الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

الملف|عرب إيران... الاضطهاد المزدوج

المجلة - | Sat, May 26, 2018 6:54 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

<< العرب أحد أهم وأكبر الشعوب في إيران بعد الفرس ويبلغ مجموعهم 10 ملايين نسمة

<< إقليم «الأحواز » العربي المحتل من أغنى المناطق على وجه الأرض بالثروات الطبيعية ويعيش فيه «أفقر شعب»

<< المراقبون السياسيون: النظام الإيراني يسعى إلى بث الكراهية والعنصرية ضد العرب بشكل ممهنج

 

يمثل العرب «معادلة صعبة» في السياسية الإيرانية، فهم أحد أهم وأكبر الشعوب في البلاد بعد الفرس، ويبلغ مجموعهم من 8-10 ملايين نسمة، أي أكثر من 10% من تعداد إيران، وهو العدد الذي تنفيه السلطات في إطار التعتيم على المكوّن العربي في البلاد.

والغالبية العظمى من عرب إيران «سُنّة»، يعني أنهم يعانون من «اضطهاد مزدوج»، أولاً لكونهم عربا في بلاد تكره الجنس العربي، وثانياً لكونهم سُنة، في دولة طائفية رافضية يحكمها نظام «الولي الفقيه» الشيعي المتطرف.

ويتركز عرب إيران - بشكل أساسي- في إقليم الأحواز العربي أو «عربستان»، وهو الاسم الأصلي للإقليم الخاضع للاحتلال الإيراني منذ أكثر من 93 عاما، ففي 20 أبريل عام 1925 احتلت إيران الأحواز عسكرياً، بعد معارك ضارية بين الجيوش الفارسية الغازية من جهة والأحوازية المدافعة عن وطنها من جهة أخرى، ولم تتمكن الجيوش الفارسية من الدخول في الأحواز. وتم تدبير مؤامرة دنيئة، وجرى اختطاف الأمير خزعل الكعبي من يخته الذي كان راسيا في مياه شط العرب، ونقل إلى طهران ليلا. وزحفت الجيوش الإيرانية في اليوم الثاني لاحتلال الأحواز فدخلت المدن الأحوازية وحدة تلو الأخرى وسط مقاومة أحوازية شرسة. وبقي الشيخ خزعل آخر أمراء الأحواز أسيرا في طهران حتى عام 1936 حيث تم قتله خنقا وهو في زنزانته في طهران للتخلص منه.

التغيير الديموغرافي الطائفي

على إثر ذلك، توالت ثورات وانتفاضات القبائل العربية المقهورة بالتسلط الفارسي، والذي بدأ باتباع سياسة «التغيير الديموغرافي» الطائفي من خلال إحلال مجموعات فارسية من شمال إيران وتوطينهم في المناطق العربية بعد مصادرة أراضيهم ومزارعهم قسرًا بالقوة العسكرية.

ونتيجة لهذا الظلم والقهر الفارسي تشكل اتحاد ثوري من قبائل الشريفات وبني تميم والكعبي وبني طرف للتمرد العسكري الفارسي ومقاومته في المحمرة والحويزة والخفاجية فاستغل رضا شاه هذه الثورات المتتالية في أكثر مناطق الأحواز اشتعالاً بالثورة العربية ضد حكمه ونفذ عملية عسكرية شاملة لتصفية دموية ضد الروح العربية في الأحواز، فجهز جيشًا كبيرًا وحاصر المنطقة الثائرة وقضى على الثورة بعنف ووحشية وتم إعدام ستة عشر من رؤساء القبائل العربية الثائرة والرافضة لحكمه ودفن العديد من الثوار وهم أحياء بحفر جماعية وشملت الاحتجاجات كل جغرافية الأحواز العربية.

ويعد السبب الأقوى لاحتلال إيران لهذه المنطقة إلى كونها غنية بالموارد الطبيعية من النفط والغاز، حيث يوجد فيها الأراضي الزراعية الخصبة، ويصب فيها أحد أكبر أنهار المنطقة وهو نهر كارون الذي يسقي السهول الزراعية الخصبة. كما أن منطقة الأحواز هي المنتج الرئيسي لمحاصيل مثل السكر والذرة في إيران وتساهم الموارد الموجودة في هذه المنطقة بحوالي نصف الناتج القومي الصافي لإيران وأكثر من 80% من قيمة الصادرات الإيرانية، فالأحواز بذلك من أغنى المناطق على وجه الأرض بالثروات الطبيعية الهائلة، ويعيش فيها «أفقر شعب».

ويعمل الاحتلال الإيراني منذ ذلك التاريخ على زيادة نسبة غير العرب في الأحواز، وتغيير الأسماء العربية الأصلية للمدن والبلدات والأنهار وغيرها من المواقع الجغرافية في منطقة الأحواز، فمدينة المحمرة على سبيل المثال أصبح اسمها «خرم شهر» وهي كلمة فارسية بمعنى البلد الأخضر، وطالت عمليات تغيير الطابع العربي كافة جوانب الحياة في الأحواز بعـد احتلالها الصفوي، وكان هدفها فرض الثقافة الفارسية، فكان على رأس المحرمات التي أقرها الاحتلال الإيراني الفارسي التحدث باللغة العربية في الأماكن العامة ومن يخالف ذلك الأمر يتعرض للعقاب لأن التحدث باللغة العربية «جريمة» يعاقب عليها القانون الصفوي، كما قررت إيران بأن تكون مناهج الدراسة في المدارس باللغة الفارسية فقط ولا يجوز التحدث بأي لغة أخرى ومُنع الأحوازيين من تسمية مواليدهم بأسماء عربية ومنع ارتداء الزى العربي، واستبدل بالملبس الفارسي.

وتتلخص الإجراءات التعسفية التي مارستها السلطات الفارسية ضد الشعب العربي الأحوازي، في إلغاء مؤسسات الحكم العربي السياسية والإدارية والقضائية في الأحواز، وإعلان الحكم العسكري المباشر، حيث أقيمت الثكنات العسكرية والمعسكرات، وضم الإقليم إلى الأراضي الإيرانية، فضلا عن إنكار حق تقرير المصير للشعب الأحوازي، وحرمانه من أبسط الحقوق والحريات السياسية التي تقضي بحق الشعب في المشاركة في حكم بلده سواء بصورة مباشرة أو بواسطة ممثلين عنهم.

من جهة أخرى، يؤكد المراقبون السياسيون أن إيران تسعى بشكل ممهنج إلى بث الكراهية والعنصرية ضد العرب في أوساط الشباب، مستخدمة في ذلك أدواتهم، ومنها الألعاب الإلكترونية وأغاني الراب. ويضج موقع التغريد المصغر «تويتر» بالحملات العنصرية ضد العرب بالتزامن مع التدخل السافر لإيران في شؤون الدول العربية.

وردا على ذلك، أصدر مركز «مناهضة العنصرية ومعاداة العرب» في إيران، الذي يديره ناشطون أحوازيون، بيانا أدان فيه هذه الهتافات العنصرية، وطالب الشخصيات ووسائل الإعلام والقوى الديمقراطية والمناهضة للعنصرية في إيران وخارجها باتخاذ موقف حاسم تجاه الخطاب المعادي للعرب في إيران.

وقال عيسى مهدي الفاخر، عضو المكتب الإعلامي لحركة «النضال العربي لتحرير الأحواز»: إن المدارس الإيرانية تشهد نوعا من الممارسات العنصرية ضد الطلاب العرب الملتحقين بها، موضحا أن واقعة إجبار مدرس إيراني لطالبين عربيين في إحدى المدارس على غسل فمهما بالماء والصابون بعد تحدثهما بالعربية، تعكس مدى الكراهية الشديدة من قبل المدرس للغة التي نزل بها القرآن الكريم، ومؤكدًا أن التمييز العنصري الذي تمارسه دائرة التربية والتعليم بكافة فروعها في الأحواز أمر «يندى له الجبين».

صورة «العربي القبيح»

تظهر عنصرية الإيرانيين نظاماً وشعبا في تعاملهم مع العرب بشكل خاص، فرغم أن العرب يمثلون قرابة 10% من الشعب الإيراني، فإنهم ممنوعون من ارتداء الزي العربي وكذلك من تعلم العربية. وغيرت إيران أسماء المدن العربية إلى فارسية، وهي تمنع العرب من إكمال الدراسات العليا ومن تولي المناصب القيادية والقضائية.

وقد تنامى هذا الشعور بين شريحة كبيرة من جيل شباب الإيراني ما بعد ثورة 1979، وكان يغذيه الغضب من تراجع الحريات ومشاعر الحنين إلى الماضي وأمجاد أسلافهم وأساطير مشفوعة بالحقد والضغينة ضد العرب، وقد روج عدد كبير من الأدباء والشعراء لهذه المشاعر، حيث قدموا صورة قبيحة للعنصر العربي في مقابل العنصر الفارسي.

واعترف الدكتور صادق زيبا كلام، الأستاذ بجامعة طهران، بالكراهية التي يكنها مواطنوه للعرب والشعوب القوميات الأخرى غير الفارسية في البلاد بشكل خاص، قائلا: «أعتقد أن الكثير من الإيرانيين سواء أكان متديناً أو علمانياً يكره العرب. ومنذ الحقبة الملكية كان الأمر على هذا المنوال، حيث كانت تسود إيران نظرة تحطّ من شأن العربي، وهي صورة مستمرة إلى يومنا هذا، وأنا أريد أن أؤكد أكثر من ذلك، فأقول إن الدوافع من وراء تأسيس مجمع اللغة الفارسية كانت طرد الكلمات والمصطلحات العربية من الفارسية، وهذا يدل على حقدنا تجاه العرب».

وأضاف د. زيبا كلام، المغضوب عليه من الحكام الملالي: «وللأسف أنا واثق من أن الكثير منا - نحن الإيرانيين - عنصريون، فلو نظرتم بإمعان إلى ثقافات الشعوب الأخرى تجاه سائر القوميات والشعوب والإثنيات الأخرى، وعلى رأسهم الجنس العربي».

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت