كتب الباحث أيمن جواد التميمي، المهتم بالشأن السوري، أن المقترحات الأمريكية الخاصة بالتصدي لإيران من العديد من مراكز الفكر على سياسة الاحتواء أو إلحاق الضرر بالحرس الثوري الإيراني في سوريا. وفي أكثرها طموحًا، محاولة إبعاد الحرس الثوري الإيراني بالكامل من سوريا، وهو ما يتطابق مع مطالب إسرائيل في هذا الشأن.
وتتضمن توصيات السياسة في هذا السياق ما يلي:
- العمل مع روسيا على تقديم تنازلات من أجل الدفع بانسحاب الحرس الثوري الإيراني من سوريا (النهج المفضل لإدارة ترامب الآن).
- تدريب ودعم قوات المعارضة لمواصلة الثورة ضد نظام الأسد وحلفائه من أجل استنزاف الحرس الثوري الإيراني وعملائه.
- الحفاظ على الوجود الأمريكي أو توسيعه في شمال وشرق سوريا، بالإضافة إلى منطقة التنف، وذلك للحيلولة دون السيطرة التامة لنظام دمشق على البلاد، وبالتالي الحدَ من تدفق الحرس الثوري إلى الأراضي السورية.
- ضمان إبقاء الحرس الثوري الإيراني على مسافة من الحدود مع مرتفعات الجولان المحتلة، مثل قيام طرف ثالث بفرض منطقة عازلة لمنع الحكومة السورية من استعادة كل من درعا والقنيطرة.
- زيادة العقوبات والضغط الاقتصادي ضد إيران والحكومة السورية، وذا عدم تشجيع الأردن على استئناف العلاقات التجارية مع سوريا.
- الانضمام إلى سلاح الجو الإسرائيلي في ضربات ضد مواقع الحرس الثوري الإيراني في سوريا.
وتنطلق هذه التوصيات من فكرة أن الولايات المتحدة لديها أو يمكنها كسب نفوذ وتأثير ضد الحرس الثوري الإيراني في سوريا.
ومع ذلك، وفقا لتقديرات الكاتب، يبدو أن الكثير من هذه المناقشة حول السياسة تقوم على مفاهيم خاطئة حول كيفية قيام الحرس الثوري الإيراني ببناء نفوذه في سوريا.
يرى الفهم المشترك للحالة أن الحرس الثوري الإيراني قد أنشأ نظامه الخاص من الوكلاء الخارجين عن سيطرة الحكومة السورية والقوات المسلحة السورية. في الواقع، تؤكد بعض التقديرات الأمريكية أن 80٪ من القوات التي تقاتل من أجل الحكومة السورية هم وكلاء إيرانيون. على أي حال، ظهر منطق تحليلي يصور منافسة على النفوذ على الأرض، مع الادعاء بأن النفوذ الإيراني "يفوق بسرعة" نفوذ الحكومة السورية وروسيا. وعلى المنوال نفسه، هناك مزاعم بأن إيران قد سيطرت إلى حد كبير على جهاز الجيش والاستخبارات السورية، وأن إيران وحزب الله يسيطران على جميع العمليات العسكرية في سوريا ويوجهانها وينظمانها.
في واقع الأمر، فإن طبيعة مشروع الحرس الثوري الإيراني في سوريا ليست السيطرة على النظام، بل هي جزء لا يتجزأ من النظام. هذا أفضل فهم لمشروع قوات الدفاع المحلية (LDF)، والذي لا ينبغي الخلط بينه وبين قوات الدفاع الوطني الأكثر بروزا (NDF). إذ على عكس قوات الدفاع الوطني، فإن قوات الدفاع المحلية على قوائم الجيش السوري والقوات المسلحة، وهي تابعة، في الوقت نفسه، للحرس الثوري الإيراني. وهكذا، يمكن وصف "قوات الدفاع المحلية" على أنها مشروع مشترك بين جيش النظام والحرس الثوري الإيراني، مع وجود ضباط من كلا الجانبين في هيكل القيادة. وتجدر الإشارة إلى أن "قوات الدفاع المحلية" تضم العديد من المجموعات الشيعية المعروفة، مثل حزب الله.
ولا يعني أي مما سبق أن هناك انسجامًا تامًا بين تشكيلات "قوات الدفاع المحلية" المختلفة والنظام نفسه. وعلى هذا، فجميع التوصيات السياسية المختلفة من أجل "التصدي لإيران" المذكورة أعلاه لا تحقق ذلك الهدف المنشود في الواقع. وغالبا ما تتعامل إيران مع هذه التوصيات بالمثل القائل: "القافلة تسير والكلاب تنبح".
وخلاصة القول، يقول الكاتب: إن الطريقة التي اندمج بها الحرس الثوري الإيراني في نظام الأسد السوري هي أنه أصبح جزءًا لا يتجزأ من ذلك النظام، وهذا امتدادًا للتحالف القديم بين سوريا وإيران والتدخل الإيراني في الحرب إنما هو لإنقاذ حليفها. ورأى الباحث أن التصدي الحقيقي للحرس الثوري الإيراني، ناهيك عن إزالته من سوريا بالكامل، سوف يتطلب تفكيك النظام بالكامل، أو على الأقل القيام بالهجوم وتقليص منطقة سيطرة الحكومة السورية وحصره في شريط ضئيل من الأرض، ومن ثم منع الوصول الإيراني بالكامل.
(العصر)