الثلاثاء, 03 ديسمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أسابيع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

واشنطن بوست| الهاربون من الفلوجة.. كابوس آخر بالانتظار

تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

هربوا من كابوس القتال بين القوات العراقية ومليشياتها من جهة وتنظيم الدولة من جهة أخرى ليجدوا كابوساً آخر بانتظارهم؛ إنهم الفارون من مدينة الفلوجة الذين يعيشون وسط صحراء قاسية تصل فيها درجات الحرارة إلى أكثر من 50 درجة مئوية، دون أي معونات تقدم لهم سواء من الحكومات أو المنظمات الإنسانية؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث وفيات عديدة بين صفوف النازحين من الفلوجة، على حد قول صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية.

نحو 85 ألف نازح من الفلوجة، هو الرقم الذي أعلنته مصادر عراقية ودولية، في موجة نزوح رفعت عدد النازحين العراقيين إلى أكثر من 4.4 ملايين نازح، مسجلة أعلى رقم وصلت إليه أعداد النازحين العراقيين منذ العام 2003.

الأمم المتحدة قالت إن ارتفاع وتيرة الفارين من معارك الفلوجة كان مفاجئاً بالنسبة لها، رغم أن الجميع كان يتوقع حصول موجة نزوح من داخل الفلوجة مع انطلاق المعارك لاستعادتها من قبضة تنظيم الدولة، فلا أحد استعد بشكل جيد لاستقبال وإيواء هذه الأعداد الكبيرة الفارة من جحيم المعارك التي جاءت، وفقاً لآراء مسؤولين بالأمم المتحدة، مفاجئة، في إطار سعي حكومة حيدر العبادي إلى التخلص من الضغط السياسي عليها.

قرب الحبانية إلى الغرب من مدينة الفلوجة، أقيم مخيم على عجل، حيث كانت مها عدنان تجلس مع أطفالها الأربعة قرب حاجياتها الشخصية، وتقوم بين وقت وآخر بتدليك ابنها المعاق كلما صرخ، دون أن يكون هناك أي شيء يقيها حر الصيف اللاهب أو الغبار الذي يظلل المكان من وقت إلى آخر.

هنا في هذا المخيم الذي أعد على عجل، من دون مراحيض أو خزانات مياه، والمحظوظ من بين الفارين إلى هذا المكان، من حصل على خيمة وصلته من الحكومة، مها وأبناؤها الأربعة ينامون على بطانية قديمة، هي كل ما يملكون في وسط الصحراء وظروفها القاسية.

يلخص محمد جاسم خليل، البالغ من العمر 72 عاماً، المشهد بقوله إنه تم التعامل معهم مثل الكلاب، دون ذنب اقترفوه، مشيراً بيده إلى أفراد عائلته الذين كانوا ينامون ولليوم السادس على التوالي في العراء، قبل أن يحصل على خيمة ليقيم فيها مع أفراد عائلته.

يتمنى محمد جاسم خليل لو أن قذيفة سقطت على منزله وقتلته مع أفراد عائلته بدل العيش في هذا الوضع المزري، وسط غياب أي نوع من أنواع الخدمات والرعاية.

مجلس اللاجئين النرويجي وصف أوضاع المخيمات التي وصل إليها نازحو الفلوجة بأنها مأساوية، وأنها تزداد سوءاً كلما فرت أعداد أخرى من المدنيين، خاصة بالنسبة لكبار السن وذوي الإعاقة والنساء الحوامل.

يقول نصر مفيلحي، مدير مجلس اللاجئين النرويجي في العراق، إن الوضع يتدهور يوماً بعد آخر، والناس سوف تموت في وسط الصحراء؛ نتيجة تأخر الاستجابة لحاجات النازحين الضرورية ونقص التمويل.

الأمم المتحدة كانت قد أعلنت في وقت سابق أنها تعاني من نقص شديد في التمويل؛ لأنها تتعامل مع عدد غير مسبوق من النازحين في العالم، حيث ناشد مسؤولون في الأمم المتحدة توفير 17.5 مليون دولار لتقديم معونات عاجلة لأهالي الفلوجة النازحين.

ورغم أن حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، قد أعلن عن استعادة مدينة الفلوجة بعد أكثر من شهر من انطلاق العملية العسكرية فيها، إلا أن المعارك ما تزال متواصلة بعد أن تأكد أن القوات العراقية لا تسيطر إلا على ثلث المدينة.

بالإضافة إلى سوء الأوضاع الإنسانية للفارين من الفلوجة، فإن ما أقدمت عليه السلطات العراقية من اعتقال الرجال الفارين من المدينة وإبعادهم عن عوائلهم زاد من مأساوية الأوضاع.

تقول سيدة فلوجية إن القوات العراقية اعتقلت زوجها وابنها البالغ من العمر 17 عاماً وما يزالان رهن الاحتجاز، وتضيف: "إذا كانت الحكومة لا تريد أن تساعدنا فعلى الأقل فلتطلق سراح رجالنا، هربنا من داعش والتفجير والجوع ووجدنا ما هو أسوأ".

جيريمي كورتني، مسؤول إحدى المنظمات الإغاثية العاملة هناك، قال للواشنطن بوست إن ما يجري مع نازحي الفلوجة يمثل فشلاً حكومياً ودولياً؛ لأن الجميع لم يفعل ما يلزم القيام به.

ويضيف أن معركة الفلوجة انطلقت لحفظ ماء وجه الحكومة، كانت سريعة، وكان الجميع يعلم أنه سيكون هناك نزوح جماعي من المدينة، إلا أن قرار المعركة السريع لم يعط مجالاً للاستعداد لاستقبال النازحين.

من جهته، قال برونو جيدو، ممثل وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق، إنه لم يكن بالإمكان الاستعداد لإيواء أعداد بهذا الحجم، فالمخيم الذي أقامته الأمم المتحدة لا يستوعب أكثر من 16830 شخصاً، والحاجة الفعلية اليوم إلى نحو 20 مخيماً كبيراً.

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت