الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
الناظر للواقع المعاصر يجد أم قضية الثبات على الدين تشغل بال كثير من الناس خاصة الشباب والدعاة منهم بل أصبح الأمر محل مدح أو قدح فيقولون فلان ثبت على الدين وفلان تخاذل عن الدين وهنا كان يجب أن نبحث ونعيد التفكير في قراءة هذه الأدبيات الحاكمة لقضية الثبات أو الإنتكاسة أو الخذلان التي جعل البعض منا مفاهيمه الخاصة حاكمة لقواعد كلية عامة أصلتها الشريعة الإسلامية لإدارة الواقع أو قراءة التاريخ أو استشراف المستقبل ، حتى لا يكون الشوق للثبات على الدين عبارة عن شوق للثبات على رؤية من نحب أو الخوف من الإنتكاسة أو الإنكسار يدعونا لجعله سمتاً لكل مخالف لنا لمجرد تنوع في رؤية أو خلاف في تصور حدث معاصر .
الثبات في مواجهة المحن أو الثبات على الدين:
هي صفة الأنبياء والعلماء والصالحين والدعاة وهي نعمة يمن الله بها على من يشاء من عباده .
الثبات على الحق لا يعني الجمود في المواقف وعدم قبول المتغيرات أو ترك المستجدات التي يفرضها الواقع أو طبيعة المرحلة .
الثبات على الحق ليس هجر لفرضية الإحتمال في ملازمة الخطأ في التصور والرؤية المعاصرة . الثبات ليس استنساخ للعصمة أو التسويق للعجز التام في حياة الأجيال المعاصرة ، الثبات على الدين ليس معناه استدعاء العصمة لرؤية معينة في حدث سياسي معين . الثبات على الدين ليست هجراً لمعايير الربح والخسارة أو الخير والأخير أو الشر والأشر منه .
الثبات على الدين ليس توظيفاً للتاريخ والواقع للدفاع عن رؤية شيخ أو مجلس إدارة أزمة معاصرة.
الثبات على الدين ليس استكانة أمام القدر بالإستسلام المطلق الذي من توابعه هجر مفاهيم التغيير للأفهام وموضع الأقدام ومن ثم يدوم الإقدام على النصر أو تقليل حجم الخسارة أو مظاهرها في الواقع المعاصر.
الخذلان والإنتكاسة وعدم الصبر وعدم الثبات على الدين ليس من أدبياته هجر الرؤى المحدثة أو المفاهيم المتجددة في تقييم الأحداث المعاصرة فليست كل تضحية ثبات فربما تكون عجز عن الوصول لآليات الإدارة الفاعلة لتحقيق مظاهر الخير أو دلالات الثبات على المراد المحمود شرعاً وعقلاً والذي به تقل نسبة التضحيات أو تنحصر في الواقع المعاصر .
فالحق قد يكون في رفع آثار الباطل الخالص عن الجماهير ، وقد يكون رفع جزء من الباطل الخالص أو الباطل الجزئي عن الجماهير.
وقد يكون الحق في محاولة منع تعرض المجموع الكلي لأبناء المجموعة الإسلامية لمحرقة شاملة خاصة إذا فقدت آليات الصيانة أو تربت على الجزئية في العمل الدعوي أو السياسي أو الإقتصادي أو الإجتماعي .
و يكون الأمر باطلاً خالصاَ إذا كان فيه تبرير لجاهلية العلمانية في سلوكياتها الغاشمة ضد أبناء الأمة أو الحركة الإسلامية .
ويكون الأمر باطلاً خالصاً إذا جهلت القيادة الإسلامية معأايير التقييم للواقع ومن ثم أرادت بمفاهيمها حصرية الحق وحراسة عجزها في إدارة مشهد أو حدث أو أزمة معاصرة .
ويكون الأمر باطلاً خالصاً إذا انقلبت المفاهيم وأصبح الأمر تسويغ لاستمرار الطغيان كمن لم يكتفي بأكل لحم الميتة فصنع مصنعاً لتصديرها!
وهذا هو عين الخلل فمن عاش الإضطرار لم يؤسس منهجاً لنصرة الإقكار والمفاهيم الضرار .
ماذا نريد بالثبات على الدين ؟
هل هو الثبات على النص الشرعي المقدس أم الثبات على الفهم الغير مقدس من أفهام المعاصرين ؟ هل هو الثبات على فهم الجيل الأول جيل الصحابة أم الثبات على اختيارات المعاصرين ؟ هل هو ثبات على نقاط خلاف التنوع أم الثبات على مفردات حاكمة لأصول خلاف التضاد ؟ هل الثبات على الدين من توابعه جهل موازين القوى بين أهل الحق وأهل الباطل ؟
ماذا نريد بالدين ؟
الدين أم الرؤية المذهبية التي لها ما يوازيها ؟ الدين أم الرؤية السياسية في حدث معين ؟ الدين أم الإجتهاد البشري لفهم تاريخ أو واقع أو منهج عمل في المستقبل ؟ الدين أم إجماع مجلس إدارة حزب أو جماعة أو إئتلاف جماعات متعددة تشكل طيف من الأمة ولا يمكن أن تختزل الأمة في تصورها أو رؤيتها ؟
المألات وقضية الثبات على الدين :
هل من الثبات على الدين جهل قضية مألات الإجتهادات المعاصرة في الواقع السياسي ؟ هل من الثبات على الدين جهل مألات التفرق أو التعدد لأطياف أهل الحق والسنة ؟ هل هو هجر لعبر التاريخ ومستجدات الواقع وطبيعة فهم المتغيرات الحادثة ؟