الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)) سورة يوسف
سياسة الدول وقيادتها يجب أن تخرج من النمطية والتقليدية إلى العمل الغير تقليدي ونوعي في كافة المجالات. عالم اليوم لا مجال فيه لأصحاب التجارب الاستهلاكية للزمن أو لعشق الكاميرات أو المشي فوق السجادة الحمراء. عالم اليوم يترك الطريق لمن جاء من الخلف لأنه يملك مفاتيح المشاكل المعاصرة. عالم اليوم لا يقبل وجود أصحاب العقول المحتلة أو الأدمغة المستعارة من قصص تاريخ ماضي أو أماني مستقبل. عالم اليوم لن يقبل الفكر العادي أوالرؤية التي ترك النظر إليها آخرون،
التميز المعرفي، وجودة الطموح، ومعالي الإبداع، والسعي فوق جغرافيا العقول، والقلوب، والنفوس، هو زاد الإمبراطوريات القادمة، التي لن تستاذن أحدا في استلام مقاليد القوة، والقيادة، بل تنتزع الصدارة من الواقع لأنها جعلت ما تحلم به الشعوب المعاصرة أحد أودية الماضي الذي تجاوزته.
الأمة التي تسعى نحو البقاء او التمدد الروحي والمادي لها درب نوعي وغير تقليدي، حين عاشت واقعا أصبح السعي بعيدا عنه هو غاية أحلام الآخرين أن تصل إليه. الحلول الغير تقليدية لأزمة المعرفة، وأزمة إدارة المعارف المستعارة من الآخرين، وأزمة تقدير الاحتياج للفرد والبيت والأسرة والعائلة والدولة أزمات لا يصلح معها التفكير العادي، بل يجب للشعوب التي تسعى نحو البقاء، أو نحو الحياة بمعنى الحياة أن تعمل بحجم الهدف أو الخطر.
فليرحل عن الأمة أصنام العقول ورعاة اليأس وحداة الانتكاسة، فليرحل عنا من أقاموا أصناما للقلوب تختزل الفهم والإمامة أمام الأجيال في مشهد من استنساخ التبعية لأصنام حجرية غير أننا وقعنا في أسر تقديس الغير مقدس نصا أو في زمان أو في مكان انصرف نور النبوة المعصومة ولم يأت تزكية لأحد من المعاصرين إلا تزكية عموم أهل الفضل التي لا يحرم منها أحد سار نحوه يسعى.
إن نقلة الشعوب نحو البقاء والتنوع والريادة والإبداع أمر ليس بمعجزة بل الإعجاز في الواقع يأتي حين ندرك أين كنا وأين نحن وأين ذهب الآخرون. إن سباق الزمن لا يأتي للنفس إلا بعد سمو الروح فوق مظاهر الانتكاسة في الواقع.
إن شعوب العالم الإسلامي والعربي ليست مطالبة أن تستنسخ نموذج حضاري قائم من النماذج الغربية أو الشرقية بل عليها أن تسعى لتكون حيث ينتظرها العالم والتاريخ. إن مهمة الشهادة على الناس مهمة توازي كل مظاهر الريادة التي لم تراها الدنيا أصلا لا المثل المادية التي حققتها حين عجزت الأمة عن إدراك ماهية وجودها في عالم الواقع لا في عالم الخيال.
إن عالم اليوم ليس ككل العوالم التي مرت إن السنن تلاحق بعضها بعضا بالتوازي مع طبيعة الفهم وطبيعة استيعاب الدروس أو طبيعة الجحود للواقع والدين على السواء، إن وضع الطموح في أودية التواضع جريمة في حق الإنسانية يجب أن تتوب منها الأمة كما تتوب من العصيان حيث الانتكاسة في الطموح تورث التبعية والتبعية تورث الانكسار والانكسار يورث التقليد والتقليد يورث تمدد الأفكار. ومن ثم لو دخلوا جحر ضب لدخلناه.
وصلاة ربي على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.