الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

الإرث التاريخي لحقد إيران على العرب

ملفات شائكة - | Fri, Jun 24, 2016 5:55 PM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

تستغل وزارة التربية  والتعليم الإيرانية الكتب المدرسية  كمخزن كبير، ومعين لا ينضب من الحقد والكراهية للعرب، حيث تحشد وزارة التربية في هذه الكتب المدرسية كل أيديولوجيات العداء والاحتقار تجاه العرب.

ورغم ضعف المناهج والكتب المدرسية الإيرانية، إلا أنها تمثل في واقع الأمر رؤية الدولة ومؤسساتها المسؤولة عن تربية النشء فيها وتكوين شخصية الطفل الإيراني.

ولا يغيب عن أذهاننا ما للمناهج من دور عظيم في تكوين وبلورة كيان الناشئة العقلية والفكرية والاجتماعية ولذلك تعد دراسة المناهج والمقررات المدرسية وتحليل نصوصها من الاستراتيجيات المهمة في ميدان المناهج وطرائق التدريس؛ لأن الكتاب المدرسي أحد أهم العناصر المكونة لمنظومة التعليم، وهو أداة المنهاج في تحقيق أهدافه السلوكية، وركن أساسي في عمليتي التعليم والتعلم.

ودائماً تعمد إيران إلى إصدار  كتب دراسية رسمية وتربوية تغذي فيها أفكار طلبة المدارس وترسخ فيها صورة ساخرة عن العرب وتاريخهم بما يخدم أهدافها واستراتيجياتها الصفوية، إضافة إلى زرع الطائفية والحقد المذهبي في عقول الناشئة.

وبعد إصدار سلسلة طويلة من الكتب المؤدلجة في المدارس الإيرانية التي تستهزئ وتسخر من العقلية العربية وتتهكم من القومية العربية، أصدرت إيران أخيراً كتاباً مدرسياً يوزع على طلاب الصف التاسع من المرحلة التعليمية المتوسطة وعلى غلافه صورة رجل بدوي من الأعراب  يمتطي ناقته ويقف بجانب إشارة المرور الضوئية، كإيحاء للطلاب  بأن العربي ساذج ومغفل وجاهل.

لم يحرك العرب ساكناً أمام هذا العداء والحقد الصفوي المتأصل في نفوس الإيرانيين الحاقدين، اللهم إلا ما صدر عن مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية وهو كتاب بعنوان: “صورة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية” للدكتور نبيل العتوم، والكتاب يعد دراسة استقصائية منهجية قام بها المؤلف في وقت سابق، ونشرها مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية. وفضح الكتاب أساليب الفرس الحاقدين وتشويه الملامح الصريحة والضمنية لـ”صورة العرب” في المناهج الدراسية الإيرانية، وتحديداً في المراحل الثلاث الأولى: “الابتدائية والإعدادية والثانوية”، لتضع “صورة العرب” أمام القارئ كما تبدو في الكتب المدرسية، صورة فيها الكثير من الإساءة  لتغذية الأفكار الحاقدة وزرع الكراهية للعرب بين الأجيال الإيرانية.

  إن الحقد والكراهية للعرب هو إرث تاريخي يتوارثه الفرس الإيرانيون ويستمر في اللاوعي التاريخي والجمعي عبر الأجيال، إذ تصور شاهنامة الفردوسي العرب بصور بدائية همجية، وأنهم أقل حضارة ومدنية من الإيرانيين، وتأتي شاهنامة الفردوسي معظمها في شتم العرب وتحقيرهم، وتمجيد الفرس وملوكهم ؛ ولذلك راح العنصريون الفرس يُحَفِّظُونَ أبناءهم لهذه القصائد والأشعار العدائية، وهو ما تعمد إلى ترسيخه اليوم الكتب المدرسية التي تقول: إن “رستم وهو آخر قائد إيراني ينهزم أمام سعد بن أبي وقاص، بعث رسالة إلى سعد قبل معركة القادسية، قال فيها: على من تنشد الانتصار أنت أيها القائد العاري لجيش عار، رغيف خبز يشبعك، ورغم ذلك تبقى جائعاً”!

لقد أكد الإيراني الصفوي الحاقد صادق زيبا حقيقة هذا الحقد الأسود بقوله: “نحن لم ننسَ بعد هزيمتنا أمام العرب في القادسية، ففي أعماقنا حقد تجاه العرب، وكأنه نار تحت الرماد تتحول إلى لهيب كلما سنحت الفرصة “، وهذا يفسر موقف الفرس العدائي من القادة العرب كسعد بن أبي وقاص، وخالد بن الوليد الذي أذل هرمز المجوسي وقتله في معركة ذات السلاسل التي انتصر فيها العرب على الفرس.

ويرى المؤرخ بلال الهاشمي الباحث في الشؤون الإيرانية والتاريخ الصفوي ” أن حقد الفرس على العرب له سبب آخر بالإضافة إلى هزائمهم النكراء، ففي ثقافتهم أن العنصر الفارسي هو السيد وأما العربي فلا يصلح إلا أن يكون عبداً وتابعاً، وفجأة يُطيح العربي التاج عن رأس كسرى ويفتت إمبراطوريته، ويذل قادتهم وكبراءهم، ويمرغ أنوفهم في الوحل، لكن هذا المحتقر من قبلهم حمل لهم رسالة من عند الله، وشريعة دين سماوي أخمد نار المجوس التي كانوا يعبدونها، وهذا يوجعهم بقدر ما أوجعتهم هزائمهم النكراء أمام العرب، ولا أستبعد أن يكون الوجع أكبر، فكيف يتقبل الفرس أن ينزل القرآن باللغة العربية، ويكون المبعوث بالدين من أصل عربي!!، لهذا زعم الفرس أن القرآن نزل عربياً حتى يعقل العرب ويتأدبوا، معتمدين على الآية الكريمة “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ”، وقالوا إن الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) ليس عربياً بل هو من العرب المستعربة، أي أن بني هاشم ليسوا عرباً، ثم روجوا لكذبة زواج “شاه زنان” بنت كسرى الفرس من “الحسين بن علي”، وكيف أنجبت منه (علي السجاد) الذي خرج من صلبه بقية الأئمة والإمام المهدي الغائب (وجميعهم من صلب علي السجاد)، وهم يحملون في عروقهم دماً فارسياً، إذاً أصبح أئمة آل البيت أقرب للفرس من العرب!!، وكسرى جد أئمة آل البيت من ناحية أمهم، وبذلك.. يعيدون المجد لكسرى الذي أذله العرب ودكوا عرشه، ويبعدون الإسلام عن العرب ويقربونه منهم”! وهذه أكذوبة كبرى.

وهناك كتاب “صورة العرب لدى الآخر في ضوء العلاقات التاريخية” يرى كاتبه حسين العودات، أن التيار الشعوبي الفارسي في العهد الأموي لم يكن يهدف فقط لانتزاع بعض الحقوق من السلطة، وإنما كان يكمن في طموح الفرس لانتزاع السلطة برمتها رداً على الاحتلال العربي لبلاد فارس، كما أن التعصب والحقد الذي يظهره الفرس تجاه الإسلام لا يمكن تجاهله أو إغفاله، وقد بدا ذلك جلياً وواضحاً منذ أن قام كسرى بتمزيق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفضه للدعوة والدخول في الإسلام، والتغطرس الذي تمثل في استقبال مبعوث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يدل دلالة واضحة على الحقد الفارسي للإسلام والمسلمين.. وينقل الكاتب حسين العودات بعض نماذج من سخرية الكتاب الإيرانيين من العرب، كقول محمد علي جمال زادة، وهو كاتب معاصر: “في الصحراء يأكل العربي الجراد، – بينما – يشرب كلب أصفهان المياه المثلجة”!

وهناك كتاب صدر حديثاً عن «دار القدس» تحت عنوان: «صورة العرب في الأدب الفارسي الحديث» لباحثة أجنبية اسمها جويا بلندل، يبرهن على أن الفرس يزاحمون الغربيين والإسرائيليين في هذه الكراهية والحقد . ويرصد، وبدقة، وجهة نظر الفرس الصفويين، القدامى والمحدثين، في جيرانهم العرب وفي تصويرهم بأقذع مما يصورهم به أعداؤهم الآخرون.

إن الباحثة جويا بلندل في دراستها الأكاديمية ترى أن «العربي» في الأدب الفارسي هو «الآخر» لا «الأخ» أو «الجار». فالكتاب والمفكرون الإيرانيون يلقون جانباً من تخلف بلدهم على الإسلام. وإيران في نظرهم، ساسانية وإخمينية دمر حضارتها «بدو متوحشون» ويقول كرماني، أحد الحاقدين على الإسلام والعروبة: إن الإسلام دين غريب فرضته على «الأمة الآرية النبيلة» أمة سامية، هي عبارة عن حفنة من آكلي السحالي الحفاة العراة البدو الذين يقطنون الصحراء. إنهم العرب المتوحشون الذين جلبوا الدمار للحضارة الإيرانية.

وتضيف الباحثة أنه لفرط كراهية العرب ودينهم، جرى تأسيس الوعي القومي الإيراني «على اللغة الفارسية وعلى تاريخ إيران قبل الإسلام». أي على عاملي اللغة والتاريخ الإيراني القديم دون سواهما. والتاريخ هذا هو التاريخ القومي النقي والخالص من أي تلوث عربي أو إسلامي.

وصورة العرب في صفحات كثيرة من الأدب الفارسي الحديث: «موبوءون، قذرون، بشعون، وأغبياء، جلودهم سوداء». وتضيف الباحثة تعليقاً على خصال العرب هذه من وجهة نظر المثقفين الفرس: بالطبع هذا كلام غير دقيق، والقصد منه هو مزيد من الطعن والذم.

ويقول كاتب إيراني آخر اسمه ما شاء الله أجوداني: إن العدو الحقيقي للثقافة الإيرانية، وسبب مشكلات إيران كلها، هو الإسلام والعرب. ولكنّ كاتباً إيرانياً آخر اسمه هدايت يضيف اليهود ودينهم وعاداتهم إلى قائمة أعداء إيران. من وجهة نظر هدايت: العرب واليهود والإسلام واليهودية تنتمي جميعها للعرق السامي ذاته، وهم في الجوهر متشابهون.

وبحسب باحث إيراني حاقد آخر اسمه أخوان: أفسد العرب كل جانب من جوانب الحياة الإيرانية: من الدين والأسطورة والمأثرة الشعبية إلى اللغة والأدب والتاريخ «إن التقاليد العربية المشؤومة وعدوى التعريب الملوثة والفظيعة، أفسدت شعرنا التقليدي ليس فقط على صعيد الشكل والبحر والوزن والمنظومة البيانية، لكن على صعيد معظم الأعمال الشعرية، ورزحت لغتنا الوطنية (أي الفارسية) تحت هيمنة الخرافات العربية السامية والإسلامية”، ولكن العرق الإيراني لا يموت: «نحن من كنا تحت رحمة غزوات الإغريق والبارثيين سنوات طويلة، لكننا في النهاية شمخنا برؤوسنا، لغتهم وأخلاقهم وعاداتهم (أي العرب) لا تلائمنا. كيف إذن مع هؤلاء العرب الحفاة العراة المتوحشين الذين لا يملكون شيئاً سوى لسان طويل وسيف؟.

بعد كل هذا الاستعراض المقتضب لمعجم الحقد الموروث عبر الأجيال الفارسية الصفوية، يأتي السؤال الذي يفرض نفسه: هل حقاً إيران دولة إسلامية؟!.

المصدر|مركز المزماة للدراسات والبحوث

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت