<< اليمن احتلت المركز الثاني عالميا عام 2016 في إحصائية دولية لجرائم «قتل الإعلاميين»
<< زعيم عصابة الحوثيين: الصحافيين «خونة».. ويجب أن يكون هناك عمل في مواجهتهم
<< منظمة بلجيكية: بعد استيلاء «الحوثيين» على السلطة أصبح العمل الصحافي في اليمن «مغامرة خطرة»
تقرير – غازي أحمد
لم تترك جماعة «الحوثي» الإرهابية منذ انقلابها على الشرعية في سبتمبر من عام 2014، فئة من فئات الشعب اليمني إلا واستهدفتها، سواء بالتقتيل أو التشريد أو التهجير، ومن ذلك الصحافيون اليمنيون الذين اكتووا بنيران الانقلاب المدعوم من ملالي إيران.
واحتلت اليمن بعد نحو عامين فقط من الانقلاب الحوثي، وتحديدا عام 2016، المركز الثاني عالميا في إحصائية لـ «الاتحاد الدولي للصحافيين» بشأن الدول التي شهدت أكبر عدد من جرائم القتل للصحافيين والإعلاميين، متساوية مع العراق بعدد 10 صحفيين قتلوا خلال عام 2015.
الحوثي: الصحافيين «خونة»!
في خطبة أذيعت على الهواء مباشرة في أكتوبر 2015، وصف عبد الملك الحوثي زعيم عصابة الحوثيين الصحافيين بأنهم «خونة»، مهددا بأنه «يجب أن يكون هناك عمل في مواجهتهم».
هذه الخطبة غير المسبوقة عالميا، دفعت «الاتحاد الدولي للصحافيين» لإرسال خطاب رسمي إلى عبد الملك الحوثي، حمّلته فيه «المسؤولية شخصيًا عن سلامة الصحافيين اليمنيين»، محذره من مهاجمتهم، ومؤكدة أن «الاعتداء على الصحفيين هو خرق للقانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان».
وأرسل «الاتحاد الدولي» في حينها نسخة من الرسالة إلى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن إسماعيل ولد الشيخ، طالبه فيها بأن يستخدم سلطة الأمم المتحدة الكاملة والقانون، وأن يضع نفوذ الأمم المتحدة الدبلوماسي للمساعدة في مواجهة المخاطر التي يواجهها الصحافيون في اليمن.
وقال جيم بوملحة، رئيس الاتحاد، «إننا نعتبر هذه التصريحات توجيها مباشرًا لأتباع الحوثي بقتل الصحافيين المستقلين في اليمن، وإننا نطالبكم بإصدار أوامر واضحة لأتباعكم بعدم استهدافهم».
وفي هذا الصدد، أكدت «المنظمة البلجيكية لحقوق الصحافيين» أنه بعد استيلاء مسلحي جماعة الحوثي على السلطة، شهدت الساحة اليمنية العديد من الانتهاكات في حق الإعلام والإعلاميين والصحافيين، جعلت العمل الصحفي في اليمن «مغامرة خطرة»، قد تنتهي بصاحبها في السجن، وسط حالة من انعدام الشفافية، وإصرار مستمر من أجهزة مسلحي الحوثي الأمنية، على استنساخ أساليب القمع، وعودة ممارسات تكميم الأفواه واستهداف الصحفيين، وحجب المواقع الإخبارية الإلكترونية المعارضة لجماعة الحوثي، وأنه لا مكان للصحفيين والإعلاميين إلا لمن يعمل مع مسلحي الحوثي ووفق أجندتهم.
ووصفت المنظمة الوضع في اليمن بعد الانقلاب بأنه «سيئ بكل المقاييس لحرية الصحافة وحرية التعبير، وقد سبب لجميع الصحفيين الخوف أمام هجمة غير مسبوقة وصلت حد القتل والتعذيب واستخدامهم كدروع بشرية أثناء القتال».
صحافة «تحت القمع»
رصدت منظمة «صحفيات بلا قيود» الدولية 208 حالات انتهاك تعرض لها الصحافيون والإعلاميون اليمنيون خلال عام 2016، من بينها 9 حالات قتل، واعتبرته المنظمة «العام الأسوأ ضد حرية الصحافة في اليمن منذ عقود».
وتنوعت الانتهاكات بين قتل واختطاف واعتداء وإصابة وتعذيب وتهديد بالقتل وفصل تعسفي وفصل من الوظيفة العامة، وتوزعت بين 51 حالة للتهديد والاختطاف 35 حالة، وتعرض 27 صحافيا لمحاولة قتل، وتعرض 15 إعلاميا لتعسف وظيفي، فضلا عن خضوع 12 آخرين للتعذيب، وتعرض 12 موقعا إلكترونيا للاعتداء، واقتحام 10 مؤسسات إعلامية، واحتجاز 9 صحافيين، وقتل 9 آخرين، وتقديم إعلامييّن للنيابة والقضاء بسبب عملهما، وتعرض مؤسستيّن إعلاميتيّن للإحراق.
وقال التقرير إن جماعة الحوثي تصدرت قائمة المنتهكين بـ151 حالة، تلاها مسلحون مجهولون بـ23 حالة، مشيرا إلى أنه «عقب استيلاء جماعة الحوثي على القرار السياسي والإداري في العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات، خلال العامين 2014 - 2015 عملت الجماعة على إسكات الأصوات المناوئة لها لأنهم يدركون خطورة الدور الإعلامي والصحافي». ووفقا للتقرير، لا يزال 18 صحافيا في معتقلات وسجون مليشيات الحوثي حتى الآن، يتعرضون للتعذيب الجسدي، وحالتهم الصحية تتدهور يوما بعد يوم.
وطالبت المنظمة في تقريرها بتشكيل لجنة تحقيق في كل الانتهاكات التي وقعت بحق الصحافيين والإعلاميين، مشددا على «ضرورة محاكمة مرتكبي تلك الانتهاكات خصوصا أنها جرائم لا تسقط بالتقادم، ولابد من تقديم مرتكبيها للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع والعادل».
وفي سياق الانتهاكات المستمرة، تم تسجيل اغتيال 4 صحافيين خلال العام الماضي 2017، فضلا عن رصد 65 حالة انتهاك ضد أفراد بينهم صحافيون ونشطاء ومؤسسات إعلامية في خمس محافظات يمنية.
وحمّلت نقابة الصحفيين اليمنيين جهات مختلفة مسؤولية انتهاك حرية الصحافة، أبرزها جماعة الحوثيين. وأكد محمد شبيطة، أمين عام النقابة، أن «سلطة الأمر الواقع في صنعاء (أي الحوثيين) هي السبب الرئيس في إجهاض الصحافة اليمنية، وتقويض أساس العيش والحرية لمئات الصحافيين وعوائلهم».
وأضاف شبيطة في تصريحات مؤخرا أنه «منذ سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء في سبتمبر 2014، أوقفت كافة الصحف الحزبية والمستقلة، واقتحمت مكاتب بعضها وصادرت ما بداخلها، وسيطرت على المؤسسات الإعلامية الرسمية، وحجبت كافة المواقع الإخبارية التابعة لخصومها السياسيين».
وحتى هذه اللحظة، يتعرّض الصحافيون اليمنيون لانتهاكات ومُلاحقات متواصلة، ولم تفلح الإدانات المتكررة التي أطلقتها منظمات وطنية ودولية في وضع حدٍّ للإيذاء المعنَوي والمادّي الذي يُطارد الصحافيين اليمنيين، إذ تتزايد محنة الصحافة والإعلاميين الناتجة عن الحرب الدائرة وتداعياتها على مهنة الصحافة، وهو الأمر الذي يوجب العمل بكل السبل على وقف هذه الانتهاكات الدموية بشكل عاجل.
أرقام
22 صحافيا قتلوا منذ انقلاب الحوثي
6 قتلوا بالقنص المباشر
30 صحافيا نجوا من القتل
33 أصيبوا بجروح بليغة
141 تعرضوا للاختطاف
55 صحافيا تعرضوا للتعذيب
1433 انتهاكا ضد الإعلاميين والسياسيين