<< المحللون: استقالة "ظريف" تعبير عن فشل النظام الإيراني في تحقيق وعوده للشعب بعد 40 عاماً من الثورة
<< "الجبوري": هناك تكتلات وأقطاب ومحاور تشبه عصابات المافيا.. والأوضاع تجري من ماهو سئ إلى أسوأ
تعيش إيران هذه الأيام على شفا بركان، خاصة مع تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، التي طغى فيها الملالي، وأكثروا فيها الفساد، فباتت الشعوب الإيرانية على مؤكد مع التغيير هذه المرة، خاصة بعد بدأت طهران تشعر بعزلتها الإقليمية والدولية، وبدأت شرارة التغيير تفعل فعلها في أوساط المجتمعات الإيرانية كافة.
ومؤخرا، حذر الأكاديمي الإيراني صادق زيباكلام، الأستاذ في جامعة طهران، من تكرار أحداث عام 2018 في إيران، لكونها عكست تذمراً واسع النطاق بين كافة الشعوب الإيرانية من تردى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بين جميع شرائح المجتمع، واصفاً إياها بأنها "نار تحت الرماد".
وحذر "زيباكلام" من أن تصاعد العقوبات الأمريكية على إيران، سيجعل الأمر صعباً على طهران في العام المقبل، وقد يؤدي ذلك لخروج احتجاجات جديدة على غرار ما حدث العام الماضي، مؤكدا أن "لا يمكن التنبؤ بما سيحدث لاحقاً، فقد شاهدنا خلال احتجاجات العام الماضي أن شريحة الشباب، إضافة إلى المطالبات السياسية التي رفعت خلال احتجاجات 2009، وكانت لهم مطالبات تتعلق بأوضاعهم المعيشية والاقتصادية المتردية والإحباط الذي أصابهم من جراء ذلك. ولو لم يجرِ معالجة المشاكل وإيجاد الحلول لها لا يستبعد أن نشهد احتجاجات جديدة على غرار ما حدث في مطلع العام المنصرم.
ويتوقع المراقبون السياسيون، وحتى المسؤولون الإيرانيون أنفسهم، احتمال تكرار أحداث العام الماضي التي شهدت احتجاجات شعبية عارمة في كل أنحاء إيران، إذ حذر حسام الدين آشنا، مستشار الرئيس حسن روحاني، من احتمال تجدد الاحتجاجات، لأن "أسباب حدوثها لا تزال قائمة في الواقع الإيراني".
وفي إطار الصراع العلني على قمة السلطة، كنتيجة طبيعية لتفاقم الأوضاع، قدمت مجموعة من نواب الكتلة "الولائية" التابعة للمرشد علي خامنئي، ب مشروع لسحب الثقة عن الرئيس الإيراني مؤخرا مشروع قرار لاستجواب "روحاني" أمام البرلمان بهدف سحب الثقة منه وعزله في نهاية المطاف.
وشمل مشروع القرار مطالبة النواب بسحب الثقة عن "روحاني" بسبب 14 فقرة من المخالفات الدستورية والقانونية، منها "سوء إدارة الأزمة الاقتصادية والفشل في مكافحة البطالة، ومراقبة سوق الصرف الأجنبي والإضرار بالمصالح الوطنية وفشل التحكم في أسعار السلع الأساسية".
وتتزايد الضغوط على حكومة روحاني في ظل تفاقم الأزمة المعيشية عقب انهيار سعر العملة المحلية الريال، حيث أعلن مسؤولون أن القدرة الشرائية للعمال انخفضت بنسبة أكثر من 90% خلال الأشهر الستة الماضية. كما ارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية، أكثر من 100٪ وفقا للأرقام الرسمية ما أدى إلى تجدد الاحتجاجات والإضرابات العمالية.
ويرى المحللون أن الاستقالة التي تقدم وزير الخارجية جواد ظريف من منصبه، مؤخرا، ما هي إلا تعبير عن فشل النظام الإيراني في تحقيق وعوده للشعب بعد نحو 40 عاماً من الثورة الإيرانية في عام 1979؛ خاصة وأن نصف الشعب الإيراني تقريباً يعيش تحت خط الفقر.
وترى الكاتبة منى الجبوري أن الضجة التي أثارتها الإستقالة المفاجئة لجواد ظريف، لم تكن مجرد زوبعة في فنجان، بل إنها جاءت لتعطي صورة معبرة عما يجري في داخل إيران بعد 40 عاما على قيام النظام الديني، خصوصا وإنها أتت في فترة تواجه فيها طهران أوضاعا استثنائية تكاد أن تكتم على أنفاسها".
الاستقالة التي تقدم بها "ظريف" تتزامن مع تصاعد الصراع بين الجناحين الرئيسيين في طهران، وهما المتشددون والإصلاحيون، خصوصا وإن هناك حالة تراجع غير مسبوقة على كافة الأصعدة وتزايد الأخطار والتهديدات المحدقة بالنظام ككل. ولأن هناك رفضا شعبيا متصاعدا ضد أداء النظام بصورة عامة، ولاسيما في المجال الاقتصادي، فإن كل جناح يسعى لإلقاء تبعات وآثار ونتائج ماقد آلت إليه الامور على عاتق الآخر. ويبدو إن إستقالة ظريف قد عكست ذلك بوضوح، خصوصا عندما لفت الأنظار إلى الضغوط والتدخلات التي يمارسها الجناح الآخر في مجال نشاط وزارته، وهو ما يعكس حالة من التخبط والفوضى في إدارة الأمور ولاسيما إذا ماعلمنا بأن الأمور المرتبطة بالمجال الاقتصادي تسير بنفس السياق، ولذلك فإن الأرضية المناسبة والمناخ الملائم لكي يكون للفساد سطوته ودوره، متوفرة على أفضل ما يكون حتى يمكن القول بأنه قد صارت هناك تكتلات وأقطاب ومحاور تشبه عصابات المافيا، ولذلك فإن الأوضاع في إيران تجري من ماهو سئ إلى أسوأ.
من جانبه، يقول الكاتب الدكتور أحمد الصياد إن "التحليلات المُغرقة في عمق صراع الأجنحة الإيرانية تمتد إلي حد استشراف مصير أسود قد يتعرض له الرئيس الإيراني روحاني نفسه، وهو الرجل الوسطي الذي اختار "ظريف" عند توليه الرئاسة في أغسطس 2013، ورأي فيه وجهاً باسماً يواجه به الغرب بعيداً عن عبوس الأجنحة المتشددة في بلاده. ويتوقع المراقبون أن تشهد الفترة القادمة "تقزم إيران"، إلى مجرد دولة لها حساباتها في منطقة، وليس لاعبا رئيسيا، خاصة أنه من المتوقع تغير تركيبة الحكم باختفاء نظام "ولاية الفقيه"، عاجلا أو آجلا.