الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

كيف تحول العراق من مصدر ثروات لمستنقع فقر ومليشيات... البصرة نموذجا

صحافة - | Wed, Jul 6, 2016 12:34 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

"نحن أمة تداس"، هكذا لخص أبو كرار، الصياد البصري، واقع حياته في ظل تغول الجارة إيران على الصيادين العراقيين، وأيضاً المنع المتكرر لهم من قبل البحرية الكويتية، الأمر الذي يجعل من حياتهم تزداد صعوبة بحثاً عن الرزق، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية التي رصدت حالة المدينة النفطية، مشيرة إلى أن البصرة تعاني من الفساد وانتشار المليشيات.

وتضيف الغارديان: "ثلاثة عشر عاماً مرت على الإطاحة بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والبلد ما يزال يعاني من الحروب والفساد بسبب حالة التردي السياسي للطبقة الحاكمة، ولعل البصرة صورة صادمة لما وصل إليه العراق من تردٍ".

الصدمة واضحة في هذه المدينة الجنوبية التي تحولت إلى مستنقعات من القمامة، فبعد ستة أعوام من سيطرة القوات البريطانية على المدينة عقب الغزو الأمريكي في عام 2003، باتت المدينة اليوم تعيش واقعاً مؤلماً بسبب غياب الخدمات وانتشار الفساد والقمامة، فضلاً عن سيطرة الأحزاب والمليشيات على كل مفاصل الدولة في المدينة.

يقول أبو كرار (52 عاماً): "حاربت في أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وعملت مدرساً وتركتها وعملت في بيع الفاكهة والآن أعمل صياداً، لم يمر علي مثل هذا الوضع الذي نعيشه منذ 2003".

وصول البريطانيين إلى المدينة عقب 2003، كما يقول أبو كرار، جلب بعض الأمل "عندما شاهدنا الدبابات البريطانية تعبر قالوا لنا إن الحياة ستكون جميلة، والأمور ستتغير، غير أننا لم نحصل إلا على الفوضى، لم نحصل على شيء" قالها بيأس.

اعتباراً من العام 2010 بدأت الفنادق ووكالات السفر والمطاعم والمقاهي تنتشر في البصرة، كما أصبحت المدينة مركز جذب لشركات النفط العالمية، وقد أثمر ذلك بعضاً من المرافق الحديثة مثل المركز التجاري "البصرة تايمز سكوير"، فضلاً عن صالات عرض السيارات الفارهة و"الماركات" العالمية التي انتشرت بالمدينة.

رافق هذه الطفرة ارتفاع غير مسبوق في أسعار العقارات وصلت إلى أرقام تفوق مثيلاتها في دبي أو بيروت، بل وصل الأمر إلى أن تكون الورود الطازجة موجودة على موائد مسؤولين بصريين وقد وصلت للتو من هولندا.

مظاهر يقول عنها أبو كرار إنه يمكن أن يشاهدها في البصرة، إلا أنه لا يمكن له أن يلمسها على واقعه وواقع غيره من البصريين.

خلف هذه المظاهر المترفة والبراقة تكمن مدينة أخرى، تعيش واقعاً مغايراً، حيث تتدفق مياه الصرف الصحي الخام إلى قنوات البصرة التاريخية، وبعضها مليء بالمستنقعات والمياه الآسنة وعلب البلاستيك والنفايات.

وائل عبد اللطيف، القاضي ومحافظ البصرة السابق، قال للغارديان إنه عمل جنباً إلى جنب مع البريطانيين من أجل النهوض بالمدينة، وقد نظمت المدينة أول انتخابات محلية، كما تم عقد لقاءات مع شيوخ العشائر والاطلاع على احتياجاتهم، حتى "إننا تمكنا من بناء جسر بشهر واحد"، بحسب عبد اللطيف.

إلا أن هذا النجاح كان له أعداء كثر، كما يقول عبد اللطيف، متابعاً: "عملت إيران والأحزاب الإسلامية على إفشال التجربة، لقد عملوا ضدنا منذ اليوم الأول؛ كنت كلما أنوي إقامة مشروع كبير واستراتيجي بالمدينة تقف الأحزاب الإسلامية ضدي. كانوا يسيطرون على مجلس المحافظة".

أبو هاشم، عراقي كان يعيش في إيران، ويعتبر واحداً من أرفع المسؤولين الأمنيين في البصرة، قال لصحيفة الغارديان دون الإشارة إلى اسمه الصريح، إنه كان يعمل لدى المخابرات الإيرانية طيلة عقدين من الزمن.

ويتابع: "كنا من أوائل من ذهبوا إلى البصرة عقب الغزو، لم يكن لدينا أي تصور عن المدينة، أقنعنا الإيرانيون بأننا ذاهبون لمحاربة الشيطان الأكبر (أمريكا) وبريطانيا، كان الوضع مرتبكاً، غير أن ما حصل أننا لم نقاتل لا أمريكا ولا بريطانيا، وعندما جادلنا بعض المسؤولين بضرورة إصدار فتوى لمقاتلة القوات الغازية، قالوا علينا أن ننتظر ونرى، في الواقع كنا أداة للتمهيد لعودة المعارضة الشيعية إلى البصرة".

البصرة حيث تتمركز أغلب موارد العراق النفطية، أصبحت اليوم ساحة صراع بين مليشيات مختلفة؛ فبين تيارات إسلامية شيعية تسيطر على مقدرات المدينة، ينمو تيار راديكالي أكثر تطرفاً ينتمي إلى رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، تيار بأغلبيته من فقراء المدينة.

المليشيات التابعة للأحزاب الإسلامية تسيطر على أغلب مفاصل المدينة وهي من تتحكم بها، فضلاً عن وقوفها وراء عمليات التهريب، وهذه المليشيات متشابكة مع قبائل نافذة بالبصرة وأيضاً عصابات تهريب، حيث يمكن الإشارة إلى وجود نحو 62 رصيفاً عائماً لتهريب النفط.

يشرح أبو إسلام، أحد العراقيين الذين عادوا من إيران عقب الغزو الأمريكي، والذي يعمل حالياً بمنصب أمني رفيع بالمحافظة، وجهة نظر الإيرانيين قائلاً: "مثلهم مثل أي دولة أخرى، لم تكن تريد لتجربة أمريكا بالعراق أن تنجح، لقد سمحت إيران لتنظيم القاعدة بالدخول إلى العراق، كما شكلت مجاميع خاصة لاستهداف البريطانيين والمصالح الأمريكية".

كما في كل بلد يعاني الفساد فإن الثروة الطائلة التي تتمتع بها البصرة لا ينالها أبناء المدينة، بل خلقت طبقة أرستقراطية جديدة تدير شؤون المدينة وتتقاسم المشاريع، وهم من يعبر عنهم هنا بالبصرة، بأنهم أعضاء مجلس المدينة ممثلي الأحزاب الشيعية، والتي لكل منها مليشيات استغلت ضعف الدولة، وباتت اليوم تمثل مراكز قوى أكبر منها.

المصدر| الخليج أون لاين

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت