الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

قراءة في التصعيد الأمريكي الإيراني الأخير

آراء وأقوال - طه الشريف | Mon, May 20, 2019 4:09 AM
الزيارات: 963
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

لا يوجد في كل دول العالم مجتمعة أيُ نوع من العلاقات الدولية يمكن وصفها بالمعقدة كما بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وثالثتها إسرائيل!.

 فالمُعلن دائما ومن خلال البيانات الرسمية وعلى شاشات التلفاز  هو التوتر والصدام الدبلوماسي والتصعيد في التصريحات هنا وهناك، أما الحقيقة التي تجري فصولها فيما وراء الكواليس فهي مغايرة تماما لما هو معلن عبر شاشات التلفاز!.

ولعل القارىء الكريم يتذكر اعتراف الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان في أغسطس عام 1987 بدور واشنطن ووساطة إسرائيل في تصدير الأسلحة الأمريكية إلى طهران لحربها ضد العراق وصدام حسين ، وهو ما عرف ساعتها بفضيحة "إيران كونترا" وتاريخ الواقعة جاء بعد ثورة الخميني بما فيها من أحداث اقتحام السفارة الأمريكية بطهران وما خلّفه من عداء كبير بين الدولتين أمريكا من ناحية ونظام الملالي حكام إيران الجدد بعد رحيل الشاه من ناحية أخرى .

نعم لقد تعقدت العلاقات الأمريكية الإيرانية ما بعد قيام الثورة الخومَينية عام 1979، لكن فضيحة إيران كونترا أظهرت للسطح بأن ثمت اتفاقية بدرجة _سري للغاية_ قد أبرمت بين الأطراف الثلاثة تقضي بخروج إيران من الحلف العلني لأمريكا منذ عهد الشاه إلى مرحلة التحالف السري كضرورة لمواجهة النزعات السنية المتزايدة والمطالبة بتحرير القدس بعد تدنيسها من قِبل الصهاينة علاوة على السكوت العربي الرسمي والمخزي.

لقد برزت الحاجة الماسة إلى منح إيران "الشيعية" غطاءاً تعبوياً من أجل قيادتها للمنطقة العربية والإسلامية معا بُغية السيطرة عليها لمواجهة أو لنَقُل احتواء تلك النزعات والدعوات السنية الجهادية لتحرير القدس المحتلة.

وقد أتفق على استخدام طهران للخطاب الأيدلوجي العدائي ضد سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة بما اشتُهر في الخطاب الرسمي لأيات الله ولإعلام طهران ساعتها وحتى الساعة بتوصيف أمريكا بكونها الشيطان الأكبر!.

والحقيقة أن البراجماتية المدهشة والانتهازية المبدعة للشيعة والقدرة الفائقة لديهم على تزييف الحقائق أهلّتهم للقيام بتلك المهمة المعقدة!.

وبالطبع لا ننسى دور الإعلام الغربي والعربي على السواء في التغطية على تلك العلاقة وفي تسطيح عقل المتلقي العربي والتشويش على الجمهور وخداعه بتلك الأكاذيب!.

وباستعراض تاريخ التوتر في الأجواء بين واشنطن وطهران سنجد العَجب العُجاب وسنكتشف أن التصعيد لم يكن أكثر من قنبلة دخان أطلقت لاستنزاف إحدى الدول السنية بالمنطقة وسحبها إلى حيث تريد واشنطن أو عقابها على خروجها عن السياق الذي رُسم لها، وبفجائية أقرب إلى الكوميديا السوداء تتسلم إيران مكافأتها بعد وابل من التهديد والوعيد!. فقد تمت مكافأتها بأفغانستان السنية أيام جورج بوش الأب، وقدمت لها العراق السنية في عهد بوش الإبن وتحولت بغداد من ساعتها كحاضرة الخلافة العباسية السنية لتصبح إحدى ولايات المرشد ذو العمامة السوداء!، ثم لم تتوقف تهديدات الإدراة الأمريكية وتصعيدها ضد إيران أيام الرئيس أوباما وانتهى الأمر بسيطرة طهران على سوريا واليمن!!

وها هي الإدارة الأمريكية تعود أدراجها مرة أخرى ناسجة سيناريو جديد للتهديد والوعيد مع بدء حكم الجمهوري "دونالد ترامب"

وإدراته من المحافظين الموغلين في التطرف من أمثال مايك بنس وجون بولتون ومايك بومبيو

والمبررات هذه المرة اصلاح ما ارتكبته الإدارة السابقة من خطأ التوقيع مع إيران! وذلك بالإعلان عن الإنسحاب من الإتفاقية النووية التي أبرمت بشراكة أوربية واشراف أممي والمعروفة بإتفاقية ال5+1 بالإضافة إلى إنهاء الإعفاءات على استيراد النفط الإيراني من أجل تصفير العائدات ووقف ضخه للأسواق.

ترى ما هي أسباب التصعيد _المصطنعة_ من قِبل إدارة ترامب وما هي الأهداف الحقيقية التي تسعى إليها إدارته حتى حشدت السفن وحاملات الطائرات وقاذفات الصواريخ وأتت بها إلى مياه الخليج؟؟!

مبررات التعبئة الأمريكية للقوات في حوض الخليج العربي

1_الضغط على إيران لخروجها عن السياق المتفق عليه "ربما" بسبب الطموح الزائد للإيرانيين وتهديدهم لمصالح إسرائيل المدللة عند واشنطن والسعي لتقويض النفوذ الإيراني في سوريا وإعادتها إلى المربع صفر من أجل طمئنة إسرائيل ومعالجة الشعور بالقلق الذي انتابها من ذلك الوجود!.ولربما عادت الأمور إلى طبيعتها عقب التقهقر الإيراني المطلوب لاسيما بعد التدقيق في تصريحات ترامب وكأنه يخطب ود طهران حين قال: رقم هاتفي موجود بحوزة سويسرا! كذلك تصريحات وزير خارجيته تعليقاً على حشد أمريكا لقواتها في الخليج: بأننا لا نريد الحرب مع إيران فقط نحمي مصالحنا.وليس ثمت مصلحة لأمريكا في المنطقة بل وفي العالم أكثر من اسرائيل!.

2_خلق ميدان لمعركة جديدة من أجل ابتزاز أنظمة الخليج وحملهم على تقديم ما لديهم أو ما لدى شعوبهم من ثروات نفطية قد أتخمت بها خزائنهم ووجب على الصديق الأمريكي أن يتدخل لمعالجة تلك التخمة! علاوة على تقديم الدعم للقوات التي حضرت ودفع الفاتورة اللازمة لحماية عروش السادة أصحاب الجلالة والسمو وخاصة الكينج! من العدو المتربص بهم في الضفة الأخرى من الخليج!

3_ثالث تلك المبررات وأشدها خطورة في حشد أمريكا لقواتها بالخليج العربي هو بدء تنفيذ ما تم التخطيط له من "صفقة القرن" بعد عدة خطوات ماراثونية قامت بها الإدراة الأمريكية مثل نقل السفارة للقدس وانهاء صفة الإحتلال عن الجولان، تلك الصفقة التي حمل حقيبتها مبعوثاً من واشنطن لدى المنطقة الصهر اليهودي "جاريد كوشنر" ورافقتها تحركات لبعض زعماء المنطقة للضغط على قطاع غزة والإشارة لهم بالجزرة في حال الطاعة وبالعصا في حال التمرد بل ومحاصرة "أبومازن" نفسه والتلويح له بجاهزية البديل المقيم في ضيافة إحدى الإمارات الخليجية الداعمة لصفقة القرن بكل قوتها وثرواتها ناهيك عن ما حدث مع ملك الأردن من محاولات إدخاله في حظيرة الصفقة.

خاتمة..فإني أرى أن المبررات التي دفعت الولايات المتحدة الأمريكية لحشد تلك القوات ورفع وتيرة التهديد_المعتادة_ لإيران هي كل الأسباب السابقة مجتمعة، سيما في ظل حالة الضعف والتردي العربي والذي لم يحدث بهذه الصورة من قبل وهو ما  منح الإدارة الحالية كل تلك الجراءة وإن شئت فقل الصفاقة ناهيك عن كرم بعض الزعماء وحماستهم في اتمام الصفقة وسخاءهم الشديد من أجل تكليل جهود الصهر وعيون زوجته إيفانكا!.    

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت