ما يثير الدهشة أن إيران التي تخلت عن ابنها البار عيسى أحمد قاسم، أي أنها من الناحية العملية أسقطت عنه جنسيته الإيرانية عندما سمحت له أن يحمل جنسية بلد آخر، باتت اليوم في دهشة تقّطع الأنفاس من إجراء مماثل اتخذته حكومة البحرين بنزع جنسية لمواطن إيراني خان الكرم العربي البحريني، وكان قد اكتسب جنسية البحرين عندما لم يكن الوعي بأخطار المقيمين العجم في دول الخليج العربي عموما، وما يمكن أن يشكله ذلك من خطر جدي على التركيبة السكانية التي كانت تتعرض لتغيرات متسارعة ومخطط لها بسبب زواج المتعة المقر شرعا عند الشيعة وكذلك تحمّل حكومة الشاه سابقا وفيما بعد دولة الولي الفقيه الجزء الأعظم من نفقات الأسر الكبيرة والتي ينوء رب الأسرة بتحملها عبر منظمات ووكالات ذات طابع اجتماعي إنساني زائف، فتقدم له إيران “بصرف النظر عمن يحكم فيها” الإعانات المالية السخية لتشجيع الشباب على الزواج المبكر والأزواج على زيادة الإنجاب.
كان يترافق ذلك مع زيادة مستوى التسلل غير الشرعي أو السفر الذي تضفى عليه صفة الشرعية، فرديا وجماعيا إلى المجتمع الخليجي من جانب الفرس الشيعة، مع توفير آليات ومنظمات تحت لافتات سياسية وثقافية ودينية، وكانت للأسف تعمل تحت سمع وبصر الحكومة البحرينية من دون أن تواجه بالحزم المطلوب، كانت هذه الجمعيات تهيء كل الأسباب لاستقبالهم وتهيئة فرص العمل المناسب لهم ومن ثم دمجهم في المجتمع.
وعبر أساليب بمنتهى الخبث والضعة كان هؤلاء يحصلون على جنسيات البلدان العربية في الخليج العربي، وفي الوقت نفسه ينتظمون في جمعيات ويسيطرون على وسائل الإعلام، وعندما يعرفون بأن موطنا عربيا واحدا حصل على الجنسية البحرينية مثلا يبدأون بإثارة ضجة لا حدود لها للتغطية على أهدافهم الخبيثة باحتكار التجنس في بلدان الخليج العربي، وأغرب ما في المشهد أن أكثر الأصوات ضجيجا بالوقوف ضد منح الجنسية البحرينية للعرب في البحرين أنها كانت تصدر عن متجنسين إيرانيين وليسوا من المواطنين الأصليين وبصلافة لا نظير لها أبدا إلا عند الفرس والفرس فقط.
دولة طبقت قانونها الوطني وصححت خطأ ارتكبته حكومة سابقة فيها بعد أن تجسدت أخطار الخطوة السابقة، فقررت سحب الجنسية عن إيراني كانت إقامته في البحرين جزء من خطة الهيمنة والسيطرة الإيرانية على المنطقة، فلماذا كل هذه الضجة والإنسانية التي ركبت أكثر النفوس تفننا في الإرهاب والجريمة والقتل؟
إن إضفاء هالة من القدسية والنجومية على عيسى قاسم جزء من خطة التآمر على الأمة من قبل التحالف الدولي الحاقد عليها، وإلا ما هي دوافع الموقف الأمريكي الذي جاء في بيان وزارة خارجية الولايات المتحدة حول الموضوع؟ ألا يعتبر ذلك نفخا في بالون عيسى قاسم كي يبدو أكبر من حجمه وكي يقال بأن البحرين ارتكبت خطيئة كبرى لن تغتفر عندما مست مكانة هذا القديس الكذوب؟ أين أمريكا قائدة الجريمة في العالم وأكبر قاتل على مر التاريخ سواء في حرب الإبادة التي تعرض لها الهنود الحمر أو الزنوج أو بضرب القنبلة الذرية على هيروشيما وناكازاكي؟ وأين إنسانية أمريكا هل كانت نائمة فصحت على حين غرة؟ هل يمكن العثور على شيء منها في غوانتانامو أو في أبو غريب؟
ما يصح على أمريكا ينطبق على الاتحاد الأوربي صاحب التجارب السيئة في احتلال الدول الأخرى واضطهاد شعوبها، أما إيران فهي آخر من له حق إبداء الرأي في قضية إنسانية أو في أي من قضايا من هذا النوع، لأنها على لائحة الدول الأكثر تنفيذا للإعدامات وممارسة التعذيب واضطهاد الأقليات فضلا عن أنها صاحبة شعار تصدير الثورة وقتل العراقيين والسوريين واليمنيين وتحاول التمدد إلى أفريقيا.
عيسى قاسم متهم بالتحريض على القتل والإرهاب في البحرين وإثارة الفوضى في البلاد وتحويل المستشفيات هناك إلى مصائد للجرحى والمرضى من السنة وقتلهم من قبل أطباء وممرضين نزع الحقد الطائفي من نفوسهم آخر ذرة من الإنسانية، لهذا إذا جاز لي أن أعتبر قرار نزع الجنسية المكتسبة عنه خطأ فإنني حينذاك علي أن أسارع للقول، كان يجب إلحاقه بالمجرم الإرهابي نمر النمر الذي سيّرته المملكة العربية السعودية مشكورة إلى جهنم وبئس المصير، فكلاهما من طينة نجسة واحدة وسخّرا قدراتهما لخدمة العدو الإيراني وهيئا له القواعد التي تأتمر بإمرته.
المصدر|مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية