الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

الحرس الثوري الإيراني| نشأته وتركيبته وأدواره

في العمق - يوسف عزيزي* | Fri, Jun 17, 2016 2:59 PM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

الحرس الثوري ضليع في تهريب المخدرات وتجارة الجنس، وفي عمليات إرهابية في المنطقة ينفذها فيلق القدس. ولديه محققون ومعذبون في سجن ايفين والسجون الإيرانية الأخرى.

تعود فكرة تأسيس قوات الحرس الثوري الإيراني إلى قبل قيام الثورة الإسلامية في إيران، عندما كان آية الله الخميني في منفاه بباريس. حيث عرض الفلسطينيون المقربون من إبراهيم يزدي، تأسيس قوة عسكرية تقاتل الجيش الشاهنشاهي إذا طال زمن الثورة، كما حدث للثورتين الجزائرية والفيتنامية.

إذ كان يزدي الأمين العام الحالي لحركة حرية إيران المعارضة، من كبار مستشاري الخميني آنذاك. غير أن سقوط الشاه في فبراير 1979 فاجأ الخميني الذي لم يعلم بالخطة إلا بعد شهرين من قيام الثورة. وفي الواقع كان فقدان الثقة بالجيش الشاهنشاهي- رغم كل التصفيات التي شملت قادته وكوادره- الدافع الرئيس للخميني للموافقة على تأسيس قوات الحرس الثوري الإيراني، حيث وبإنشائه قوات برية وبحرية وجوية أصبح ندا للجيش الإيراني. ولم تفلح جميع المحاولات لمزج الاثنين في جيش وطني واحد طوال العقود الثلاثة الماضية.

فالحرس الثوري ومنذ إنشائه يُعدّ مؤسسة أيديولوجية متزمتة، شارك في قمع القوميات غير الفارسية وأصحاب الرأي الآخر، بل وحتى في فرض الحجاب على الإيرانيات في ثمانينات القرن الماضي.

من واجبات قوات الحرس الثوري الإيراني- كما جاء في الدستور الإيراني- “حماية الحكم الإسلامي الوليد ونشر أهدافه في الخارج”. وقد نفّذ الحرس الثوري هذه المهمة بل وتجاوزها، حيث تحولت مهمته في الداخل من حماية النظام، إلى مساندة فئات وتيارات سياسية بعينها على حساب فئات وتيارات أخرى شاركت في الثورة. وقد وصل به الأمر إلى أن يتدخل في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لصالح المحافظين واليمين الديني المتشدد وذلك منذ التسعينات.

وقد عمل الحرس الثوري بجد على القيام بمهمات إرهابية ضد المعارضة الإيرانية في الخارج، وفي دول الجوار، تطورت إلى التدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية ذات سيادة، منها العراق وسوريا ولبنان واليمن. ووفقا لمؤسسيه يمكن رصد 3 مراحل في حياة الحرس الثوري خلال العقود الثلاثة الماضية على النحو التالي:

المرحلة الأولى... استفحال أمر الاستخبارات العسكرية. فخلال الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988) وعندما كان محسن رضائي قائدا عاما لقوات الحرس الثوري، حول قسم استخبارات الحرس الثوري من استخبارات عسكرية إلى استخبارات عامة تقوم بمهام موازية لمهام وزارة الاستخبارات.

المرحلة الثانية... المشاركة في النشاطات الاقتصادية. في عهد الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني (1989-1997) أي بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، سمح المرشد والقائد العام للقوات المسلحة الإيرانية علي خامنئي لقسم الهندسة التابع لقوات الحرس الثوري بالتدخل في الشؤون الاقتصادية حيث بدأ قادة الحرس الثوري بالمشاركة في المشاريع الاقتصادية، تطورت لتصبح هذه المؤسسة العسكرية أكبر مقاول في قطاعات مختلفة من الاقتصاد الإيراني، على رأسها النفط والغاز. إذ دخل العسكر بسلاحه وسلاسله ليزيح منافسيه من القطاع الخاص لتكوّن مجموعة من القطط السمان الصفراء، فئة بيروقراطية في الطبقة الحاكمة في إيران. وقد أعرب رفسنجاني مؤخرا عن ندمه للسماح لقادة الحرس بالمشاركة في المشاريع الاقتصادية، حيث أخذوا ينافسونه في المجال الاقتصادي والسياسي لإبعاده عن السلطة في إيران.

المرحلة الثالثة... استخدام علي خامنئي، الحرس الثوري وقوات البسيج (التعبئة التابعة للحرس) لقمع الحركة الإصلاحية في إيران التي كان قادتها شركاء في الحكم مع خامنئي والفئات المتشددة. وقد بدأت العملية منذ عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي (1997- 2005) وبلغت ذروتها في سحق انتفاضة الحركة الخضراء بقيادة ميرحسين الموسوي ومهدي كروبي عام 2009. إذ قام الحرس الثوري بالتزوير والتلاعب بالأصوات لصالح مرشحه المفضل محمود أحمدي نجاد. وقد ظهر مؤخرا على الشبكات الاجتماعية فيديو سري يتحدث فيه قائد الحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري عن دور ومسؤولية هذه المؤسسة العسكرية في الحيلولة دون صعود أي مرشح ينتمي إلى المعسكر الإصلاحي. ويعود استخدام المرشد علي خامنئي لقوات الحرس الثوري ضد حلفائه السابقين، أي الإصلاحيين، إلى فقدانه لدعم المؤسسة الدينية أولا، والكاريزما ثانيا، خلافا للخميني الذي كان يتمتع بالاثنين. إذ حول الحرس الثوري إلى حزب وميليشيا خاصة به لقمع خصومه السياسيين.

فرغم انحسار قدسية رجال الدين لدى الحرس الثوري خلال العقود الثلاثة الماضية، غير أن هناك نوعا من التوازن يحكم العلاقة بين الحرس الثوري والمرشد علي خامنئي القائد العام للقوات المسلحة. وللأسباب التالية يتمتع خامنئي باليد العليا والسيطرة على قوات الحرس الثوري:

أولا، لم يسمح لأي قائد لهذه القوات بالمكوث في منصبه إلا لمدة خمس سنوات إلا إذا لم يشعر بوجود خطر يهدد سلطته العسكرية. وعادة يقوم خامنئي بتغيير قادة القوات البرية والبحرية والجوية التابعة للحرس الثوري كلما شعر بخطر داهم، حيث لديه ممثلون من رجال الدين في كل أقسام الحرس الثوري والجيش، يُعتبرون أعينا له.

لم تعرف إيران سجلا حافلا بالانقلابات العسكرية بل لم تشهد الساحة السياسية الإيرانية- لا في العهد الملكي ولا الجمهوري- أي انقلابات عسكرية ناجحة كتلك التي شهدتها مصر وسوريا والعراق وتركيا وباكستان. لذلك ولعدم وجود تقاليد انقلابية عسكرية، ووجود مؤسسة عسكرية منافسة للحرس الثوري أي الجيش النظامي، يستبعد أن يقوم الحرس الثوري بانقلاب عسكري ضد خامنئي. إذ يتم التعويل عادة في إيران على الحركات الثورية أو الإصلاحية لإحداث تغيير في السلطة السياسية في البلاد.

يجب أن نأخذ بالاعتبار التركيبة القومية للحرس الثوري الذي فتح أحضانه عند تأسيسه للفرس والأذريين والعرب باعتبارهم شيعة. فيما تم استبعاد البلوش والأكراد باعتبارهم سنة إلا القليل منهم، خاصة وأن الأكراد كانوا حتى عام 1984 يخوضون حربا دامية ضد القوات الحكومية، ولاسيما الحرس الثوري الإيراني في إقليم كردستان إيران. وقد لعب الأذريون دورا هاما خلال الحرب العراقية الإيرانية ورفدوا جبهات القتال بالقوة البشرية. كما ساعد وجود العرب الأحوازيين في صفوف الحرس الثوري في استعادة القوات الإيرانية لبعض المناطق التي فقدتها في إقليم عربستان، أو في تقدم هذه القوات في بعض المناطق العراقية المحاذية للإقليم بسبب معرفة الأحوازيين الجيدة للتضاريس والاهوار والسهول التي دارت فيها الحرب الضروس بين إيران والعراق.

لكن الصحوة القومية بين الشعوب غير الفارسية في التسعينات، أثرت سلبا على تصور القيادة السياسية الإيرانية، حيث أخذت تحدّ من وجود القادة الأذريين في أعلى هرم الحرس الثوري خوفا من أن يلعبوا دورا لصالح الحركة القومية الأذرية في حال تأزمت الأمور بين النظام الإيراني والشعب الأذربيجاني والأتراك في إيران الذين يشكلون نحو ثلث سكان البلاد. فالأذريون يتذكرون أنه كان لهم جنرالات كبار في جيش الشاه، ويقارنون ذلك مع الوضع الراهن.

وقد تحول الحرس الثوري إلى أخطبوط، إذ يصفه أحد مؤسسيه، المنشق حاليا محسن سازغارا، بالمؤسسة الغريبة والعجيبة في عملها ونشاطها فيقول: «بدأ الحرس الثوري بالنشاط الاقتصادي، ومن ثم النشاط السياسي وتحول إلى مؤسسة غريبة لا مثيل لها في العالم. فهو يماثل الجيش الأحمر الروسي، لكنه وفي نفس الوقت يعمل كالـ«كا جي بي». الحرس الثوري يعمل من جهة كـ«تراست» رأسمالي على النمط الغربي، وفي نفس الوقت ينشط كعصابة مافياوية. فهو ينتج السلع من «ميكرو تشيب» إلى «الجرارات». لكن سازغارا نسي أن يشير إلى صنعه للصواريخ العابرة الباليستية، وأنواع أخرى من الأسلحة.

ويضيف: «الحرس الثوري ضليع في تهريب المخدرات وتجارة الجنس، وفي عمليات إرهابية في المنطقة ينفذها فيلق القدس. ولديه أقسام ومحققون ومعذبون في سجن ايفين والسجون الإيرانية الأخرى. وهو يمتلك وكالتي أنباء «فارس» و«تسنيم» وله دور نشر تُصدر الصحف والكتب. كما تطاول إلى قطاع السينما وقام بتأسيس قوات التعبئة (البسيج) كفرع يقوم بقمع المناوئين للنظام. أي أن حضوره كان في أي مدينة وقرية وأي مكان ودائرة وشركة».

               *كاتب أحوازي

          يوسف عزيزي

 

المصدر|صحيفة العرب (لندن)

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت