<< مقولة شهيرة للرئيس الأسبق خاتمي تفسر تمسك الفرس باحتلال الأحواز: «إيران تحيا بخوزستان»
<< نفط الأحواز العربية المحتلة يمثّل قرابة 90% من إجمالي الصادرات الإيرانية البترولية
<< الاحتلال الإيراني يعتمد سياسة الإهمال العمدي للمدن الأحوازية لكي يقع سكانها في دائرة الفقر والجهل
هناك مقولة شهيرة للرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، تفسر لماذا يتمسك الإيرانيون باحتلال إقليم الأحواز العربي منذ عام 1925، يقول فيها «إيران با خوزستان زنده است» ومعناها بالفارسية: «إيران تحيا بخوزستان». وهو الاسم الذي أطلقته سلطات الاحتلال الإيرانية على إقليم الأحواز العربي المحتل.
ويؤكد المراقبون السياسيون أن السبب الأقوى لاحتلال إيران لهذه المنطقة، هو كونها غنية بالموارد الطبيعية من النفط والغاز، وتوجد فيها أراض زراعية من أخصب الأراضي في العالم، حيث يصب فيها أحد أكبر أنهار المنطقة، وهو نهر كارون الذي يسقي السهول الشاسعة.
وإقليم الأحواز هو المنتج الرئيسي لمحاصيل مثل السكر والذرة في إيران، وتساهم الموارد الموجودة في الإقليم بحوالي نصف الناتج القومي الصافي لإيران، وأكثر من 80% من قيمة الصادرات، وللمفارقة، فإن الأحواز من أغنى المناطق على وجه الأرض بالثروات الطبيعية الهائلة ويعيش فيها أفقر شعب.
ونظرًا لخصوبة أراضيها، فقد اشتهرت الأحواز بزراعة القمح والأرز وقصب السكر والحمضيات والنخيل، ويمثّل إنتاجها من القمح (50%) من مجمل الإنتاج الإيرانيّ، ومن الحبوب عامةً (40%) من الإنتاج الإيرانيّ، ومن التمور (90%) من الإنتاج الإيرانيّ، تنتجها أكثر من أربعة عشر مليون نخلةٍ أحوازية.
نفط الأحواز المنهوب
ويشير المراقبون إلى أن ما أكسب الأحواز أهمية اقتصادية إضافية، هو اكتشاف النفط والغاز الطبيعي فيها منذ عام 1908، الأمر الذي أسال لعاب الغرب وإيران معا، وكان أحد أسباب احتلال الإقليم بمؤامرة «فارسية- بريطانية».
اكتُشِف النفط في الأحواز لأول مرة في مايو من عام 1908 في حقل (مسجدي سليمان)، ثم توالت الاكتشافات في مناطق عدة، وعلى إثر ذلك تأسست مصفاة عبادان، التي تُعتبر أقدم مصفاة في منطقة الشرق الأوسط، كما جرى إنشاء جامعة عبادان للنفط إحدى أوائل الجامعات التي أُنشئت في إيران بشكل عام.
وفي عام 1913 بدأت مصفاة عبادان عملها، وظلت أكبر مصفاة في العالم إلى أن توقفت عن العمل في عام 1980 بسبب تدمير منشآتها بالكامل خلال الحرب الإيرانية العراقية من عام 1980 إلى عام 1988 .
وبعد احتلال الأحواز عام 1925 والقضاء على السيادة العربية في الساحل الشرقي من الخليج العربي، سيطرت إيران على كافة حقول النفط والغاز في الأحواز، وتكفلت في هذا الأمر الشركة الوطنية لنفط إيران (NIOC). حيث تم تأسيس هذه الشركة في مارس 1951، وباتت تشرف على كافة الحقول والمنشأة والمصانع وجميع مصادر الإنتاج والتكرير والنقل إلى المصافي المحلية ومحطات تصدير النفط الخام.
وتشير آخر المعلومات إلى أن إيران تملك حالياً 9 مصافي للتكرير بطاقة تبلغ حوالي 1.5 مليون برميل يومياً من النفط، وتعتبر مصفاة عبادان أكبر هذه المصافي، بطاقة إنتاجية تبلغ 420 ألف برميل يوميا أي ثلث المنتجات المكررة في إيران. وتقوم إيران بتوسيع مصفاة عبادان ليتم إضافة 50 ألف برميل في اليوم إلى طاقتها الإنتاجية، وتخطط إيران لإنشاء مصفاة جديدة في جزيرة قسم الأحوازية بطاقة إنتاجية مقدارها 120 ألف برميل في اليوم. أما صادرات إيران من المشتقات النفطية فيتم تصديرها عبر محطات عبادان وميناء معشور الواقعة في الأراضي العربية.
ويقول خبراء إن نفط الأحواز العربية يمثل قرابة 90% من إجمالي صادرات إيران البترولية. أنه إذا تحررت الأحواز من الاحتلال الفارسي ستفقد دولة الاحتلال مكانتها الاستراتيجية والاقتصادية في المنطقة، وستنخفض صادراتها من النفط إلى أقل من مئة ألف برميل يوميًا، أي أقل من 10% من صادراتها الحالية، مما سيؤدي إلى انكماش مشروعها وتقهقره، وبالتالي سيخفف من الأعباء السياسية والأمنية التي تعاني منها دول المنطقة بسبب سياسة إيران وأطماعها التوسعية.
وإضافة للثروة النفطية، فإن إقليم الأحواز يحوي ثروات طائلة من المعادن الطبيعية كالحديد والفولاذ والأسمنت والملح، ويمكن لزوار الأحواز أن يلحظوا المصانع الضخمة لإنتاج الحديد الذي تستخدمه سلطات الاحتلال الإيرانية في بناء الكباري والمنشآت والمعدات العسكرية.
لكن لازالت الثروة النفطية هي أثمن ما يملكه الأحواز، حيث تشير أدقّ التقديرات إلى أن الاحتياطي النفطي في الأحواز، يبلغ (183) مليار برميل. ويقول باحثون متخصصون إنه لو قُسّمت ثروات الأحواز النفطية بطريقة عادلة فلن يبقى فقير واحد في إيران.
خيرات العرب للغرباء
على الرغم من وجود كل هذه الثروات الطبيعية الضخمة في الأحواز يعيش الشعب العربي الأحوازي تحت خط الفقر المدقع، ويتوق إلى أبسط حقوقه الأولية في العيش الكريم. ورغم ما يوفره الإقليم المحتل من دخل كبير للدولة الإيرانية، وما تتمتع به إيران جراء احتلال الأحواز من مزايا التقدم الاقتصادي والقوة العسكرية والسيطرة على مضيق «هرمز»، إلا أن سكان الأحواز لم يلقوا من سلطات الاحتلال إلا التنكيل والإهمال في الخدمات وعدم توفير أبسط احتياجات المعيشة.
ويمكن القول أن خيرات الأحواز أصبحت للغرباء من الفرس وغيرهم من الأعراق الإيرانية التي سعت السلطات إلى توطينها في الإقليم بهدف تغيير طابعه الديموغرافي، وجعل العنصر العربي أقلية، بالتزامن مع إفقار الإقليم ونهب خيراته وثرواته الطبيعية.
وتمتد سياسة «إفقار الأحواز» المتعمدة من قبل المحتل الإيراني إلى كل شئ في الإقليم، بما في ذلك موارد المياه التي حباه الله بها، حيث تمتلك الأحواز موارد مائية ضخمة قلما تتوفر في مناطق أخرى، حيث يمر من وسط الأحواز أطول أنهار الشرق الأوسط؛ وهو نهر كارون، ويتغذى من هذا النهر وينهل منه 15 رافدًا فرعيًا. كما تمر 4 أنهر أخرى من داخل الأحواز وتتفرع إلى مجموعة أنهار صغيرة.
والكثير من الأنهار الصغيرة تم تجفيفها بسبب سياسة التجفيف التي تنتهجها إيران في أراضي الشعب العربي الأحوازي، وحتى نهر كارون ونهر الكرخة، الأنهار الكبيرة في الأحواز، لم تسلم من هذه السياسية.
ومنذ سنوات بعيدة، يخوض الأحوازيون صراعًا مريرًا ضد سلطات الاحتلال الإيرانية التي تسعى لتحويل مجرى نهر «كارون» لتحرم سكان الأحواز منه وتغذي به مناطق فارسية تابعة لها، ما يهدد بانتهاء الأحياء على آلاف الأفدنة في الأحواز ويهدد بموت آلاف السكان من العطش والجوع.
ويذكر أن سلطات الاحتلال الإيرانية بنت على مجرى نهر كارون 5 سدود، بهدف تحويل مياهه إلى المدن الفارسية، وهو الأمر الذي قابله سكان الأحواز باحتجاجات واسعة وتظاهرات تخرج بشكل يومي لرفض الإجراءات الإيرانية التعسفية، فالسكان يرون أن مشروع نقل المياه الأحوازية من أخطر مشاريع الاحتلال الإيراني التي تهدد الشعب العربي الأحوازي ومستقبله، فتحويل مجرى النهر ستتسبب في تبوير آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية الأحوازية وقطع أرزاق الناس.
ويُعد الفقر من أكبر الكوارث التي يعانيها الشعب الأحوازي منذ سنوات بعيدة، بسبب سياسات المحتل المتعمدة التي تهدف إلى تدمير الإنسان الأحوازي، حيث تتصدر الأحواز قائمة المناطق الأكثر بطالة على مستوى إيران.
كما يعاني سكان الإقليم العرب من سياسة الإقصاء والتهميش والبطالة بدوافع طائفية وعنصرية من قبل الاحتلال الإيراني، حتى بات الفقر والعوز والإدمان السمة الغالبة بين سكان الإقليم.
واعتمدت سلطات الاحتلال الإيراني سياسة الإهمال العمدي للمدن الأحوازية، حيث يعيش المواطنون الأحوازيين اليوم في مدينة المحمرة ظروفا صعبة للغاية وذلك بسبب الإهمال المتعمد من قبل سلطات الاحتلال للوضع العام في المدينة، فهي اليوم مازالت تعيش الدمار الذي حل بها في سنوات الحرب «العراقية - الإيرانية»، وقد جعلها النظام الإيراني «متحفا مفتوحا» للزوار الفرس الذين تأتي بهم مؤسسات الاحتلال لزيارة مناطق الحرب لكي تثقل ذاكرة الأجيال القادمة بكراهية العرب.

