الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

الشعب الأحوازي يلقن الاحتلال الفارسي درساً في الوطنية

الأحواز - تقرير- نوري حمـزة | Sun, Apr 7, 2019 3:37 AM
اللون الأحمر.. الأراضي العربية التي تضررت، أما اللون الأخضر مزارع قصب السكر للنظام الفارسي التي بقت سالمة
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

تعد الكوارث الطبيعية في العديد من دول العالم كنقطة نهوض الدولة برمتها نحو التطور والتنمیة. في اليابان والصين مثلاً؛ انشأت كلا الدولتين مجالس خاصة تجيب على المستحيلات في إدارة الأزمات والكوارث الطبيعية كالزلازل والتسونامي والتسرب النووي وغيرها من أحداث وتزيد من العمل الشعبي والحكومي وتخلق ملحمة وطنية يسطرها أبناء الوطن عبر المؤسسات غير الحكومية وهم ماضين قدماً مع دولتهم لطي صفحة الكارثة، والقدوم إلى عالم جديد مليء بالثقة والقوة ومفعم بالأمل وإزالة التأثيرات من الحوادث، وخلق فرص عمل وتوزيع اقتصادي متكامل يعوض كافة الخسائر ويرضي الجميع. وكل هذا الى جانب العمل الإجتماعي الحكومي لخلاص المتضررين من الصدمة النفسية التي حلت بهم جراء الكارثة، ومعالجة جميع الحالات، والتصدي للحوادث المستقبلية عبر إعمار البنية التحتية، بشكل كي تكون الحوادث والكوارث في أقل حد من التأثير على حياة الناس، بجانب تثقيف الناس عبر التعليم لمواجهة الكوارث بشكل علمي وبالتالي يتم استبدال التهديد بالفرصة وكلشيء ينقلب كي يحدث النهوض والسير إلى الأمام.

فأما ما يحدث في إيران على عكس ذلك تماماً. وعلى سبيل المثال في زلزال 26 دسمبر عام 2003 الذي ضرب مدينة بَم شرقي إيران لم تصل قوات الدفاع المدني الايرانية الى بَم المنكوبة بالوقت المناسب، وإنما القوات الأجنبية المساعدة كانت هي أولى قوات الدفاع المدني التي وصلت الى بَم وكانت في مقدمتهم قوات الدفاع المدني من مملكة السويد أول من دخلت المدينة المنكوبة!

وإن دل هذا الحدث على شيء، بوضوح يدل على أن هناك خلل كبير في الدولة الإيرانية فيما يتعلق  بإدارة الأزمات والكوارث الطبيعية والإستجابة معها. ولا تزال إيران بعيدة جداً عن السيطرة على الأزمات بشكل علمي ومعالجتها بشكل موضوعي، ناهيك عن الجانب الأهم من الأزمات لدى الدولة الايرانية ألا وهو "أزمة الثقة ما بين الناس ونظام الحكم في إيران".

ومزيداً على ضعف إيران في إدارة الأزمات، فيما يتعلق بأزمة الثقة بين الأحواز وإيران، منذ تسعة عقود خلت، وإلى جانب الحرب المستمرة على الأحواز والذي دمر عبرها نظام طهران المناطق العربية المنتفضة وقتل وتهجير العرب، مارس النظام الإيراني كافة أنواع التحايل على شعب الأحواز بغية تغيير التركيبة السكانية عبر مشاريع تنموية منها اقتصادية وزراعية وعسكرية وغيرها، مزيدا على إستخدامه الكوارث لتهجير العرب وأشهرها كارثة الحرب الايرانية العراقية التي حلت بالعرب في الاحواز وهجرت الملايين منهم الى المدن الفارسية.

ومنذ أولى أيام دخول قوات العسكر الايراني الاحواز بدأت الدولة الايرنية بإنشاء قوانين تدعم سلب الأرض من السكان الأصليين وتسليمها الى الوافدين من أقاليم فارسية أو إستخدامها لمشاريع حكومية تطمح طهران عبرها تغيير الواقع الاجتماعي العربي للإقليم. 

وخلال الكوارث الطبيعية التي تحاول طهران توظيفها ضد العرب، وعلى سبيل المثال منذ اليوم الذي تجتاح فيه الفيضانت بيوت الناس ومزارعها ينظر الأحوازي إلى موظفي النظام الايراني في الاقليم بصفتهم ذئاب مفترسة خطيرة تريد أن تغدر به في لحظة ما، وهو صائب في هذه النظرة. إلى ذلك ولأسباب عديدة منها تعلق الإنسان الأحوازي بموطنه وبيته الذي شيده والخوف من المستقبل الغامض والتعلق العائلي والإجتماعي ومعرفته بمخططات الدولة الإيرانية الهادفة إلى طمس الوجود الأحوازي، يقاوم هذا الأحوازي الأعزل مخططات الإحتلال كالفيضانات الحالية التي بهندسة الدوائر الحكومية العسكرية والأمنية تجتاح بيته أوحقله بدلاً أن تصب في المستنقعات الطبيعية مثل هور العظيم وهور الفلاحية والخليج العربي وغيرها من أماكن.

جوبهت مخططات الاحتلال من قبل الأحوازيين بشكل وأخر كما أسلفت، وتقارنت الأيقونات المعرفية لدى الأحوازي مع خطوات عملية حميدة كـ؛ شعور الأحوازي بمسؤوليته أمام وطنه والأجيال الأتية، وعدم تماشيه مع مخططات الإحتلال، والكشف عن إجرام قوات الحرس الثوري ومن جهة أخرى المحاولات الوطنية المحمودة في دعم المتضررين لوجستياً من قبل أبناء الشعب الأحوازي، تقارنت كي تصنع ملحمة شعبية في مواجهة سلطات النظام الفارسي الفاشي الذي حين وقف الناس أمام مخططاته في ضخ مياه الفيضانات في القرى العربية أطلق حرسه الثوري الرصاص الحي على المعترضين وسقط في حينها المواطن عبود الجليزي شهيداً للدفاع عن كيان بلاده، كما جرح عدد اخر. 

تاريخياً، الفيضانات التي حدثت أثناء الستينات من القرن الماضي کان میزان المياه ثلاثة أضعاف المياه التي غمرت المنطقة خلال هذا العام ولكن الفرق بين الماضي والحال أن في عام 1963 مثلاً كانت المياه أخذت مسيرها الطبيعي أي الأنهر ونزلت إلى هور العظيم وهور الفلاحية وأهوار المالح وشاوور والخليج وضخت روح الحياة في المنطقة بعد ما تسببت بخسائر بسيطة حسب خبراء البيئية.

ولكن اليوم يتعمد نظام طهران كي عبر هندسة دقيقة يمنع المياه من الوصول إلى هور العظيم والفلاحية والخليج كي يغمر المناطق العربية بمدنها وقراها ومزارعها ويجبر الناس على النزوح بجانب دعاية حكومية إلى نقل المتضررين وإسكانهم في اقاليم فارسية تبعد عن الأحواز الاف الكيلومترات، في محاولة مكشوفة بغية تغيير الواقع الاجتماعي للأحواز ودمج العرب في المجتمع الفارسي.

ونرى في نفس هذه الأيام ان المدن الفارسية في محافظة أصفهان التي خلال السنوات الماضية  كان نظام طهران يخصص لها النسبة الأكبر من مياه الأحواز عبر أنفاق عديدة وتسببت بجفاف دمر البيئة وخلقت مشاكل اجتماعية واقتصادية وصحية للعرب أن اليوم تأخذ تلك المدن نسبة تناسب أنهارها ومستنقعاتها ولا يسمحون بحدوث فيضانات فيها، فيما جميع المزيد من المياه تم ضخه في القرى والمزارع في المناطق العربية كي يتم تدميرها.

هذا الحدث بحد ذاته وكينونة الدولة الفارسية الحديثة منذ أولى أيام تأسيسها في عشرينيات القرن الماضي التي أسست كيانها على أساس مجابهة الشعوب غير الفارسية وعلى وجه الخصوص مجابهتها شعب الأحواز كانت سبب رئيس في تعميق فجوى إنعدام الثقة بين الأحوازي والدولة الإيرانية وماتزال الفجوى بيننا وبين إيران عميقة وتتعمق يوماً بعد يوم حيث أخر ما شهدناه خلال هذه الأيام هو التحايل الحكومي الأمني الإيراني ضد شعبنا في كيفية إدارة أزمة الفيضانات والعمل على تهجير العرب والمحافظة على المدن الفارسية وقراها وممتلكات الفرس والتضحية بالعرب ومالديهم لصالح القومية الحاكمة.

وبالمقابل يكفي أن اليوم نرى كل مواطن أحوازي أنه يعمل على إستبدال التهديد الايراني بالفرصة لخلق ملحمة وطنية يعبر من خلالها ليس من أزمة الفيضانات والكوارث الطبيعية فحسب وأنما يعبر بقضيته العادلة لتحقيق كافة طموحه السياسي وإدارة شؤونه بعيداً عن وصايا الدولة الفارسية التي تكن له كل البغضاء.

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت