يمر بازار طهران وهو السوق المركزي الذي يعتبر نبض الاقتصاد الإيراني بأزمة كبرى إثر انهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار والتضخم نتيجة عودة العقوبات الأميركية.
وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" في تقرير عن حالة السوق، أن مجمعا تجاريا واحدا من بين الآلاف في البازار الكبير المترامي الأطراف في طهران أن يقدم صورة عن هذه الأزمة المتفاقمة.
ونقل التقرير عن أوضاع المحلات في المجمع من مندوب مبيعات يريد الانتقال إلى أوروبا من أجل حياة أفضل إلى أم تفاصل حول دفع ثمن هدايا لزواج ابنتها وسط انهيار العملة الإيرانية الريال، وفق العربية نت.
ويلقي بائع آخر باللائمة على السياسات الداخلية والفساد في تفاقم مشاكل البلد، ويذكر التقرير أن اللعنات والصراخ تتعالى ضد الحكومة من قبل المواطنين الذين يتحدثون للصحافيين.
ويعاني سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون نسمة من أزمة الوضع المعيشي، حيث تتواصل الاحتجاجات المتفرقة في البلاد بسبب تدهور اقتصاد البلد، ويقولون إن الأسوأ لم يأت بعد.
سجاد إيراني
وقالت كيانا إسماعيل، 26 عاما، وهي تتسوق قبل زفافها: "لقد أصبح الأمر أكثر صعوبة، لكننا بحاجة إلى خفض توقعاتنا".
وكان بازار إيران القلب النابض لكل من حياتها الاقتصادية والسياسية لعدة قرون. لكن الآن بينما يذهب البعض إلى مراكز التسوق الضخمة ذات الطراز الغربي في الضواحي الشمالية لطهران، فإن الأزقة الضيقة في البازار الكبير والأكشاك الصغيرة والموسيقيين المتجولين لا يزالون يجتذبون الآلاف من الناس.
كما أن الإضرابات في الأسواق الإيرانية التي حدثت في يونيو الماضي كانت بمثابة علامات سياسية، بحسب "أسوشيتد برس".
وكانت عائلات بازار الشاه الإيراني قد لعبت دورا هاما في ثورة عام 1979 التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي حيث تحالفوا مع القوى الثورية والدينية.
واحتشد المتظاهرون في سوق البازار الكبير بطهران خلال إضراب يونيو وأجبروا أصحاب المتاجر على إغلاق محلاتهم، احتجاجا على سياسات الحكومة التي أدت إلى انخفاض الريال حيث بلغ 90 ألف مقابل الدولار الأميركي الواحد في السوق السوداء رغم محاولات الحكومة السيطرة على سعر العملة.
بازار طهران
لكن الريال الآن انخفض إلى 150 ألف مقابل الدولار مع توقع انهيار تاريخي جديد، في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة إعادة العقوبات على صناعة النفط الإيرانية الحيوية في أوائل نوفمبر. وتنفي إدارة ترمب أنها تسعى للإطاحة بحكومة إيران من خلال الضغوط الاقتصادية، على الرغم من أن المسؤولين الإيرانيين يقولون إن العلاقة بين الاثنين واضحة.
وقد أدى الخوف من الاقتصاد إلى هرع الكثيرين إلى البازار الكبير في الأيام الأخيرة لشراء ما يمكنهم فعله قبل أن تتضاءل مدخراتهم.
وقال أوميد فرهادي، وهو موظف مبيعات يبلغ من العمر 25 عاما في متجر زمردة للمطابخ إن "الناس يشترون أكثر لأنهم يعتقدون أنهم لن يتمكنوا من شراء الأشياء بالأسعار الحالية بعد الآن، إنهم قلقون من تقلبات الأسعار".
وأضاف: "ليس هناك استقرار في السعر في هذا البلد. تذهب إلى الفراش، وبين ليلة وضحاها، تصل قيمة السيارة التي كانت قيمتها 100 مليون ريال إلى 140 مليون".
كما ذكر أن الشباب الإيرانيين الآخرين الذين يملكون المدخرات المالية يريدون مغادرة البلاد كذلك، ملقيا اللوم بشكل كبير على علاقات إيران السيئة مع بقية العالم بسبب الاقتصاد المتعثر.
هذا بينما لا يزال المرشد الإيراني علي خامنئي يرفض عرض إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، للتفاوض حول اتفاق جديد يضمن وقف برنامج إيران للصواريخ الباليستية والكف عن سياسة التدخل الخارجي ودعم الإرهاب.
وقال زميل فرهادي في المتجر لوكالة "أسوشيتد برس" إنه يعتقد أن المشكلة الرئيسية في إيران تكمن في إدارة روحاني.
كما أن إدارة الحكومة لاقتصاد البلاد التي تعاني من ارتفاع معدلات البطالة وتزايد التضخم والبنوك المثقلة بالديون، تواجه أيضاً منتقدين على نطاق واسع.
وفي مكان آخر من السوق، دافع البعض عن ترمب، مثل مهدي محمد زاده، الذي كان كشكه الصغير في قسم المجوهرات بالبازار يجتذب العملاء، وهم يشترون الذهب بشغف باعتباره بديلا عن الريال الساقط. وقال: "عندما عقدنا سلاما مع أوباما، لم نكن رخيصين جداً أبدا".
وعندما سئل محمد زاده عن سبب هذه المحنة الاقتصادية، ألقى باللوم على التدخل الإيراني المكلِّف في سوريا، قائلا "هذه أموال الناس، لم نرتكب أي خطأ لنستحق هذا، لكنهم يرسلون جميع أموالنا إلى سوريا".