مقدمة
يعيش في إيران موزاييك عرقي وقومي واسع الطيف، بشكل لا مثيل له في أي دولة من دول العالم، مُكوّن من عدة شعوب وأعراق لا رابط بينها سوى أنها تعيش على أرض واحدة، أهمها الفرس والعرب والتركمان والأكراد والبلوش، فضلا عن أقليات أقل عددا مثل اللور والجيلان.
وتعاني الشعوب غير الفارسية في إيران من سياسة «التفريس» التي يلجأ إليها النظام الصفوي بهدف صهر هويتها الخاصة في العرق الفارسي المسيطر على كل مقدرات وثروات البلاد.
لذلك، نشطت تلك الشعوب في تحري الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على هويتها بالتوازي مع مطالبة السلطات الإيرانية بتطبيق المواد المعطلة من الدستور الحالي التي تؤكد «المساواة» بين الشعوب والسماح لأبنائها بتعليم لغاتها القومية، وصولا إلى مطالبة بعضها بالانفصال وتكوين دول خاصة بها.
وفيما تزعم جمهورية الملالي الصفوية أنها لا تفرق بين مواطنيها على أساس القومية أو اللغة أو اللون أو المذهب، مبررة تعطيل بعض مواد الدستور الخاصة بضمان حريات وحقوق تلك الشعوب، بقسوة اعتبارات الأمن القومي وظروف عدم الاستقرار الإقليمي التي لا تسمح بذلك في الوقت الحاضر، تؤكد تلك الشعوب أن ثمة خللا خطيرا يكتنف أسلوب تعاطي نظام الملالي مع قضيتي المواطنة والتنمية إزاء المناطق التي تعيش فيها.
ولا يتورع النظام الصفوي عن ممارسة سياسة التمييز العرقي والطائفي ضد مواطني الشعوب الإيرانية في صور شتى، ما بين استبعادهم من تولي المناصب الرفيعة في الدولة، وهو تمييز محمي من قبل الدستور الإيراني الذي يحتوي على مواد عنصرية. فرغم أن المادة 19 من الفصل الثالث منه تنص على «عدم التمييز بين الإيرانيين على أساس عرقي»، يشترط الدستور على من يتولى رئاسة الدولة أن يكون من أصل إيراني ويحمل الجنسية الإيرانية، وأن يكون مؤمنا ومعتقدا بـ«مبادئ جمهورية إيران الإسلامية» والمذهب الرسمي للبلاد، أي المذهب الشيعي، وهو ما يصادر على حق السنة من أكراد وتركمان وعرب وبلوش وغيرهم في تولي أي مناصب قيادية.
هذا الملف يلقي الضوء الكاشف على معاناة الشعوب في إيران، وعلى مساعيها ونضالها من أجل نيل حريتها واستقلالها السياسي، بالخروج من تحت عباءة الملالي: