المبحث الثاني
الأديان « المجوسية»
لما يكون التحريف قد نال من الكتب السماوية، فمن الأولى أن ينال من الديانات الوضعية، التي ستغدو قابلة للتعديل بحسب الحاجة. ولعل أعجب ما في الأمر، أن الأديان « المجوسية»، على اختلافها، اخترقت الكتب السماوية والأديان الوضعية على السواء، فأثرت بها وتأثرت. ينطبق هذا التفاعل المتبادل على « الهندوسية» و« البوذية» مثلما ينطبق على « اليهودية» و« النصرانية». ولا ريب أن محاولات اختراقها للإسلام، عبر « الإمامية» وإجمالي الفرق الشيعية الباطنية، مثَّل مدخلا ملائما للطعن فيه. لكن، وبخلاف كافة الكتب السماوية والوضعية، بقي القرآن الكريم بمنآى عن أية محاولة للتحريف. وإذا كانت « النصرانية» قد زعمت أن الإسلام أخذ عن « الزرادشتية» و« المانوية» ومصادر شتى، فإن « الإمامية» زعمت وأنكرت وأحدثت في الدين، ما لم تجرؤ أية ديانة أخرى على الإتيان به.
اقرأ أيضاً| المربط الصفوي| مقاربات عقدية وسوسيولوجية وسياسية وتاريخية (1)
في بحث قديم له بعنوان: « البشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السماوية السابقة»، يقول الشيخ د. عبد المجيد الزنداني أن للأديان الوضعية جذر سماوي جرى تحريفه مع طول الزمن. وتحولت، تبعا لذلك، من دين سماوي إلى دين وضعي. وهذا يعني وجوب التسليم بأن الدين السماوي لا يندثر كليةً بقدر ما يجري تحريفه. وهي مسلمة أكدها القرآن الكريم بأكثر من آية صريحة، تحدثت عن التحريف. لذا؛ فمهما بلغت نسبة التحريف، فإن بعض الطقوس والعبادات وعظائم خلق الله والرسالات ووسائل إيصالها، ظلت متواجدة بين البشر، عبر الكتب السماوية، أو الأديان الوضعية على السواء، كالإله، والأسماء والصفات، والآلهة والرب والأرباب، والشيطان والملاك والوحي، والبشر والحجر والشجر والبقر، والليل والنهار، والنور والظلام، والسماء والأرض، والشمس والقمر والنجوم، والكفر والإيمان، والخير والشر، والحق والباطل، والحلال والحرام، والهداية والضلال، والصلاة والصوم والزكاة والحج …
كل هذه المفردات وغيرها موجودة، لكنها، بفعل التحريف، لم تبق في سياقاتها الربانية التي نزلت فيها. لذا من الطبيعي أن تتواجد في القرآن الكريم باعتبارها من الآيات التي احتوتها الكتب السماوية، والتي مثلت، على امتداد تاريخ رسالة التوحيد، دلالات يقينية على وجود الله وعظمته منذ بدء الخلق، وعلامات للتفكر البشري في خلق الله، والاهتداء إليه عز وجل. لذا فإن هذا التواجد لا يعني أن الرسول r هو من نقلها عن الأديان السابقة، كما تدعي قوى الإلحاد و« النصرانية» و« اليهودية».
فالحقيقة الإسلامية التي لا تقبل الجدل أن كل الأنبياء والرسل اختارهم الله لتبليغ رسالة واحدة هي التوحيد. أما الإسلام، بالمقارنة مع ما سبقه، فهو الدين الذي به ختم الله، عز وجل، رسالته، من عهد آدم إلى عهد محمد r. والله سبحانه وتعالى هو الذي تكفل بحفظ الدين. أما عظمة الرسول فتكمن في أنه آخر من اختاره الله من خلقه، وآخر من استؤمن على كلامه في الأرض. ومن حكمة الله عز وجل، في إعجاز الطاعنين في دينه ونبيه، أنه اختار رجلا أميا، فقيرا يرعى الغنم، لا يقرأ ولا يكتب، وليس له في العلم أو الأديان السابقة، أو الرسالات أو الفلسفات، ناقة ولا بعير[15].
وفي المحصلة؛ لما يقول الله عز وجل: ﴿ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾، ( آل عمران: 19)، فهذا يعني نسخا لكافة الكتب السماوية، وهداية لمن ضل الطريق، بفعل التحريفات التي وقعت بحق الكتب السماوية السابقة. إذ أن الإعجاز في القرآن الكريم يكمن في كونه (1) الكتاب الجامع الذي اشتمل على ما أراده الله في الكتب السماوية، وما بشر به الأنبياء والرسل منذ عهد آدم، حتى لو بلغ عدد الكتب السماوية الملايين، ومثلهم ممن اصطفاه الله من الأنبياء والرسل. وفي كونه (2) الكتاب الخالد إلى قيام الساعة، كما نزل من فوق سبع سموات، وفي كونه (3) الكتاب غير القابل للتحريف، وفي كونه (4) آخر الكتب السماوية، وفي كونه (5) الكتاب الأطول عمرا في الأرض، والذي لم تنل منه قوى التحريف ولا الحروب ولا الكوارث ولا تقادم الزمن، ولن تستطيع النيل منه ما بقيت السموات والأرض. بل أن أعجز ما في الإسلام، قرآنا وسنة نبوية، في (6) أن الرسول r كان يبلغ دين الله لكافة البشر، وكان الكثير من الصحابة يحفظون القرآن عن ظهر قلب، ويترقبون كل آية تنزل وكل حديث يدلي به الرسول. وهذه شهادة الله: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾، ( آل عمران: 81).
باختصار: لم يكن الإسلام خفيا ولا محتكرا لفئة دون أخرى. بل كل الأرض ومن عليها كانت شاهدة على نزول الدين. بل أن الكفار والخصوم، شهدوا نزوله، ولو رغبوا في كتابته والاحتفاظ بنسخة منه لفعلوا، لكنهم رفضوه. فمن بمقدوره تحريف الإسلام؟ وبالمقارنة؛ متى كتبت التوراة والتلمود؟ ومتى كتب الإنجيل؟ ومتى تغيرت لغته من الآرامية إلى اللغة الألمانية، ثم إلى باقي لغات العالم؟ وكم من القرون مرت حتى انتزع النصارى في شتى أنحاء العالم حق قراءة الإنجيل بلغاتهم؟ ومتى نجحوا في تجريد الكهنوت الكنيسي من احتكار النص المقدس؟
بالمقارنة أيضا؛ ماذا بقي من « الزرادشتية» إذا كان هناك من يختلف حتى على تاريخ ميلاد زرادشت؟ أهو في القرن العاشر؟ أو التاسع قبل الميلاد؟ أم في القرن السادس أو الخامس؟ وهل ستكون « المجوسية» أوفر حظا من « اليهودية» و« النصرانية»؟
وعلى فرض أن بوذا وزرادشت وماني وأمثالهم أنبياء، وجاؤوا بما جاء به محمد، r ، فما من أحد أثبت، أو يستطيع أن يثبت نبوة أحد من هؤلاء. وحتى لو توفرت بعض النصوص في الموسوعات والكتب الحديثة والأبحاث والدراسات، فهي ليست بأدنى دليل على نبوة أحد منهم. وهي، في أحسن أحوالها مجرد تخمينات وترجيحات واستقراءات واستنتاجات، لم تستند على كتب أصلية ولا تاريخية. ولو ثبتت مصداقيتها، لما اندثرت ديانات هؤلاء، وتحولت إلى مادة لدى الملاحدة والمشركين والكفار والخصوم للطعن في الإسلام.
ثمة تعليق، لمترجم كتاب جفري بارندر، على كتاب « الأفيستا» لزرادشت، يقول فيها: « ليس من المرجح أن يكون قد تم تدوينه قبل القرن الخامس الميلادي، وربما يرجع لما قبل الحقبة الزرادشتية، لكن جزءً من مادة هذا الكتاب يرجع إلى ما قبل هذا التاريخ بزمن طويل، وقد فقدت جميع نسخ الأفيستا بعد غزو الإسكندر لفارس عام 330 قبل الميلاد، وفقدت معها تفاسيره والمؤلفات التي كانت تشتمل على شيء من أجزائه، ثم بدأ ملوك فارس في القرن الأول الميلادي في تدوين ما بقي من حوافظ الناس من الأفيستا وأكملوا هذا العمل في القرن الثالث ثم القرن الخامس»[16]. ويقول باحث آخر: « كتاب الزرادشتيين المقدس الأفيستا ( = الأبستاق ( Avesta، لم يصل لنا منه إلا شذرات»[17]... هكذا؛ مجرد « حوافظ الناس أو « شذرات»!!!
أما عالم الآثار، والمؤرخ الإيراني، بوريبرار، فيحسم الأمر بأبلغ منطق علمي حين يقول: « يوجد لدينا في إيران عدد من النقوش على الصخور من عهد الإخمينيين والساسانيين، … لا يوجد في هذه النقوش أي كلام عن زرادشت وكتابه أفيستا … وعلى الذين يدعون بوجود زرادشت وكتابي أفيستا وزند، أن يقدموا وثائق تاريخية تثبت هذا الأمر. فهؤلاء الذين يدعون بوجود أديان أو حكمة في إيران القديمة أو أي شيء ثقافي أو حضاري قبل نشوء الإسلام، لم يقدموا أية وثيقة، ولا أية نقوش، صخرية، ولا حتى مسكوكة نقدية، حيث من دون هذه الوثائق يتحول الكلام في هذا المجال إلى أساطير».
هذه القراءات المحبطة للمجوس وكذا للباحثين عن التشكيك في الإسلام، تفسر إلى حد كبير تشابه الكتابات حول الديانات « المجوسية». فالمعلومات المتوفرة شحيحة للغاية. وتبعا لذلك فإن أغلب الكتابات تتميز بالعمومية المفرطة. وعليه فبالكاد يمكن معاينة الخطوط العريضة لأكبر الديانات الرئيسية التي شاعت في فارس وبابل قبل الميلاد وغداته.
« الزرادشتية»
ديانة فارسية ثنوية، أسسها زرادشت في القرن السادس قبل الميلاد*. وتقوم أساسا على فكرة الصراع بين الخير ممثلا بإله النور، « أهورا مزدا»، والشر ممثلا بإله الظلام أو الشيطان، « أهرامن». ويصلي أتباعها خمس صلوات، ويعتبرون النار والماء والأرض هي محور الأحداث بين الناس. ولهم كتاب موحى إلى زرادشت يسمى « الأبستاق» أو « الأفيستا»، وهي كلمة فارسية تعني الأصل أو المتن. وتتباين المصادر حول الزمن الذي ظهر فيه الكتاب، بل حول الزمن الذي ولد فيه زرادشت. فالبعض يقول بأن الكتاب لم يظهر قبل القرن الثالث الميلادي، والبعض يتحدث عن القرن الخامس. أي بعد نحو ألف عام من ظهور الديانة. والثابت أنه لم يبق منه ولا من شروحه إلا ما عثر عليه عالم الآثار الفرنسي دوبرن، أوائل القرن العشرين، وقام بنشره وترجمته. ويشتمل على خمسة أسفار لا تتعدى في جملتها ربع الأفستا الأصلي، والثلث في أحسن القراءات. أما الأسفار الخمسة فهي: (1) سفر أليسنا ومعناها العبادة، و (2) سفر ألوسبرو أو الفسبرد، و (3) اليشتان أي الترنيمات أو المزامير، و (4) الوانديداد أو الفانديداد أي القانون، و (5) الخودة أفستا. وللأفيستا شروح على تلك الشروح يطلق عليها اسم « الزَنْد» و « البازَنْد» و « الأياردة»[18].
رغم اقتناع كاشتاسب، الملك الخامس عشر لفارس، في ذلك الوقت، بدعوة زرادشت وتبنيه لها وتعميمها على البلاد، إلا أنها، وإنْ نمت في العهد الإخميني (–550 333 ق.م)، لكنها لم تحظ بصفة الديانة الرسمية، إلا في العهد الساساني، خلال القرن الثالث الميلادي، حيث ظهرت تفاسير « الأفيستا». ويتحدث علي شريعتي عن « الزرادشتية» بمنطق تطوري ابتدأت فيه كـ: « ديانة ضعيفة محدودة التداول .. لم يقف بوجهها الأنبياء ولا المتنبؤون ولم تشن عليه الحملات من قبل المدارس الدينية والفكرية والعقائدية آنذاك، ما أدى إلى أن تتغلغل في أوساط الناس بهدوء» … وبهذا النص تبدو « الزرادشتية» وكأنها « دين العامة» من الناس. لكنها ستتحول إلى « دين الخاصة»، من الملوك والزعامات الدينية والطبقات الحادة، التي ستهيمن قرونا على المجتمع والدولة. وفي هذا السياق يكمل شريعتي القول: « أما في العهد الساساني وبعد أن تحول دين زرادشت إلى دين رسمي للدولة وتسلق مراكز القرار وأصبحت العائلة المالكة تمارس بنفسها دور رجال الدين. وأمسى أولاد ساسان هم كهنة معبد استخر الكبير وصارت نهضتهم نهضة دينية ورسالتهم إحياء الديانة الزرادشتية. وهيمن الكهنة على أعلى مراكز القرار بحيث أصبح قرار السلطان بأيديهم ولا يمر إلا عبرهم …. وتألقت في عهدهم معابد النار وشبت ألسنة نيرانها إلى عباب السماء. وتشكلت في وقتهم أكبر إمبراطورية تقوم على أساس الدين. وقام كبير الكهنة بتتويج ملك الملوك الساسانيين بتخويل من الإله أهورا مزدا ليتسنى له فرض سيطرته على أكثر من نصف العالم المتمدن آنذاك». لكن، يتابع شريعتي،: « المثير للدهشة أن الزرادشتية انهارت وهي في أوج عظمتها وجبروتها. وخضعت للإسلام في حال كانت تمتلك أقوى العساكر والجيوش. وتعتبر واحدة من أكبر القوى العظمى أنذاك. والأعجب من ذلك كله أن الإسلام كان في ذلك الحين في أضعف حالاته وكان هو الأقل عددا وعدة وثروة واقتدارا»[19].
بدأت علاقة زرادشت بـ « اليهودية» في رحلة بحثه عن الخلاص. فقد كان على معرفة بالأديان السائدة في عصره. وتقول المصادر أن زرادشت « انتقل إلى فلسطين، واستمع إلى بعض أنبياء بني إسرائيل من تلاميذ النبي إرميا»، لكنه « رجع إلى أذربيجان، ولم تطمئن نفسه إلى اليهودية». ومع ذلك فما أنْ ثبتت « الزرادشتية» كديانة، حتى تركت بصماتها في كافة الأديان التي عاصرتها، سواء في الشرق أو في الغرب. وبحسب المصادر فقد: 》 كان للزرادشتية تأثير عميق على تطور اليهودية منذ الخروج وما بعده، إضافة إلى تطوير بعض المعتقدات حول مملكة الله والحساب الأخير، والقيامة وابن الإنسان وأمير العالم والمخلص والكلمة وموت يسوع.. وقد أدت الزرادشتية في الواقع دوراً رئيسياً على مسرح التاريخ الديني للعالم، فقد عرفت اليونان زرادشت واحترمته في عصر أفلاطون، وانتشرت عبادة «مترا» وأثارت الزرادشتية فكرة المخلص في الديانة البوذية في صورة «مترا بوذا»، كما أثرت في تطور الإيمان اليهودي والمسيحي وصبغته بصبغتها، كما كان للزرادشتية تأثير كبير في الطوائف الباطنية من قرامطة وغيرهم، واعترفت بها البهائية وادعت أنها عثرت في «الزندافستا» على بشارات بظهور الباب والبهاء《[20].
« المانوية»
بخلاف « الزرادشتية»؛ التي تحولت إلى دين الخاصة، فإن « المانوية» ديانة عمادها الزهد في ماديات الحياة وملذاتها. ولقربها من العامة، فقد لاقت رواجا وانتشارا، بلغ الهند وبلاد الغال والصين والتيبت وتركستان وسيبيريا وإيران حتى إيطاليا. وتبعا لذلك فقد شكلت التحدي الأخطر للزرادشتية، التي اعتبرت مؤسسها زنديقا. وتبعا لذلك فقد انتهى الأمر بصلبه وقتله على يد بهرام بن هرمز.
أسسها ماني، المولود لأب صابئي الديانة، ولأسرة إيرانية عريقة في ولاية ميسان ببابل سنة 215 أو 216 بعد نزول المسيح u. انطلق ماني في بداية دعوته، زمن الملك أردشير، من بابل نحو بلاد فارس وبلوشستان والهند. ولم تغب عنه ديانة إلا درسها، من « الزرادشتية» و« البوذية» و« الهندوسية»، إلى « اليهودية» و« النصرانية». لذا فإن ديانته هي خليط من كل الأديان السائدة أو المعروفة حتى ذلك الحين[21]. فقد اعتنق « النصرانية»، وشرع في بناء الكنائس، وادعى أنه « البارقليط»، الذي بشر به السيد المسيح u، وأخذ عنها عقيدة التثليث. لكنه لم يوفر ديانة أو فلسفة في طريقه، إلا ونهل منها. فأخذ عن « البوذية» عقيدة الحلول والاستنساخ، وعن « اليهودية» السرية والكتمان والتنظيم. أما « الزرادشتية» فهي جوهر ديانته.
فالإله عند ماني هو الخير والنور، فيما الشيطان هو الخطيئة والظلام. وللخطيئة ثلاث وسائل هي: (1) القلب « النية» و (2) الفم « الكلمة» و (3) اليد « الفعل». ومن وصاياه: « لا ترتكب الخطيئة, لا تنجب, لا تملك, لا تزرع ولا تحصد, لا تأكل لحماً ولا تشرب خمراً ». وللديانة طبقة كهنوتية منظمة، تنقسم إلى أربع مراتب هي: (1) الحواريون، وعددهم 12، و (2) الشماسون، وعددهم 72، و (3) العقلاء، وعددهم 360، و (4) الصديقون غير محدودي العدد، و (5) السماعون، وهم العامة من الناس، المكلفون فقط بالصلاة أربع مرات يوميا، والسجود 12 مرة في كل صلاة، وصوم شهر نيسان من كل عام, ودفع العشر والزكاة، وتقديم الغذاء للصديقين[22].
نسب آرثر كريستنسن، أحد أشهر المتخصصين في التاريخ الفارسي، أقوالا لماني في الكتاب المقدس للمانوية، المسمى « شابورغان»، يقول فيها: 》 إن الحكمة والأعمال هي التي لم تزل رسل الله تأتى بها في زمن دون زمن، فكان مجيئهم في بعض القرون على يدي الرسول الذي هو « البد» (بوذا) إلى بلاد الهند، وفى بعضها على يدي « زرادشت» إلى أرض فارس، وفى بعضها على يدي « عيسى» إلى أرض الغرب. ثم نزل هذا الوحي وجاءت هذه النبوة في هذا القرن الأخير على يديَّ أنا « ماني» رسول إله الحق إلى أرض بابل《. ولما كان يبشر بدينه في الهند، كان يردد: « إني جئت من بلاد بابل لأبلغ دعوتي للناس كافة»[23]. ويقول أيضا: « يبشَّر الأنبياء بأوامر الإله أحيانا من الهند بواسطة زردشت، والآن أرسلني الله لنشر دين الحق في بابل»، و « أرسلني الله نبيا من بابل حتى تصل دعوتي العالم أجمع»[24].
بقيت الإشارة إلى أن ماني بدا، إلى حد ما أشبه ما يكون بانتهازية بولس، وهو يتلون بحسب ما تهوى الأقوام التي يلتقيها. فلأن غايته أن تبلغ دعوته العالمية، فقد سجل كريستنسن ملاحظة بالغة الدقة، حين قال بأن ماني: « طابق بين مذهبه، بمهارة، وبين الآراء والمصطلحات الدينية عند مختلف الأمم»[25]. وهي ذات ملاحظة سليم مطر في « المانوية». أي أنه كان زرادشتي مع الزراديشتيين، في ثنوية إله الخير وإله الشر، ونصراني مع النصارى، و « بالذات الأفكار الثنوية للقديس السرياني بن ديصان الذي دعا إلى نوع من المسيحية الثنوية، بالإضافة إلى المعتقدات البابلية والسامية السائدة»، وبوذي مع البوذيين، حتى أنه « في آسيا والصين أطلق على نفسه لقب بوذا الحي»[26].
« المزدكية»
أسسها مزدك بن بامداد، في فارس عام 487، خلال عهد قباذ ابن فيروز الساساني (448-531م)، والد كسرى أنو شروان. ومع أنه بدأ دعوته كمؤمن بعقيدة ماني إلا أن فلاسفة اليوم، قرؤوا دعارة « المزدكية»، بمنطق العدالة الاجتماعية الماركسية، دون أن يأتوا على ذكر الإباحية اللينينية في عشرينات القرن الماضي! فاعتبروا مزدك أول من وضع بذور الاشتراكية، حين نادى بتقسيم الأرزاق بين الناس بالتساوي. في حين أن مزدك نادى بالإباحية، وجعل الناس شركاء فيها، كاشتراكهم في الماء، والنار، والكلأ. لكنه لم يلبث قليلا حتى قتل على يد خسرو أنوشيروان الذي أعاد الاعتبار لمذهب زرادشت في الحكم.
تقوم فلسفة « المزدكية» على افتراض يعكس بؤس الواقع الاجتماعي والسياسي السائد آنذاك، ويرى بأنه إذا
كانت النساء والأموال هي مصدر الشرور (الأخلاق الشيطانية) فإن إباحتها، وجعلها مشاعا بين الناس، ستؤدي بالضرورة إلى اختفاء الفساد والشرور. فالذين احتكروا الأموال، وفرضوا القيود على النساء، وتسببوا بحرمان الناس من الزواج، هم المسؤولون عن الظلم والفساد المستشري في البلاد. وإذا كانت نزعة التملك لدى الإنسان تدفعه للاستئثار بهذين المتغيرين، ( المال والمرأة)، فإن انتزاعهما منه ستؤدي إلى تحريره من الذاتية، والاندراج في الجماعة، وبالتالي قهر الشيطان. ومن جهة أخرى ترى « المزدكية» أن العاديين من الناس لا يستطيعون التخلص من اللذات المادية إلا في اللحظة التي يستطيعون فيها إشباع هذه الحاجات طوعا. فلتكن هذه الحاجات إذن مشاعا عاما ينتفع منه الجميع.
يقول الشهرستاني في « المزدكية» أن مزدك: « أحل النساء وأباح الأموال وجعل الناس شركة فيها كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ»[27]. ومن الطبيعي أن ينظر البعض إلى أن أول من سيرحب بمثل هذه الدعوة هم الغوغاء الذين عانوا الفساد والظلم والحرمان وكذلك الأغنياء والمترفين من طبقات الحكم وحتى الملوك. لذا كان من المثير أن تزيح « المزدكية» « الزرادشتية» عن عرشها، وتغدو الدين الرسمي للدولة الساسانية! ولا شك أن هذه الحظوة تمثل أبلغ دلالة على الفوضى العارمة التي ضربت الدولة من رأسها حتى أخمص قدميها، حيث تسود الرذائل والشهوات، وتسمو على كل فضيلة وقيمة أخلاقية. فما الذي يمكن توقعه في مثل هذه الحال الذي تصبح عليه الأمم؟
يجيب الطبري واصفا المشهد: « افترص السفلة ذلك، واغتنموا مزدك وأصحابه وشايعوهم، فابتلي الناس بهم، وقوي أمرهم، حتى كانوا يدخلون على الرجل في داره، فيغلبونه على منزله ونسائه وأمواله، لا يستطيع الامتناع منهم، وحملوا على تزيين ذلك، وتوعدوه بخلعه، فلم يلبثوا إلا قليلاً، حتى صاروا لا يعرف الرجل ولده، ولا المولود أباه، ولا يملك الرجل شيئا مما يتسع به»[28].
لم تنته « المزدكية» بعد القضاء عليها. فقد انزوت، وغدت تعمل تحت الأرض. وما لبث أن خرجت منها فرق عديدة، خاصة حلال الحكم العباسي. ولعل من أبرز مخلفاتها المدمرة كانت فرقة « الخرمية» التي أخذت تتوسع، حتى أتعبت الخليفة المأمون، فقضى وهو يوصي بالقضاء عليها، مهما كلف الأمر، وكذا فرق « الخرمدينية» و « المحمرة» و « المبيضة» وحتى فرق « القرامطة» و « الحشاشين». وهذه الأخيرة تكاد تكون نسخة أشد سوء من « المزدكية» في موضوع الإباحية.
بعض المقارنات مع « الإمامية»
للإمامية طبقة إكليروس تسمى « المرجعية الدينية»، كما لـ « الزرادشتية» و« المانوية» و « اليهودية» و« النصرانية»، وعلى العامة واجب الطاعة لها. وحيثما قلبنا الأمر فلن نجد في المصنفات « الإمامية» والفتاوى والمرئيات والمسموعات والخطب والوعظ والإرشاد، قال الله، وقال الرسول، بقدر ما تواجهنا عبارات من قبيل قال: « الإمام الأكبر»، و « الإمام الأعظم»، و « القائم»، و « الغائب»، و « الحجة»، و« الوصي»، و « الآية العظمى»، …. بالإضافة إلى دعوات من نوع: « قُدس سره»، و «عجل الله فرجه»، و « عليه السلام»، و « جعلت فداه»، …. . ومن الواضح أن الدين، في مثل هذه الحالة، يؤخذ من القائمين على الكهنوت، ومرجعياتهم واجتهاداتهم وتأويلاتهم وتفسيراتهم، وليس من الكتاب الذي يزعمون أنه محرف إلا بما يوافق هواهم، ولا من السنة، التي لا يعترفون بها أصلا.
للإمامية مذهب يقوم على الرقم 12. به الماضي والحاضر والمستقبل. وهو يتعلق فقط باثني عشر فردا من بين 27، من ذرية علي بن أبي طالب البالغة من الذكور. وليس له أي أصل في القرآن إلا في آية السقاية التي وردت بحق بني إسرائيل في قوله تعالى: ﴿ وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَالْحَجَرَ ۖ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ﴾، (البقرة: ٦٠)، وفي رؤيا النبي يوسف u: ﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجدين﴾، (يوسف: 4). ومن الواضح أنه لا علاقة لهما من قريب أو من بعيد بالأئمة الاثنى عشر. لكن الرقم في « اليهودية» يتعلق بالأسباط الاثني عشر، وفي « النصرانية» بالحواريين الاثنى عشر، وفي « الزرادشتية» باثني عشر سائحا، جاؤوا إلى فلسطين لرؤية مولد الطفل يسوع، وكذلك 12000 جلد ثور دُبغت، وكُتب عليها كتاب « الأفيستا»، وفي الكون الذي خُلق قبل 12000 سنة. أما في « المانوية» فثمة حديث عن 12 حواري في الطبقة الكهنوتية، بعث بهم ماني إلى جميع البقاع للتبشير بدعوته، و12 سجودا في كل صلاة.
« الإمامية» تبيح زواج المتعة كما « اليهودية»، بل تحرض عليه ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، وتجيز التمتع بالفتاة إذا تجاوزت العشر سنوات، وحتى التمتع بالرضيعة مفاخذة كما يُروى عن الخميني. وأكثر من ذلك يشيع بين أتبعاها نكاح الذكور، وهو ما لم تبحه « المزدكية» التي جعلت من الجنس مشاعا اجتماعيا. وينسب فتح الله الكاشاني في منهج الصادقين (ص356) لجعفر الصادق قوله: « إن المتعة من ديني ودين آبائي، فالذي يعمل بها يعمل بديننا, والذي ينكرها ينكر ديننا بل إنه يدين بغير ديننا، وولد المتعة أفضل من ولد الزوجة الدائمة، ومنكر المتعة كافر مرتد». لكن الثابت أن الجنس في الأديان الفارسية ظل أحد الثوابت، منذ عهد زرادشت و« الزرادشتية»، التي كانت تبيح زواج الابن لأمه، والأب لابنته، والأخ لأخته. ومن جهتها؛ تتحدث د. شهلا حائري، حفيدة المرجع الديني الإيراني، آية الله حائري، عن وجود شكل من أشكال الزواج المؤقت عند الإيرانيين قبل الإسلام، مشيرة إلى أنه: « عند الزرادشتيين يحق للزوج أو رب العائلة إعطاء زوجته أو ابنته من خلال إجراءات رسمية رداً على طلب رسمي إلى أي رجل من قومه يطلبها كزوجة مؤقتة لفترة محددة. وفي هذه الحالة تبقى المرأة زوجة دائمة لزوجها الأصلي وفي الوقت نفسه تصبح زوجة مؤقتة لرجل آخر. وأي طفل يولد خلال فترة الزواج المؤقـت يعود إلى الزوج الدائم أو لوالد المرأة وفقاً للحالة»[29].
نقلت « الإمامية» عقيدة التثليث عن « النصرانية»، كما سبق ونقلتها « المانوية» عنها. فـ « النصرانية» تقول باسم « الأب والابن والروح القدس»، و« المانوية» تقول بـ « العظيم الأول والرجل القديم وأم الحياة»، و« الإمامية» تقول بولاية علي بن أبي طاب، وتثلثها بالأذان في عبارة تقول « أشهد أن عليا بالحق ولي الله». وهي العبارة التي نقلها الصفويون عن فرقة شيعية غالية تدعى بـ « المفوضة»[30]، ومن قبلهم الدولة العبيدية، التي وضعت عبارة « حي على خير العمل».
تؤمن « الزرادشتية» بالزكاة لكنها تقر العُشر، وهو ما تؤمن به أيضا « المانوية»، والتي تطالب طبقة « السماعون» ( عامة الناس) بتقديم الغذاء لـ « الصديقين». وأما « الإمامية» فتجمع الخمس للإمام و « آل البيت».
تؤمن « الإمامية» بعقيدة « الرجعة»، كما تؤمن بها « اليهودية» و« النصرانية» و« المانوية»، التي يعتقد أتباعها أن ماني صعد إلى السماء ولم يمت، وأنه سيعود.
تؤمن « الإمامية» بأن الأئمة يعلمون الغيب، وهو ما يقول به التلمود البابلي عن الحاخامية « اليهودية». بل إن الأئمة يعلمون متى سيموتون.
تؤمن « الإمامية» بتناسخ الأرواح، كما « المجوسية» « البوذية»، وترقية الأئمة إلى مستوى الألوهية، بل وادعاء الألوهية، كما في « السبئية» و« الدرزية» و« النصيرية».
تعقد « الإمامية» الإيمان والكفر، ودخول الجنة والنار، والشفاعة والخلاص، على رضى آل البيت وحبهم. وهي عقيدة « اليهودية» في « شعب الله المختار».
تؤمن « الإمامية» بـ « التقية»، وتعتبرها « تسعة أعشار الدين»، وتنفي الإيمان عمن لا تقية له. وقد أخذتها عن « اليهودية» التي تؤمن بالسرية والكتمان والتنظيم. أما القيمة العقدية لها، فلا تكمن في الكذب فحسب، بل في هوية الدين ذاته. وهو ما عبر عنه « الكافي – 2/222»، في رواية له عن الإمام جعفر، حين قال لأحد أعوانه: « يا سليمان، إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله».
شابهت « الإمامية المجوسية»، برفعها شعارات « يا لثارات الحسين»، تأسيا بشعارات المجوس « يا لثارات كسرى»، بعد الفتح الإسلامي لفارس. كما تحتفل « الإمامية» الفارسية بأعياد النيروز الفارسية، وتقدمها على احتفالاتها السنوية بذكرى عاشوراء. وتعتمد التقويم الفارسي. بل وفي العقائد ما هو أعجب من ذلك. إذ ينسب المجلسي في بحار الأنوار (14/41) رواية عن علي ابن أبي طالب يقول فيها: « إن النار محرمة على كسرى»!
تقول « الإمامية» بعدم وجود الجهاد قبل ظهور « الإمام الغائب»، وكذا يغيب الجهاد عن « الزرادشتية» و« المانوية» و« المزدكية». لكنها لا تمتنع عن الفتن والقتل وسفك الدماء باسم الدفاع عن المذهب وآل البيت أو المراقد المزعومة حيثما تجري صناعتها.
تقيم « الإمامية» طقوس استشهاد الحسين بن علي بن أبي طالب، بمراسيم مشابهة لطقوس « المانوية»، في حادثة صلب ماني وقتله، فضلا عن طقوس الكنيسة، في صلب المسيح u.
يتحدث علي شريعتي عن طقوس شيعية قادمة من الكنيسة، وحتى عن تماثل في بناء الحسينيات، وزينتها ووظائفها. وعن تشابهات في طقوس التطبير واللطم والضرب بالزناجير، تماثل ما لدى الكنيسة « النصرانية»، والطقوس « البوذية». ويقول: « ذهب وزير الشعائر الحسينية إلى أوروبا الشرقية وكانت تربطها بالدولة الصفوية روابط حميمة يكتنفها الغموض، وأجرى هناك تحقيقات ودراسات واسعة حول المراسم الدينية والطقوس المذهبية والمحافل الاجتماعية المسيحية وأساليب إحياء ذكرى شهداء المسيحية والوسائل المتبعة في ذلك حتى أنماط الديكورات التي كانت تزين بها الكنائس في تلك المناسبات، واقتبس تلك المراسيم والطقوس وجاء بها إلى إيران حيث استعان ببعض الملالي لإجراء بعض التعديلات عليها لكي يصلح استخدامها في المناسبات الشيعية، وبما ينسجم مع الأعراف والتقاليد الوطنية المذهبية في إيران، ما أدى بالتالي إلى ظهور موجة جديدة من الطقوس والمراسم المذهبية لم يعهد لها سابقة في الفلكلور الشعبي الإيراني، ولا في الشعائر الدينية الإسلامية. ومن بين تلك المراسيم النعش الرمزي والضرب بالزنجيل والأقفال والتطبير واستخدام الآلات الموسيقية وأطوار جديدة في قراءة المجالس الحسينية جماعة وفرادى، وهي مظاهر مستوردة من المسيحية بحيث يستطيع كل إنسان مطلع على تلك المراسيم أن يشخّص أن هذه ليست سوى نسخة من تلك».
أما عن النوائح وما يرافقها من شعائر فيتابع القول: « أما النوائح التي تؤدى بشكل جماعي فهي تجسيد دقيق لمراسيم مشابهة تؤدى في الكنائس ويطلق عليها اسم (كر) كما أن الستائر ذات اللون الأسود التي توشح بها أبواب وأعمدة المساجد والتكايا والحسينيات وغالباً ما تطرز بأشعار جودي ومحتشم الكاشاني هي مرآة عاكسة بالضبط لستائر الكنيسة، مضافاً إلى مراسيم التمثيل لوقائع وشخصيات كربلاء وغيرها، حيث تحاكي مظاهر مماثلة تقام في الكنائس أيضاً. وكذلك عملية تصوير الأشخاص رغم كراهة ذلك في مذهبنا، حتى هالة النور التي توضع على رأس صور الأئمة وأهل البيت هي مظهر مقتبس أيضاً،
وربما امتدت جذوره إلى طقوس موروثة عن قصص أيزد ويزدان وغيرها من المعتقدات الزرادشتية في إيران القديمة»[31].
ويتحدث سليم مطر، من جهته، عما يراه « التشابه الأهم من ذلك بين الشيعة والمانوية», والذي يتعلق باختيار مدينة الحلة ثم النجف, لتكون المنطقة المقدسة، ومقر الحوزة العلمية، ومركز الشيعة في العالم. وفي المقابل اختار المانويون، وقبلهم أهل الرافدين، بابل لتكون المركز المقدس لديانة أسلافهم. أما وجه الأهمية فيقع في كون الحلة والنجف جزء من جغرافيا بابل التاريخية[32].
المصدر|المراقب