<< إخضاع الحكومة لوسائل إعلام محلية وعربية، بالاستعانة بميليشيات مدعومة من إيران، يكشف عن نوايا دكتاتورية مخيفة
اتهم متظاهرون عراقيون المرجعية الدينية في النجف بالتواطؤ مع الحكومة العراقية والميليشيات المدعومة من إيران، عندما وجدت أن اتجاه التظاهر يستهدف إسقاط النظام الذي تسيطر عليه الأحزاب الشيعية برمته، فاندفعت إلى التحذير من العنف والعنف المتبادل، وكأن المحتجين يحملون سلاحا موازيا لما تحمله أجهزة الأمن.
وفي مشهد مرعب، يعكس حجم الهيمنة الإيرانية في العراق، جال مسلحون ينتسبون إلى سرايا الخرساني إحدى الميليشيات المنضوية تحت الحشد الشعبي، التي شكلها رئيس فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني من مقاتلين محليين، على مباني وسائل إعلام عديدة، حاولت تغطية التظاهرات، فأحرقوا بعضها وضربوا الصحافيين وهشموا المعدات في البعض الآخر.
ومع قطع الإنترنت عن جميع أرجاء البلاد، انفردت الحكومة بالمحتجين وبطشت بهم، إذ أكد شهود عيان أن رجال الأمن وعناصر الميليشيات ارتكبوا مذبحة ضد المتظاهرين في شارع فلسطين، شرق العاصمة بغداد.
واعتبرت مصادر إعلامية في بغداد أن الحكومة نجحت في إخضاع جميع وسائل الإعلام المحلية، وبعض وسائل الإعلام العربية، بالاستعانة بعناصر الميليشيات في مشهد غريب، يكشف عن نوايا دكتاتورية مخيفة.
وقال صحافيون حسب مراسل صحيفة “العرب” اللندنية في بغداد إنهم غادروا العاصمة العراقية إلى إقليم كردستان الآمن، بعدما تلقوا تهديدات صريحة بالتصفية الجسدية من قبل عناصر ميليشيات تدين بالولاء لإيران. وطالب السفير البريطاني في العراق جون ويلكس، بضرورة أن يخضع جميع مرتكبي جرائم العنف على كافة الأصعدة للعدالة.
ونقل ويلكس في تغريدة على موقع تويتر، موقف المملكة المتحدة مما يحصل في العراق بالقول “أعربت المملكة المتحدة عن قلقها البالغ إزاء العنف المستخدم ضد المتظاهرين وخصوصا أعمال القنص” في إشارة إلى عناصر الميليشيات التي تستهدف المتظاهرين.
وكشفت التظاهرات المتواصلة في المدن العراقية منذ خمسة أيام أوراق الأطراف السياسية في العراق بما فيها الشعب والحكومة والمرجعية الدينية والأحزاب.
وبدا واضحا أن المرجعية والحكومة والأحزاب لا ترى موجبا للتظاهر وإن اعترفت بالحق الدستوري الذي يقف وراء ذلك. غير أن الجديد في الأمر هو ذلك الاهتزاز الذي أصاب ثقة المحتجين بالمرجعية بعد بيانها الذي اعتبروه باهتا ولا يرقى إلى مستوى الوقوف مع الشعب في مطالبه التي تعتبرها محقة.
وصار واضحا أن الأحزاب التي تستمد الحكومة منها قوتها تفضل اللجوء إلى الحل الأمني خيارا أول في التعامل مع الشعب. وهو ما يكشف عن تماديها في سياستها القائمة على توزيع الثروات العامة باعتبارها غنائم في ما بينها. الأمر الذي يعني أن أي احتجاج سيقابل بالقمع وما من فرصة للحوار بين المحتجين والحكومة التي تبدو كما لو أنها مختطفة من قبل الأحزاب.
وكان يأمل الشباب المحتجون في أن تنصفهم المرجعية الدينية غير أن وقوفها في الوسط كما لو أنها مشاهد محايد دفع أولئك الشباب إلى إعادة النظر في موقفهم من المرجعية بما يمهد لطريقة نظر جديدة إلى المعسكر المقابل الذي ستنضم المرجعية إليه باعتبارها راعية للحكومة والميليشيات التابعة للأحزاب وهي الجهة التي مارست القتل عبر خمسة أيام من التظاهر.
واعتبر مراقب سياسي عراقي أن المرجعية خذلت الشباب ومن خلالهم الشعب العراقي، وهو ما ستكون له تداعيات مهمة على الأحداث في أي تحرك احتجاجي جديد.