تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني
مع انتهاء السنة الثالثة عشر لذكرى الاحتلال الأمريكي للعراق إلا ان المشهد السياسي والواقع الأمني والخدمي وجميع الملفات المرتبطة بهم ما زالت تسير إلى الخلف وبخطوات متسارعة، ونعزو ذلك لانعدام الأفكار الصحيحة التي يحملها من جاء بـه أو مع المحتل أو من التحق بهذا الركب، فالدراسات الأكاديمية ومجريات الأمور تشير إلى ان أيا منهم لم يكن يحمل فكرا سياسيا ناضجا خارج المنظومة الطائفية (الدين والقومية)، والتي يهدفون من وراءها الوصول إلى السلطة ليس إلا، والتي بنيت على الموروث التاريخي الخاطئ، المبني على مغالطات تاريخية كبيرة وعظيمة في الإجرام، واعتمدت هذه النظرية على التخويف من الأخر، ولا منجى ولا ملجئ للهرب من الأخر إلا إلى أحضان الطائفية، وبعيدا عن هذه الفكرة لم يستطع أيا منهم ان يستقطب الجماهير حوله أو يقنع من حوله بأنه يستطيع ان يخرج بالعراق من عنق الزجاجة التي وضعوه فيها. وهنا لا نتحدث عن خلق شخصية الدكتاتور ولا القائد الضرورة والتي يحاول الجميع تقمصها، بدماء الآخرين وبالنار والحديد والطائفية، وهذا لم يأتي من جهلهم بالسياسة أو الحاكمية بمفهومها الأعم فقط، أنما بما يحملونه من محتوى فارغ لا يسمن ولا يغني من جوع؛ فالجميع هم أتباع لأفكار شخصية تحتوي من التناقض ما تقيد نفسها بنفسها، وتنهي أي دورا لها في قيادة الطائفة، ومن ثم العراق الموحد إلى بر الأمان.
وإذا ما تم تقسيم المشكلة وحصرها بساسة أهل السنة فان الواقع يثبت انه ونتيجة ما حصل خلال السنوات الماضية من الظلم والجرائم والانتهاكات، وخلال فترة وجيزة أجبرت من دخل اللعبة السياسية من أهل السنة على التحول بالطرح إعلاميا من المشروع الوطني إلى المشروع الطائفي ليواكبوا العجلة الانتخابية، وهم لم يعدوا العدة لا للعمل السياسي بوضعه الطبيعي ولا الطائفي، كونهم لم يعرفوا حجم المخاطرة التي دخلوا فيها، وحجم الخطر القادم باتجاههم، على عكس الشيعة والأكراد، وان كانت الدراسات قد أكدت ان ساستهم من لم يختلفوا عن ساسة أهل السنة بعدم امتلاكهم فكر سياسي بالمعنى المتعارف عليه للأحزاب السياسية إلا أنهم لديهم مشاريع يحاولون تحقيقها، فكانت خسائر من دخل اللعبة السياسية من أهل السنة وعلى كافة الأصعدة هي الأكبر مقارنة بالآخرين، وانعكس ذلك على المكون السني بكامله، لذلك السبب ولأنعدم وجود القوة المادية والمرجعية السياسية أو الدينية لتوحد الصفوف والتي تستطيع ان تتصدى للملمات بشكل فوري وحازم، معتمدين على فكر سياسي يعتمد شرع واضح المعالم ومتفق عليه من جميع الأطراف أو في اقل تقدير يحضا بموافقة أغلبية الطيف السني، لا يمكن التنازل عنه لتحقيق مصالح شخصية، ومن ثم تمكنهم من العامل به والمضي قدما عند كل الشدائد، فالواقع يحدثنا عن ان المشاريع المطروحة ولا يمكن القول عنها مشروع لاختلافها شكلا ومضمونا، وهي بعمومها تفتقر إلى ابسط مقومات الحياة، واقتصرت جميع هذه المشاريع على أسلوب الدفاع العشوائي الآني.
وإذا كانت الرؤى والرايات في عموم العراق قد اختلفت في تعملها مع الاحتلال الصليبي الصهيوني ألصفوي له، فان أكثر اختلافا وقع ممن عملوا بالسياسة من أهل السنة العرب، ونحن لا نتحدث عن العامة، حيث ثبت وبما لا يقبل الشك وقوفهم ضد الاحتلال، وان وجد هناك من شذ فهم أفراد لا يمكن وضعهم بأي نسبة لأهل السنة العرب، ولكن مع تغيير الرؤى والأفكار من ساسة أهل السنة، ومع تزاحم الفتن وحجم الضيم والظلم والانتهاكات التي أصابت العامة، ولعدم وجود مرجعية موحدة ولا مدافع عن حقوقهم التي سلبت منهم وبقوة الاحتلال ومن معه، ومن التحق به من أهل السنة العرب، أصابهم ما أصاب السياسيين من تفرق وانقسام كلا حسب صبره وقوة وضعف إيمانه، حتى وصل الحال بالبعض بالدعوة إلى احتلال مركب (إيراني وأمريكي) ولا مانع من ان يكون عالمي.
وإذا نذكر كل ذلك فأننا نؤمن ان من لا يريد ان يخطئ عليه الجلوس في بيته، لان من يعمل يخطئ وهذه سنة الحياة ومن لا يعمل لا تسجل عليه الأخطاء، ومع هذا فان من يريد النجاح عليه ان يعلم ان للفشل والأخطاء أسباب ومسببات لا يمكن إنكارها أو تجاهلها بل يجب معرفتها والتصدي لها، أما من يرتكب الأخطاء المتلاحقة والمتكررة ولا يتعظ لا بنفسه ولا بغيره فهنا تكمن المشكلة في هذا الشخص، وقديما قيل (السعيد من اتعظ بغيره)، وإذا كان هذا الشخص في سدة الحكم ومتصدي لها فعليه ان يعلم جيدا انه لا يصلح لهذه المهمة، خاصة إذا كنت هذه المسؤولية تتسبب في عمليات قتل وتنكيل وربما تصل إلى الإبادة الجماعية بحق مكونه الذي يفترض انه يحميه لا يتسبب في إبادته، وهنا تكمن الطامة الكبرى ان لم يستشعر كل ذلك. ونحن هنا نحاول وفي حلقات طرح الأفكار التي تعاطى معها من تصدى لمهمة تمثيل أهل السنة العرب في العملية السياسية في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق 2003، أو ممن عارضها سلميا أو عن طريق حمل السلاح.
المصدر| مؤسسة أبعاد البحثية