الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

مجلة الأحواز| الافتتاحية.. 9 عقود من «التغيير الديموغرافي» لتفريس الأحواز

المجلة - | Tue, May 29, 2018 12:00 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

<< نظام الملالي يسعى إلى جعل العرب من سكان الإقليم البالغ عددهم نحو 10 ملايين نسمة «أقلية»

<< توطين 1500 عائلة من المهاجرين الرُحّل في الأحواز ضمن المشروع المسمى «إسكان العشائر»

<< «تركات»: إسكان 5 ملايين مواطن من قوميات مختلفة في الإقليم العربي خلال الأعوام المقبلة

 

سعت النظم الإيرانية الحاكمة على مدار تسعة عقود جاهدة إلى إحداث «تغيير ديموغرافي» واسع النطاق في إقليم الأحواز العربي منذ احتلاله عام 1925، وذلك في إطار «تفريس» الإقليم ومحو معالمه الحضارية والجغرافية والثقافية، سعيا إلى جعل العرب من سكان الإقليم البالغ عددهم نحو 10 ملايين نسمة أقلية، عبر إحلال الفرس والقوميات الأخرى مكانهم، لتكريس الاحتلال الإيراني للإقليم الصامد في وجه المحتل الفارسي.

وفي أبريل الماضي اندلعت تظاهرات واسعة النطاق شارك فيها الآلاف من عرب الأحواز، للمطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين من أبناء الإقليم، والتنديد بسياسات التهميش الممنهج للعرب لمصلحة المهاجرين الفرس، فضلاً عن إصرار النظام الإيراني على تنفيذ مخططات التغيير الديموغرافي و «التفريس» للمنطقة بهدف طمس هوية سكان الإقليم، ضمن المشاريع الأمنية والاقتصادية التي حاولت السلطات الفارسية تنفيذها في الأحواز منذ إسقاط الحكم العربي في الربع الأول من القرن الماضي.

مشروع استيطاني خطير

في ديسمبر 2016، قامت السلطات الفارسية الإيرانية بتنفيذ خطة جديدة لتوطين عشرات الآلاف من المهاجرين من العشائر الذين ينتمي أغلبهم للقوميتين «اللورية والبختيارية» في إقليم الأحواز العربي، في خطوة اعتبرتها منظمات حقوقية استمراراً لمخطط التغيير الديموغرافي للإقليم.

وأعلنت حكومة نظام الملالي في ذلك الوقت عن توطين أكثر من 1500 عائلة من المهاجرين من العشائر الرُّحَّل في الأحواز العربي ضمن المشروع الحكومي المسمى «إسكان العشائر»، وذلك في إطار استكمال مخطط التغيير الديموغرافي للسكان العرب المستمر منذ سنوات عديدة.

ونقلت وكالة الأنباء الفارسية الرسمية، عن علي رحيم كريمي، مدير شؤون العشائر في محافظة الأحواز أن مشروع توطين هؤلاء العشائر بدأ منذ عام 2014 وبميزانية 100 مليار ريال إيراني، حيث تم تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع على مساحة 2000 هكتار من أراضي غرب نهر الكرخه.

ويتم منذ ذلك التوقيت تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع التوطين على مساحة ألف و200 هكتار من أراضي الشعبية التابعة لمدينة «تُستر" شمال الإقليم وبميزانية 90 مليار ريال. كما أعلن «كريمي» عن منح هؤلاء المهاجرين أراض زراعية في خطوة تهدف السلطات الفارسية الإيرانية منها تشجيع العشائر على الهجرة.

ومنذ عقدين من الزمان تشجع السلطات الإيرانية العشائر الرُحّل من محافظات «لورستان، وكهغلويه وبوير أحمد، وجهارمحال وبختياري» وغيرها من المحافظات الواقعة على جبال زاغروس، على الهجرة وتقوم بتوطينهم في أراضي المواطنين العرب في مناطق مختلفة من إقليم الأحواز العربي المُحتل.

والملفت للنظر أنه بعد توطين أولئك المهاجرين تقوم الحكومة الإيرانية ببناء مستوطنات جديدة لهم، وتمنحهم أراض زراعية على حساب سلب أراضي المزارعين العرب، وتوفر لهم فرص العمل المختلفة على حساب البطالة المنتشرة بين المواطنين العرب، وهم السكان الأصليون للإقليم العربي المُحتل.

ومن مظاهر مشاريع التغيير الديموغرافي التي ينفذها النظام الإيراني في الأحواز، مشروع استيطاني خطير عملت السلطات في طهران على تنفيذه منذ ثلاثة عقود، وكلّفت أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران، وقائد الحرس الثوري سابقا، الجنرال محسن رضائي مهمة إنجاحه. ويهدف هذا المشروع إلى جلب المواطنين الإيرانيين من إقليم «لرستان» وتوطينهم في الأحواز ليصبحوا أكثرية فيما بعد.

«وثيقة أبطحي» تفضح المؤامرة

كشفت الوثيقة التي تسربت عام 2005 من مكتب الرئيس السابق محمد خاتمي، والتي عرفت بـ«وثيقة أبطحي» بوضوح النية لتهجير العرب من موطنهم الأصلي واستبدال القومية الفارسية بهم، لتصل نسبة السكان من غير العرب في الأحواز خلال 10 أعوام إلى 70 بالمئة على الأقل (وهو ما فشلت السلطات الإيرانية في تحقيقه لهذه اللحظة)، وهو خير دليل على هذه السياسات الهادفة والممنهجة من قبل السلطات الإيرانية في الأحواز.

وجاء في نص الوثيقة المترجم حرفـياً عن الوثيقة الفارسية أنه «استمراراً للسياسات المأخوذة بعين الاعتبار، وكذلك على ضوء قرارات مجلس الأمن القومي بشأن تغيير البنية السكانية لعرب خوزستان (الأحواز) من خلال توزيعهم على بقية محافظات البلاد؛ نرى أن نرفق لكم أدناه لائحة ببعض التوجيهات المتضمنة الفقرات التالية:

يجب اتخاذ كافة التدابير الضرورية اللازمة بحيث يتم خفض السكان العرب فـي خوزستان (الأحواز) بالنسبة للناطقين بالفارسية الموجودين أساساً، أو أولئك المهاجرين إلى 1/3، وذلك خلال السنوات العشر القادمة.

فـي سبيل زيادة هجرة الأقوام الأخرى، خاصة القومية الآذرية إلى محافظة خوزستان (الأحواز)، إضافة إلى التسهيلات الواردة فـي المذكرة رقم 7 - 5 - 1971 /2 ب 3 - 416 والمؤرخة فـي 14/4/1371 (تقويم إيراني – 1992 من حزيران م)؛ تقرر تقديم تسهيلات أكثر، وستعلن هذه التسهيلات تباعاً.

من الضروري اتخاذ التدابير اللازمة والعمل على نحو معين بحيث تزداد ظاهرة تهجير الشريحة المتعلمة منهم إلى المحافظات الإيرانية الأخرى؛ كمحافظات طهران وأصفهان وتبرير.

العمل على إزالة جميع المظاهر الدالة على وجود هذه القومية وتغيير ما تبقى من الأسماء العربية للمواقع والقرى والمناطق والشوارع.

في الوقت الذي نؤكد فـيه سرية هذه الخطة، نرى من الضروري الاستفادة من العناصر العربية كوسيلة من أجل تنفـيذها.

نرفق لكم التعليمات الجديدة الواردة لنا والمتعلقة بكيفـية توزيع طلاب الجامعات والموظفـين والعاملين والمعلمين والفلاحين ومنتسبي القوات العسكرية والأجهزة الأمنية، ونقلهم إلى المناطق الإيرانية الأخرى».

وسعّت هذه «الوثيقة» من الشرخ القائم بين النظام الإيراني والعرب الأحوازيين، الأمر الذي دفع بالأحوازيين إلى شنّ سلسلة من العمليات العسكرية مستهدفين العديد من المراكز والمؤسسات الصناعية والاقتصادية والأمنية الإيرانية، الأمر الذي أرعب النظام وأوقعه في تخبط سياسي وإعلامي كبير.

وعمد نظام الملالي إلى إصدار وتنفيذ سلسلة من أحكام الإعدام ضد العشرات من الأحوازيين على أمل وقف حالة الغليان هذه، غير أنه زاد الطين بلة وأظهر القضية الأحوازية، التي كانت مخبَّأة في الأدراج، إلى العلن، لتصبح أخبارها في صدارة وسائل الإعلام العربية والأجنبية.

وفي فبرير 2017، أعلن أكبر تركان، مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني ومدير لجنة المناطق الحرة في إيران، عن عزم حكومته «تغيير ديموغرافية» سواحل الخليج العربي وبحر عمان، من خلال تهجير مواطنين لها من سائر المحافظات بحيث يزيد عدد سكانها عن مليون ونصف المليون إلى 5 ملايين نسمة في غضون 5 سنوات.

وجاء هذا الإعلان في إطار مشروع «قديم جديد»، بغية تفريس كامل الساحل الشرقي ومحاولة إثبات «فارسية الخليج»، حيث قامت الحكومة بعدة إجراءات في هذا الخصوص، منها مشروع ربط محافظة فارس التي تقع جنوب البلاد، بالخليج العربي من خلال توسعة المحافظة، وذلك باقتطاع الأجزاء الساحلية من محافظة هرمزغان (بندر عباس)، والتي تشمل القرى والمناطق العربية المطلة على الخليج العربي، الذي توقف مؤقتا بسبب احتجاجات أهالي تلك المناطق.

أما المشروع الجديد في هذا الصدد الذي أعلن عنه أكبر تركان مستشار الرئيس الإيراني، فيتمحور حول مشاريع عملاقة لإحداث تغيير ديموغرافي شامل للمنطقة ضمن خطة التنمية الإيرانية السادسة.

وقال تركان إنه «سيتم تنفيذ مشروع إسكان 5 ملايين مواطن من قوميات مختلفة على سواحل الخليج وبحر عمان خلال الخطة الخمسية السادسة في البلاد»، وهو الأمر الذي اعتبره المراقبون السياسيون استكمالا لخطة «تفريس الأحواز» القائمة على قدم وساق على مدار تسعة عقود ماضية.

كلمات مفتاحية:

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت