصت المصادر إلى أن لبنان في هذا الصدد سيكون ساحة مشتركة لقياس درجات الحوار بين الخليج وإيران وقد تكون إحدى البوابات الكبرى لتخفيف التوتر في العلاقات الأميركية الإيرانية، وأن الاندفاع الخليجي باتجاه لبنان يأتي في سياق السلم المقبل وليس الحرب المقبلة.